في خطوة مفاجئة لاقت استحسان الفلسطينيين أعلنت الحكومة المقالة في قطاع غزة عن تخصيص مادة دراسية في المناهج تتناول مدينة القدس والمسجد الأقصى يتم تطبيقها في العام الدراسي المقبل، على طلاب المرحلة الثانوية لتعزيز انتماء الطلبة لأولى القبليتين مسرى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وحمايتها من الضياع اثر الأخطار التي تتهددها بفعل الممارسات والمخططات الصهيونية التي يعلن عنها في كل حين، والتي يخشى أن تؤدى إلى طمس الهوية الإسلامية والوطنية للقدس، والنيل من الأماكن المقدسة فيها الإسلامية والمسيحية على حد سواء. وقال وزير التربية والتعليم في الحكومة المقالة بقطاع غزة الدكتور محمد عسقول لجريدة البيان الاماراتية «إن المنهج الفلسطيني الحالي يتطرق في مقرراته إلى الحديث عن القدس والمسجد الأقصى، ولكن ليس بصورة تفصيلية الأمر الذي دفع الوزارة إلى اتخاذ هذا القرار، خاصة في ظل ما تتعرض له مدينة القدس من حملات شرسة لتهويدها». تعميق المعرفة بالمدينة وشدد الوزير: «نحن بحاجة إلى مادة مستقلة عن القدس، خاصة في المستويات الدراسية المتقدمة والعليا كالمرحلة الثانوية بهدف تعميق المعرفة بالقدس، ليس كمكانة جغرافية فقط، إنما من كل التفاصيل وربطها بالواقع الحالي، كما أن الوزارة ستعمل على إثراء المناهج الموجودة بمواضيع تتعلق بالقدس».هذا الإثراء بحسب عسقول «سيكون بأخذ الجانب التاريخي الخاص بالقدس وتضمينه في مادة التاريخ والجانب الجغرافي في مادة الجغرافيا، وسنتحدث عن الجانب الديني للقدس في التربية الإسلامية مع عدم استثناء باقي المواد الأخرى». ولفت الدكتور عسقول إلى أن الأمر سيترك لإدارة المناهج لتحديده وتنفيذه، حيث ستخرج هذه التعديلات والمادة الجديدة إلى النور العام القادم. وعن التنسيق مع حكومة رام الله بالضفة الغربية في هذا الشأن شدد عسقول على وجود حالة من التواصل المستمر بين الوزارتين في الضفة والقطاع برغم حالة الانقسام السياسي. وقال: «مصلحة الطالب الفلسطيني هدفنا، وبالتالي سنستمر في التنسيق بمعظم قضايا وشؤون التعليم، ومن بينها مادة القدس». لا تأثير للانقسام السياسي ومنذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في يونيو 2007 حدث ما يشبه الانقسام بين قطاع غزة التي تسيطر عليه حركة حماس وبين الضفة الغربية التي تهيمن عليها حركة فتح. وأوضح عسقول: «هذا القرار لم يأت ردا على وزير تعليم إسرائيل حول القدس وضرورة الاهتمام بها تعليميا وتعريفا للطلاب اليهود بها، لكن تصريحاته جاءت فرصة لكي نوضح مساحة اهتمامنا بالمدينة المقدسة ونعبر عن خطواتنا التالية». وقال عسقول : «القرار لم يبدأ لحظة تصريحات الوزير، إنما بدأ منذ فترة، حيث عقدنا مع لجنة القدس في المجلس التشريعي العديد من ورش العمل ووضعنا محددات الانطلاق وخرجنا بتوصيات لمتابعتها من أجل إعداد مشروع كامل عن القدس في مناهجنا وأنشطتنا المدرسية». ويقول الدكتور أسامة أبو نحل أستاذ التاريخ في جامعة الأزهر بغزة ل «البيان»: إن طرح مساق عن القدس في المنهاج الفلسطيني، خطوة مهمة؛ وإن كانت متأخرة بعض الشيء. وأضاف: نتمنى أن يتم تدريسها ليس فقط على طلبة المرحلة الثانوية؛ وإنما منذ المرحلة الابتدائية، لكي يتعرّف النشء على قضاياهم المهمة. وقالت الخبيرة التربوية بقطاع غزة سوسن نصر ل «البيان»: نشد على يدي الوزير بضرورة الإصرار على تنفيذ هذا الطرح الذي جاء في الوقت المناسب لما لهذه الفكرة من أبعاد إستراتيجية بعيدة المدى في ترسيخ مفهوم الانتماء الديني والوطني نحو مدينة القدس. أما مخلص سمارة الكاتب المعروف في الضفة الغربية فيرى أن خطوة وزارة التربية والتعليم الفلسطينية خطوة في الاتجاه الصحيح رغم أنها جاءت متأخرة، وقال كان الأحرى بالمسؤولين منذ أن بدئ بإنشاء المنهاج الفلسطيني تخصيص مادة دراسية متخصصة حول مدينة القدس لأنها بالفعل تستحق منا الكثير. وقال سمارة ل «البيان»: «أرى أن الأجيال الفلسطينية بحاجة إلى من ينبه عقولها وضمائرها ويستثير فيها الحس الوطني والإسلامي ويطرق انتماءهم لفلسطين والقضية، الذي بات لا يبالي إطلاقا بما يجري في مدينة القدس، ونبه مما وصفه بالكارثة بقوله: الكارثة في هذه الأيام بان الكثيرين شيبا وشبابا وأطفالا بات لا يميز بين قبة الصخرة والمسجد الأقصى على سبيل المثال.