فى ظل استمرار الأزمة السياسية وتدهور الأوضاع الأمنية فى باكستان واصلت المعارضة الباكستانية احتجاجها على سعى الرئيس الباكستانى برويز مشرف للفوز بفترة رئاسية جديدة خلال الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم 16 أكتوبر المقبل .. وردد المتظاهرون ومعظمهم من تحالف الأحزاب الدينية ومؤيدو رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف هتافات معادية لمشرف ومؤكدين أن نضالهم سيستمر حتى إنهاء ما أسموها بالديكتاتورية، وقد جاءت هذه الاحتجاجات فى الوقت الذى بدأت فيه جلسات استماع للالتماسات المقدمة من المعارضة بشأن مدى قانونية ترشيح مشرف لفترة رئاسة جديدة واحتفاظه بمنصبه كقائد للجيش ورئاسة البلاد، حيث من المنتظر أن تصدر المحكمة العليا الباكستانية حكمها فى هذه الالتماسات الأسبوع المقبل . وقد وصف المراقبون القرارات التى اتخذها الرئيس الباكستانى الجنرال برويز مشرف بإجراء عملية ترقيات وتعيينات فى صفوف القوات المسلحة بأنها تهدف إلى إعداد المسرح العسكرى ليتمكن مشرف من إدارته عن بعد ومن خلال موقعه كرئيس للجمهورية بعد تخليه عن منصب رئيس القوات المسلحة الباكستانية .. كما توقع المحللون أن تجبر المحكمة العليا الرئيس مشرف على التخلى عن منصبه العسكرى، الذى يقول إنه جزء من جلده وليس أمام مشرف إلا أن يضع رجاله ذات الثقة على رأس السلطة العسكرية ليتمكن من إدارة الأوضاع من مكتبه الرئاسى، وذلك حسب رأى المحللين، وقد جاءت هذه التغييرات التى استهدفت وضع قيادة الجيش فى يد جماعة من أخلص أنصار مشرف بعد أن تعهد الرئيس الباكستانى برويز مشرف للمحكمة الاتحادية العليا بالتنحى عن منصبه كقائد للقوات المسلحة إذا أعيد انتخابه رئيساً للبلاد . وقد اكتسبت القرارات التى اتخذها مشرف فى صفوف الجيش أهمية بالغة نظراً لأن مشرف كما يرى المحللون يمر بإحدى أضعف مراحله منذ وصوله إلى السلطة بعد انقلابه العسكرى فى أكتوبر عام 1999 على رئيس الحكومة السابق نواز شريف، حيث كان الرئيس مشرف رئيساً لأركان الجيش الباكستانى فى ذلك الوقت... وجاءت هذه التغييرات . وكان حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية الحاكم قد أعلن أن الرئيس مشرف يعتزم التخلى عن منصبه كقائد عام للجيش ليصبح زعيماً مدنياً بعد انتخابه رئيساً قبل 10 نوفمبر المقبل، مُشيراً أن مشرف سيلتزم بالدستور ويستقيل من قيادة الجيش قبل نهاية 2007، وقد احتفظ الجنرال مشرف بقيادة الجيش منذ استيلائه على السلطة فى انقلاب عسكرى عام 1999 على الرغم من دعوات المعارضة بالتخلى عن المنصب العسكرى، وسيضعف التخلى عن قيادة الجيش حسب رأى المحللين من سلطة مشرف فى دولة حكمت عسكرياً لمدة تزيد عن نصف عمرها منذ قيامها قبل 60 عاماً، كما سيكون ذلك تحولاً كبيراً لرجل أمضى سنوات عمره عسكرياً، حيث يصف زيه العسكرى بأنه كجلده . ويتمتع حزب الرابطة الإسلامية الحاكم وحلفاؤه بأغلبيته فى البرلمان، فيما يعرف العديد من أعضاء الائتلاف الحاكم عن تحفظهم حيال إعادة انتخاب مشرف، وهو لا يزال بالزى العسكرى كما هدد ائتلاف لأحزاب المعارضة بالاستقالة من البرلمان إذا استمر مشرف فى الاحتفاظ بالمنصبين معاً، ويرى أنه على الرغم من ذلك لن يؤثر انسحاب المعارضة من البرلمان فى الانتخابات لكنه سيتعلل من مصداقيتها . وكانت رئيسة الوزراء السابقة ورئيسة حزب الشعب الباكستانى المعارض بينظير بوتو قد حذرت الرئيس مشرف من الاستمرار فى الاحتفاظ بمنصبه العسكرى وذلك قبل اتخاذ أى قرار حو ل تقاسم محتمل للسلطة بينهما وتطبيق سلسلة من الاصلاحات السياسية قبل نهاية العام الحالى، مُشيرة إلى أنها ستعود إلى باكستان قبل نهاية العام وستعمل مع أحزاب المعارضة الأخرى لإعادة الديمقراطية فى باكستان وترفض بوتو بشكل قاطع عقد صفقة مع الرئيس مشرف إلا إذا تخلى عن منصبه العسكرى كقائد للجيش الباكستانى . وقد شهدت العاصمة الباكستانية إسلام أباد ومدن باكستانية أخرى فى السابق مظاهرات غاضبة نظمها نشطاء المعارضة الباكستانية، وذلك بعد أن أقدمت الحكومة على إعادة ترحيل نواز شريف زعيم حزب الرابطة الإسلامية المعارض ورئيس الحكومة السابق إلى منفاه بالسعودية بعد وصوله إلى باكستان فى العاشر من سبتمبر الحالى، وقد لجأت أحزاب المعارضة الباكستانية فى ذلك الوقت إلى المحكمة الاتحادية العليا ضد تصرفات الحكومة الباكستانية التى قامت بإعادة ترحيل نواز شريف مرة أخرى إلى المنفى ومنعته من دخول البلاد . وعلى صعيد آخر طالب الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية الجنرال " أنتونى زينى" الولاياتالمتحدة بدعم رجلها فى باكستان الذى قال إنه كان صامداً فى حربه على الإرهاب، وفى مؤازرة الولاياتالمتحدة فيما أسماه بأزمة الألفية، مُشيراً أن مشرف تعاون وتجاوب مع الولاياتالمتحدة فى كل الأوقات منذ بداية الحملة على الإرهاب فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر على واشنطن ونيويورك، ورأى أنتونى زينى أن واشنطن لن تجد حليفاً كاملاً أو معصوماً وعليها أن نعترف بالثمن الذى دفعه الجيش الباكستانى فى معركته وأن تعترف بما أسماه بالشجاعة السياسية التى تحلى بها مشرف فى شنه لهذه الحرب على الرغم من عدم قبول الكثير من الباكستانيين بها باعتبارها ليست معركتهم . فهل يخلع الرئيس مشرف جلده العسكرى بعد ضمان مقعدهً للرئاسة وذلك بعد الضغوط الداخلية المكثفة عليه وتدخل باكستان مرحلة جديدة من الهدوء النسبى بعد تدهور الأوضاع الأمنية فى الفترة الأخيرة وحالة السخط الشعبى من أداء الحكومة فى التعامل مع الملف الأمنى .. أم أن الأمور ستستمر فى التصاعد حتى ولو تخلى مشرف عن زيه العسكرى، حيث أن أهم مطالب المعارضة هوعدم ترشيح مشرف لفترة رئاسية جديدة ويترك السياسيين للقيام بدورهم فى قيادة البلاد . 22/9/2007