يشكو الأمريكيون من تجاهل المسئولين العراقيين للدور الذي لعبته القوات الأمريكية في استعادة أمن العراق وخفض معدلات العنف إلي حدها الأدني علي امتداد العامين الأخيرين, وإصرارهم علي نسبة الفضل بأكمله إلي القوات العراقية, كما يشكو الأمريكيون من المعاملة الخشنة لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي لم يحاول توجيه الشكر للقوات الأمريكية في أي من كلماته بمناسبة انسحابها خارج المدن العراقية الذي اعتبره المالكي عيدا لاستقلال العراق وجلاء القوات المحتلة. وبرغم تزايد معدلات أعمال العنف وتصاعد عمليات التفجير عقب انسحاب القوات الأمريكية, خصوصا في بغداد والموصل, حيث سقط المئات من القتلي, يصر رئيس الوزراء العراقي علي أن العراق قادر من الآن فصاعدا علي أن يحفظ أمنه اعتمادا علي قواته, ويستغني عن القوات الأمريكية التي لا تحظي بحب الشعب العراقي أو تعاطفه لضخامة اعداد ضحايا الغزو العراقي من المدنيين التي قاربت المليون نسمة, ولأن العراقيين يعتقدون في قرارة أنفسهم أنه لولا الوجود الأمريكي لما حدثت الحرب الطائفية ولا كان العراق ملاذا لتنظيم القاعدة وأن كل المصائب التي لحقت بالعراق تعود أسبابها إلي الأمريكيين الذين ينبغي أن يرحلوا بصورة نهائية مع بداية عام2011. ويحاول المالكي أن يقدم نفسه في ظل هذه الظروف الصعبة كقائد قوي حازم قادر علي الحفاظ علي أمن العراق, يصر علي خروج القوات المحتلة في الموعد المحدد, خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في يناير المقبل. وما يلفت النظر أن واشنطن تحت إدارة أوباما تبدو هي الأخري غير مهتمة بالمضاعفات العسكرية والسياسية والأمنية التي تواجه العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية خارج المدن, وبرغم تصاعد أعمال العنف خصوصا في شمال العراق وتزايد فرص الصدام بين العرب والأكراد صراعا علي مصير مدينة كركوك الغنية بحقول النفط, تؤكد واشنطن التزامها بتنفيذ الجدول الزمني للانسحاب في موعده رغم اعتقادها أن العراق سوف يتعرض لاختبار صعب, يساندها رأي عام أمريكي يعتقد أن غزو العراق كان عملية خاسرة وخاطئة, يتحمل مسئوليتها التاريخية بوش ونائبه تشيني ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد, حرفت الحرب علي الإرهاب عن مهامها الحقيقية في أفغانستان وباكستان, وأرهقت الاقتصاد الأمريكي وعجلت بأزمته العالمية, ولا يعدل حماس الأمريكيين لعودة القوات الأمريكية إلي بلادها سوي حماس العراقيين لخروجها من العراق اليوم قبل الغد رغم مخاوف كثيرين من احتمالات تدهور الموقف الأمني. * الاهرام