صعدت بي نظير بوتو زعيمة حزب الشعب الليبرالي رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة من انتقاداتها للرئيس الباكستاني برويز مشرف داعية الي انتفاضة شعبية واسعة احتجاجا علي فرض حالة الطوارئ في البلاد ووقف العمل بالدستور واعتقال مئات من النشطاء والمحامين والمعارضين السياسيين في الآونة الأخيرة. وفي الوقت نفسه أعلنت بوتو انها لاتستطيع العمل مع شخص قام بتعليق الدستور وفرض حالة الطواريء وقمع السلطة القضائية في إشارة إلي مشرف وأضافت بوتو أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة غير ممكنة في ظل الطواريء. وكانت بوتو تعتزم تنظيم مسيرة مع مؤيديها من لاهور إلي العاصمة إسلام أباد أمس الأول وسط تحذيرات من المسئولين أنهم سيمنعون هذه المظاهرة نظرا لأن التجمعات محظورة بموجب إجراءات الطواريء. وكانت بوتو قد حذرت قائلة إننا سنتظاهر بأعداد لن تتسع لها السجون فإن الشرطة الباكستانية قررت في وقت لاحق احتجازها لمدة سبعة أيام لمنعها من تنظيم المظاهرة. ويري مراقبون أن الرئيس الباكستاني برويز مشرف قد ضرب بعرض الحائط باتفاق تقاسم السلطة الذي أبرمه مع بوتو تحت رعاية أمريكية والذي يتخلي بمقتضاه مشرف علي قيادة الجيش مقابل أن تتولي بي نظير بوتو منصب رئيس الوزراء إثر انتخابات برلمانية تجري في يناير المقبل علي أن يقف الاثنان الرئيس ورئيسة الوزراء جبهة واحدة تساند الجيش في مهمته لتطهير مناطق القبائل من النفوذ المتزايد لطالبان والقاعدة. والواضح أن بي نظير بوتو قد حسمت أمرها وانضمت بحزبها الي المعارضة ضد حكم برويز مشرف العسكري وأصبحت بذلك جزءا من الحركة المناهضة للحكم العسكري وذلك بدلا من أن تفكك حزبها ازاء امكان التعاون مع الرئيس مشرف. والمعروف أن بوتو تولت رئاسة الوزراء للمرة الأولي عام1988 وكانت أول امرأة باكستانية تصل لهذا المنصب وكان عمرها حينئذ35 عاما. ويذكر أن بوتو تحظي بتأييد الولاياتالمتحدة والقوي الغربية الأخري وساعدها ذلك في التوصل بسرعة لاتفاق تقاسم السلطة مع مشرف. وقد تعرض موكب بوتو لاعتداء أودي بحياة39 شخصا. ومن جانبه, قال مشرف الذي عزا إعلانه حالة الطوارئ الي تزايد التشدد وما وصفه بالقضاء المناوئ إن باكستان تحتاج الي وقت لبلوغ مستوي الديمقراطية التي يعيشها الغرب. أما بوتو فقد وصفت إعلان حالة الطوارئ بأنه سيؤدي الي تشجيع المتطرفين وتقوية صفوفهم وأكدت أنه من الأهمية بمكان إعادة العمل بالدستور وإعادة حكم القانون والافراج عن المعتقلين السياسيين والعودة عن الخطوات التي اتخذت ودعت المجتمع الدولي الي الضغط علي مشرف للعودة عن قراره معربة عن اعتقادها بأنه يرغب في تأخير موعد الانتخابات التشريعية المقررة في يناير. وفي غضون ذلك, اعتبرت وزارة الخارجية الباكستانية أن قرار فرض حالة الطوارئ شأن داخلي رافضة موجة الادانات الصادرة عن المجتمع الدولي. وكانت الولاياتالمتحدة قد صعدت لهجتها من خلال تهديدها باكستان بإعادة النظر في علاقتها معها وحث الرئيس الأمريكي جورج بوش, مشرف, علي إنهاء حالة الطوارئ وإعادة الديمقراطية بأسرع وقت ممكن,وفي الوقت نفسه أعلنت الخارجية الأمريكية أن العلاقات الأمريكية مع باكستان قد لا تبقي علي ما هي عليه إلا اذا تراجع مشرف فيما دعا البيت الأبيض مشرف الي التخلي عن الزي العسكري كقائد للجيش والافراج عن المحتجزين مؤكدا أن المساعدات الأمريكيةلباكستان تخضع للمراجعة. إ لا أن فريقا من المراقبين يرون أن الولاياتالمتحدة لن تقوم بأكثر من الادانة الشفوية ولن تصل لمرحلة التهديد بفرض العقوبات وذلك في ظل تخوفها المستمر من أن تنتقل القنبلة النووية الإسلامية الي أيدي من تصفهم واشنطن بالمتشددين في باكستان. واللافت للنظر, أن الخطوات التي اتخذها مشرف من شأنها أن تطيل من عمر نظامه لفترة غير أنها ستزيد حالة الاحتقان القائمة حاليا في الشارع الباكستاني حيث سيزداد غضب الإسلاميين والمعارضين الليبراليين وكلاهما علي عداء مع مشرف.. ويري البعض علي خلاف الرأي السالف ذكره, أنه في ظل هذا الوضع ستزداد حاجة مشرف الي التحالف الذي أبرمه مع رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو. وهكذا, عادت باكستان لتجذب انتباه العالم مجددا نتيجة احتدام الصراع واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي التي تصاعدت الي حد تردد أنباء عن احتمال وقوع انقلاب عسكري قد يطيح بالرئيس مشرف خاصة في ظل انقسام الجيش وشيوع ظاهرة عصيان الأوامر.