تبدو إيران الأن وقبل أيام من الإنتخابات الرئاسية قاعة كبرى للمزاد السياسى، تعلن عن سلعة واحدة فقط من يعادى الغرب وأمريكا وإسرائيل ويحتفظ بقدرة إيران النووية؟ ومن يقترب منهم ويتنازل عن مفاعلها النووى؟ ويشبه المرشحون الأربعة، أحمدى نجاد الرئيس الحالى، ومير حسين موسوى رئيس الوزراء السابق ومحسن رضائى قائد الحرس الثورى السابق، ومهدى كروبى رئيس البرلمان خلال فترة الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى، البائع فى صالة المزادات يعدون بما لا يملكون تنفيذه او إقراره، فطبقا للدستور الإيرانى الحاكم الفعلى هو المرشد الأعلى على خامنئى، هو وحده الذي يوافق على المرشحين للرئاسة او المناصب العليا أو يمكنه أن يلغى نتائج الانتخابات، و يقر اجراءات تحسين الإقتصاد، ويوافق على الحوار المباشر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، والإتفاق حول الملف النووى الإيرانى، لا رؤساء الجمهورية الإيرانية. الأربعة المرشحون ترتكز برامجهم على علاقة إيران بالغرب وأمريكا وردع إسرائيل والاحتفاظ بالقدرة النووية، لكن مع ذلك تنحصر المنافسة الشرسة بين اثنين، مير حسين موسوى الذى يرى أن انتخاب باراك اوباما يعنى أن هناك تغيير فى السياسة الامريكية، وأحمدى نجاد الذى يعلن انه لا شىء حدث سواء كان الرئيس الامريكى أسود أو أبيض أو أصفر. هذا ما كشفه أخر استطلاع للرأى تم إجراءه على فرص المرشحين فى الانتخابات الإيرانية عن تقدم رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي المؤيد للحوار مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وصاحب البرنامج الاقتصادى، على منافسيه في 10 مدن إيرانية كبيرة، واوضحت شبكة"برس.تي.في" الإيرانية أن مرشح الإصلاحيين يتقدم على الرئيس الإيراني المتشدد أحمدى نجاد والمعارض بشدة لأى حوار مع أمريكا والغرب بنحو 4%، مشيرة الى أن 38% من الإيرانيين، الذين جرى استطلاع رأيهم، أيدوا إنتخاب الاول مقابل 34% أيدوا الثانى. ورغم الحظر الذى أقرته السلطات على استخدام الفيس بوك فى الدعاية للانتخابات، الا أن المحللين يقدرون عدد أنصار موسوى بأنهم 4 اضعاف انصار نجاد، حيث إن أحد صفحات الاول ارتفع عدد معجبيها من 5200 إلى أكثر من 7200 خلال أيام الحظر الثلاثة. لكن مع ذلك يصف المحللون والمهتمون بالشأن الإيرانى أن الفروق بين المرشحين الأقرب للوصول الى الرئاسة الإيرانية بالهشة، وأنهما فى النهاية وجهان لعملة واحدة. ولا يقف الدعم المقدم لموسوى عند الإصلاحيين فقط لكنه يتعدى ليصل الى بعض أجنحة المتشددين المعترضين على ترشيح القائد السابق للحرس الثورى محسن رضائي، وهى بوادر انشقاق تصب فى صالح موسوى. ويصف الدكتور محمد السعيد عبد المؤمن المتخصص فى الشئون الإيرانية انتخابات الرئاسة التى تجرى فى 12 من يونيو/ حزيران 2009 بأنها مختلفة ومليئة بالإشكاليات، أولها غموض موقف القيادات المتشددة تجاه المرشحين المحافظين، واتفاق الفريقين على التشكيك فى سير العملية الإنتخابية ونزاهتها، بالاضافة الى الضغوط الخارجية الغائبة، فالغرب يعلم أن القرار بيد المرشد الأعلى أيا كان وليس بيد رئيس الجمهورية، لذلك لا أحد يستطيع أن يجزم أى رئيس لإيران قادم أو حتى يهتم. يتنافس فى الإنتخابات الرئاسية الإيرانية 4 مرشحين أحمدى نجاد الرئيس الحالى، ومحسن رضائى قائد الحرس الثورى السابق وهم من المحافظين، مير حسين موسوي رئيس الوزراء السابق، ومهدى كروبى رئيس البرلمان خلال فترة الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى، وينحصر السباق بشدة بين نجاد وموسوى. موسوى.. اول تجربة انتخابية يدخل موسوى الذى يشغل رئيس الاكاديمية الإيرانية للفنون المنافسة الإنتخابية للمرة الأولى، لأنه وصل الى رئاسة الوزراء بالتعيين بعد تحقيق نجاحات بالخارجية، وشعبيته تأتى من إدارته لإقتصاد الحرب إبان الحرب العراقية، بالاضافة الى تمتعه بعلاقات دبلوماسية جيدة عندما عمل كوزير للخارجية، ويعلن الرجل الذى راعاه الخميني قائد الثورة الإسلامية واقترب من محمد خاتمي الرئيس الإصلاحي. درس موسوى الهندسة المعمارية وتخطيط المدن، وبدأ العمل السياسى وهو فى الجامعة وكان أحد قادة الحركة الطلابية المناهضة للشاه, وبعد تخرجه أسس حركة الإيرانيين الإسلامية، وعمل مديراً للمكتب السياسي لحزب الجمهورية الإسلامية الذى انتمى اليه، وبرنامجه الإنتخابى قائم على عاملين أساسيين، الأول الحوار المباشر مع أمريكا، الثانى خفض معدل التضخم الذى ارتفع نتيجة سياسة أحمدى نجاد الرئيس الحالى، كما أن لموسوى توجهات إشتراكية وكانت سبباً لخلافه مع الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى الذى كان يميل الى السوق الحر. نجاد.. لاتنازل عن النووى ويختلف الرئيس الحالى والمنافس الثانى للإنتخابات الرئاسة الإيرانية أحمدى نجاد عن موسوى فى التوجهات والمنهج والسياسة وحتى فى عالم السياسة، نجاد صاحب أكثر من تجربة إنتخابية ولدية موهبة فى التعامل مع الجماهير ولديه كاريزما عكس منافسه، كما إنه قبل أن يكون رئيساً للجمهورية الإيرانية كان قد اُنتخب من قبل المجلس البلدي الإسلامي للعاصمة طهران عمدة للمدينة في مايو/ أيار من العام 2003، وهى بداية صعود نجمه، وهو أيضا دارس للهندسة، ولكن هندسة التخطيط المرورى، وهو من أسرة متواضعة، ورغم إنه لا ينفق اموالاً كثيرة على الإنتخابات إلا إنه نجح الدورة الماضية بعد أن استخدم المحافظون شبكة المساجد التى يسيطرون عليها، وهو ما لا يضمنه هذه المرة، ومعروف عن نجاد موقفه المتشدد من العلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب، وإنكاره الهولوكست، وساعد على خفض شعبيته الجارفة إرتفاع مستوى التضخم فى إيران. وعندما زار نجاد جامعة كولومبيا بولاية نيويورك24 سبتمبر/ ايلول 2007 وصف لي بولنغر رئيس الجامعة نجاد أثناء تقديمه له بأنه "ديكتاتور وحشي أو "ديكتاتور قاس وتافه" وأن إنكاره للمحرقة النازية (الهولوكوست) يشير إلى أنه "إما مستفز بشكل صارخ أو جاهل بشكل مدهش بينما رد نجاد عليه بأن ما ذكره بولينغر يمثل إهانة للحاضرين وطالب بإجراء مزيد من الأبحاث عن المحرقة. كروبى ورضائى خارج المنافسة على الرغم من تصريحات محسن رضائي المتشدده وتهديده اسرائيل أنه يستطيع ردعها بضربة واحدة ومنصبه السابق كقائد للحرس الثورى الإيرانى لمدة 16 عاماً إلا إنه والبرلمانى الإصلاحى مهدى كروبى لا يشكلان رقما ذا معنى فى إنتخابات الرئاسة الإيرانية، رضائى تسبب فى انقسام المحافظين بسبب إعتراض بعض القيادات المتشددة على ترشحه، والثانى لا يملك اى أرضية شعبية يمكنها أن تساعده فى التقدم فى سباق الانتخابات الرئاسية الايرانية، خاصة وأن الاصلاحيين يعطون كل دعمهم للمرشح الأكثر قربا من المنصب لموسوى، بل إنه يشكل خطراً على فوز الإصلاحيين، لأنه يمكن أن يشتت الاصوات الإنتخابية، ولا يدعمه إعلانه محاولة إقامة علاقات طبيعية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويماثله رضائى الذى يوجه انتقادات بشدة الى الرئيس الحالى أحمدى نجاد.