هنا تبرز عبقرية المكان حيث استطاع بجهد خالص من سكانه أن يجمع بين الطابعين الأثرى والشعبى وهو ما تعكسه تلك الصور المتناقضة: بيوت أثرية وجاليرى وبيت عود يتوسطها مقهى بلدى يقدم الشيشة لرواده وإن حافظ على أصالة المكان بسماعات ضخمة ينبعث منها صوت سيدة الغناء العربى أم كلثوم تشدو بروائعها. هذا التناقض الذى اعتاده أهالى منطقة الأزهر والحسين بمقاهيها وبيوتها الأثرية كان مقهى «الخاتون» أبرز معالمه حيث استغل أصحابه اسم جاليرى تابع لمركز الإبداع وأطلقوا اسمه عليه، كما استغلوا تلك الساحة الفاصلة بين بيت العود أو الهراوى وبين سبيل الست وسيلة وبيت زينب خاتون وفرشوا كراسى وقعدات عربية وجهزوها كمقهى يتم إعداد الشيشة والمشروبات فى الشارع وفى مدخل أحد البيوت الأثرية وتحميهم طبيعة المكان من هجوم رجال شرطة المرافق عليهم ومصادرة مقهاهم المحمول لأن وصول أى أمين شرطة إلى المنطقة تسبقه إخبارية، كما أن العمل الرسمى للمقهى لا يبدأ قبل السادسة مساء. صاحب المقهى من أهالى المنطقة يسكن فى المنزل الملاصق لبيت العود، لم ينتبه إلى المكان سوى مؤخراً، عندما بدأت وزارة الثقافة فى الاهتمام بالبيوت الأثرية هناك، حيث لاحظ زيادة فى إقبال الأجانب على زيارة هذه البيوت، فقرر تحويل الساحة إلى مقهى. المكان بكل تفاصيله وحتى ساحته يتبع مركز الإبداع فى الأوبرا ويعلم كل مسؤولى المركز بأمر المقهى المقام منذ أكثر من عامين لكن لا أحد يتحرك لإغلاقه أو تقنين وضعه ومنع تدخين الشيشة فيه لخطورتها على المكان برمته، وهو ما برره خالد محيى الدين مدير مركز الإبداع: «نعلم بأمر المقهى ولسنا سعداء به خاصة أنه فى مدخل ساحة الهراوى ويتوسط عدداً كبيراً من البيوت الأثرية فى المنطقة»، وقال:مالناش علاقة بالمقهى لأنه ملك لأحد أهالى المنطقة، ومحدش فينا يقدر يحاسبه لأنه فارش تحت بيته، وحكاية حصوله على ترخيص بالمقهى ليست من اختصاصنا إنما هى مسؤولية الحى وشرطة المرافق وأضاف: «من ناحيتنا طلبنا من صاحب المقهى منع تدخين الشيشة أثناء الحفلات خاصة التى كانت تقام فى ساحته فى رمضان لكن هنعمل إيه إحنا مش موجودين 24 ساعة، وحتى لو موجودين إزاى نحكم الموضوع ده؟!». خالد اكتشف أن عدداً كبيراً من المثقفين من رواد المقهى يدخنون الشيشة وتساءل: «إذا كان المثقف اللى فاهم أول واحد بيشرب الشيشة إزاى أمنع صاحب المقهى إنه يقدمها؟!»