الوفد 30/5/2009 الخلاف الراهن بين الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول الاستيطان ليس هو الأول من نوعه. فهذا خلاف قديم رأينا مثله بشكل متكرر بين رؤساء أمريكيين ورؤساء حكومات إسرائيلية، ولكن بدون نتيجة عملية لأسباب أهمها أننا - علي الصعيد العربي - لم نع يوما أن الاستيطان يمكن أن يكون مدخلا لمحاصرة إسرائيل علي الأرض، كما علي المستوي الدولي، إذا أعطيناه حقه وتحركنا فيه بشكل مدروس لاستثمار موقف تبنته الولاياتالمتحدة منذ انتهاء حرب 1967، وإن لم تصر عليه أو تحدد سياستها وفقا له، وهو رفض اتخاذ أية خطوات من جانب واحد لتغيير الأوضاع القائمة في الأراضي المحتلة في تلك الحرب باعتباره عقبة في طريق الحل السلمي. ولكن ضعف الاهتمام الفلسطيني، والعربي عموما، بموضوع الاستيطان أتاح للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أن تفلت من استحقاقات الخلاف مع الولاياتالمتحدة في هذا المجال. ولأن ذاكرتنا ليست قوية، يمكن التذكير بأننا أضعنا فرصا كثيرة لاستثمار الخلاف الأمريكي - الإسرائيلي علي موضوع الاستيطان، منذ أن انتقدت إدارة ريجان الثانية توسع إسرائيل في بناء المستوطنات في العام 1986. وقد اعتبرت واشنطن في ذلك الوقت سياسة الاستيطان عائقا أساسيا يمكن أن يغلق أية نافذة للسلام. وعندما طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي حينئذ اسحق شامير واشنطن بغلق مكتبي منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ونيويورك، عقب عملية فدائية في منطقة حائط البراق »المبكي«، رفضت إدارة ريجان ذلك الطلب ما دامت إسرائيل مصرة علي مواصلة سياسة الاستيطان. وتجدد الخلاف الأمريكي - الإسرائيلي عام 1989 في عهد إدارة جورج بوش الأب التي وجهت الي حكومة تل أبيب أقوي رسالة منذ تلك التي طالب فيها الرئيس إيزنهاور بانسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء التي احتلتها خلال العدوان الثلاثي علي مصر في العام 1956. وكانت رسالة بوش في منتصف يوليو 1989 صارمة في المطالبة بوقف الاستيطان الي حد دفع شامير الي الحديث عن مواجهة مع الولاياتالمتحدة، بعد أن قررت الإدارة الأمريكية تجميد ضمانات كانت قد وعدت بتقديمها لتسهيل حصول إسرائيل علي قروض تبلغ قيمتها عشرة مليارات دولار للمساعدة في استيعاب المهاجرين الجدد من الاتحاد السوفيتي السابق في ذلك الوقت.