** بالرغم من أن اسرائيل تحاول منذ قيامها وحتي الأن أن ترسم لنفسها صورة الدولة المتميزة والمتقدمة وسط عالم متخلف في الشرق الأوسط الا أن التقارير التي صدرت من اسرائيل نفسها مؤخرا كشفت عن الوجه الآخرالأسود غير الظاهر للدولة الاسرائيلية ومؤسساتها والخاص بملف الجريمة المنظمة.حيث زاد حجمها بشكل كبير منذ تسعينيات القرن الماضي حتي أن شبكة بي بي سي الاخبارية وصفتها بأنها صناعة مزدهرة في اسرائيل. ولا يقتصر نشاط المافيا الاسرائيلية علي حدود دولة اسرائيل بل امتد نشاطها الي دول كثيرة في الخارج من بينها الولاياتالمتحدة. وطبقا لما ذكره تقرير للشرطة الاسرائيلية فإن من بين الأشكال الرئيسية للجريمة المنظمة في اسرائيل اليوم تهريب المخدرات وتجارة الرقيق لأغراض الدعارة وألعاب القمار غير المشروعة وغيرها من الجرائم الأخري وذكرت تقارير ومصادر اسرائيلية أخري انتشار تجارة الكوكايين والهيروين والحشيش بالإضافة إلي أن اسرائيل اصبحت مركزا لغسيل الأموال. وبالرغم من الاتهام الدائم للفلسطينيين بتهريب السلاح إلا أن ذلك يعد من مظاهر الجريمة في اسرائيل حيث تعد عمل مشتركا بين الفلسطينيين والعصابات الاسرائيلية. وتقول دراسة للدكتورة دينا سيجال مديرة معهد أمريكا اللاتينية التابع للجنة اليهودية الأمريكية في واشنطن وهي إحدي جماعات القوي اليهودية في الولاياتالمتحدة أنه بالرغم من أن هناك فلسطينيين متورطون في بعض أشكال الجريمة المنظمة في اسرائيل إلا أنه لا يجب أن نستخلص من ذلك أنهم أصحاب اليد العليا في هذه الجرائم. وكانت الجريمة قد انتشرت بشكل كبير بين المراهقين الاسرائيليين في المدارس وهو ما أصبح يمثل مشكلة داخل المجتمع الاسرائيلي. وقد أشارت دراسة أجراها كل من تي. هوروردس وم. عامير سنة1981 إلي أن الأشكال الثلاثة الرئيسية للجريمة في المدارس الاسرائيلية تتمثل في السرقة وإقتحام المباني والحرق العمد. وبالرغم من أن المتحدث بإسم قوات الشرطة الاسرائيلية جيل كليمان نفي أن تكون عصابات الجريمة المنظمة قد تسللت إلي مؤسسات الدولة إلا أن هناك واقعة تكذب ما ذكره كليمان وهي إلقاء القبض عام2004 علي الوزير السابق في الحكومة الاسرائيلية جونين سيجيف لمحاولة تهريب آلاف من الأقراص المخدرة من أمستردام وهو ما يعني أن عناصر من المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة متورطة في الجريمة المنظمة. أما بالنسبة لإتساع نشاط المافيا الاسرائيلية خارج حدودها فقد اكتشفت في أواخر الثمانينات في مدينة نيويورك منظمة يهودية للجريمة متورطة في نشاطات للاتجار في المخدرات من خلال استيراد الهيروين من أمستردام وتايلاند والحشيش من تركيا. وقد تم إغتيال زعيم هذه المنظمة جوني أتياس في عام1990 ويومها انقسمت المافيا الاسرائيلية علي نفسها وإكتشف أيضا أن المافيا الاسرائيلية متورطة في تهريب الأقراص المخدرة إلي الولاياتالمتحدة. وبخلاف ذلك فقد تكونت مافيا خطيرة من اليهود الروس الذين هاجروا إلي اسرائيل أثناء الهجرة الجماعية لليهود الروس بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي عام1989 وأصبحوا يشكلون عالما خاصا للجريمة المنظمة تطور سريعا بعد أن شجعتهم' سياسة التسامح' من جانب اسرائيل في التسعينيات رغبة في زيادة هجرة اليهود الروس إلي اسرائيل وقد قامت عصابات الجريمة الروسية في اسرائيل بإنشاء شبكات تعمل في مجالات تجارة المخدرات والدعارة الإتجار بالبشر مازالت موجودة إلي اليوم ولديها علاقات تعامل مع المافيا الروسية نفسها. وتقول التقارير أن اسرائيل أصبحت منطقة جذب لزعماء الجريمة المنظمة بعد عام1989 لعدة أسباب أولها أن المافيا الروسية وجدت أن اسرائيل مكان مثالي لغسيل الأموال وأن النظام المصرفي الاسرائيلي لا يفرض قيودا علي حركة أموالهم وثانيها عدم وجود تشريع يحرم غسيل الأموال حيث قدرت الشرطة الاسرائيلية في عام2005 أن الجريمة المنظمة الروسية قامت بغسيل ما يتراوح بين خمسة وعشرة مليار ات دولار خلال خمسة عشر عاما منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. والسبب الثالث أن كثيرين من زعماء الجريمة الروسية اليهود كانوا يحصلون عقب وصولهم إلي اسرائيل علي جوازات سفر اسرائيلية تحدد صفتهم بإعتبارهم رجال أعمال مما ساعدهم في أعمالهم الإجرامية. إن اسرائيل ترفع دائما واجهة براقة لنفسها أمام العالم علي انها الدولة الديمقراطية المتقدمة وسط عالم من الدول المتخلفة في حين أن هذه التقارير ومعظمها تقارير اسرائيلية تكشف حقيقة اسرائيل كدولة ينتشر فيها الفساد والجريمة المنظمة والتي أصبحت كيانا كبيرا وخطيرا داخل هذه الدولة إلي الدرجة التي جعلت البعض يصفها بالصناعة المزدهرة.