القاضي والوزير وحاكم الولاية إعداد: إيمان التوني متحديا المحكمة الجنائية الدولية، عين الرئيس السوداني "عمر البشير" القاضي السابق "أحمد هارون" – الصادرة بحقه مذكرة توقيف من قبل المحكمة الدولية عام 2007 - حاكما لولاية جنوب "كردفان" النفطية المتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه. وكان هارون يشغل قبل ذلك منصب وزير دولة للشئون الإنسانية. "كردفان" التي بدأ بها هارون حياته، وشغل فيها أول منصب حينما عين وزيرا للشئون الاجتماعية، تنقسم إلى ولايتين جنوبية وشمالية، وتقع بمحاذاة إقليم "دارفور" على خط التماس بين الشمال التابع لحكومة الخرطوموالجنوب الذي يحظى بحكم ذاتي. وتضم الولاية منطقة "أبيي" التي تحتوي على ثلثي حقول النفط بالسودان. ووفقا لاتفاق 2005، يجب تحديد مصير المنطقة عبر استفتاء عام 2011، وسيقرر السكان ما إذا كانت "أبيي" ستتبع الشمال أو ستضم إلى الجنوب، على أن يقرر استفتاء آخر احتمال استقلال الجنوب. هارون.. المطلوب دوليا وتوجه المحكمة الجنائية ل"هارون" 42 اتهاما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في "دارفور"، أثناء عمله كوزير دولة للداخلية خلال عامي 2003 و2005، وتشمل جرائم قتل، واضطهاد، ونقل قسري للسكان، واغتصاب، وسجن، وتعذيب، ونهب، وتدمير للممتلكات. وحسب أمر القبض الصادر من المحكمة الدولية بحق "هارون" في الأول من مايو/ أيار 2007، تؤكد الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة بعد دراسة الطلب والأدلة التي قدمها المدعي العام أن "هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن أحمد هارون بحكم منصبه كان على علم بالجرائم التي ارتكبتها ميليشيا الجنجويد بحق المدنيين وبالأساليب التي استخدمتها، وأن هارون – في خطبه العامة – لم يثبت فقط أنه كان يعلم أن ميليشيا الجنجويد تهاجم السكان المدنيين وتنهب المدن والقرى، بل كان يشجع شخصيا على ارتكاب مثل هذه الأفعال غير المشروعة". كوشيب وهارون المطلوبان دوليا من جانبه، نفى "هارون" الاتهامات الموجه إليه من لاهاي – والتي شملت أيضا زعيم ميليشيا الجنجويد "علي محمد عبد الرحمن" المعروف ب"علي كوشيب" - ووصف المحكمة بأنها سياسية، ورفض البشير تسليم المسئولين، مؤكدا أنه سيحاكمهما في محكمة سيشكلها بنفسه. وأمام مجلس الأمن الدولي قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "لويس مورينو أوكامبو" - في 7 يونيو/ حزيران 2007 – إن "أحمد هارون" هو الوزير السوداني المسئول – وقتها - عن توفير الإغاثة الإنسانية لأكثر من 4 ملايين شخص في دارفور، وأنه مفوض من قبل السلطة ليقتل أيا كان في الإقليم أو ليعفو عنه في سبيل تحقيق السلم والأمن. وأضاف "أوكامبو" أن الأدلة تثبت اشتراك "هارون" و"كوشيب" معا في ملاحقة مدنيين أبرياء ومهاجمتهم، مشيرا إلى أن "أحمد هارون" - أثناء شغله منصب وزير دولة بوزارة الداخلية ومسئول عن مكتب دارفور الأمني- وضع نظاما استطاع من خلاله تجنيد وتمويل وتسليح مليشيا الجنجويد لتعزيز القوات المسلحة السودانية، ثم حرض عناصرها على ارتكاب أعمال قتل واغتصاب وجرائم جماعية أخرى بحق السكان المدنيين، وأن قائد مليشيا الجنجويد "علي كوشيب" اضطلع بدور رئيسي في نظام "هارون"، وذلك بقيامه شخصيا بتوزيع الأسلحة وقيادة الهجمات على القرى. القاضي والوزير وحاكم الولاية ولد "أحمد هارون" عام 1964 لأب فقيه. وينتمي إلى قبيلة "البرقو" ذات أصول غير عربية من دارفور بقرية صغيرة بولاية شمال "كردفان" تسمى "أبو كرشولة". درس في كلية القانون بجامعة القاهرة وتخرج في أواخر الثمانينيات، وتولى رئاسة اتحاد الطلاب السودانيين بالقاهرة (عن الطلاب الإسلاميين) في العام 1988م. وبرز في عام 1989 كأحد كوادر تنظيم الجبهة الإسلامية القومية آنذاك، وعمل قاضيا في مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان السودانية. أحمد هارون وتولى في عام 1995 رئاسة لجنة السلام والتنمية بولاية جنوب "كردفان"، كانت الولاية حينها ضمن المناطق التي امتدت إليها الحرب الأهلية في الجنوب. ثم انتقل إلى العاصمة الخرطوم في عام 1998، حيث تولى منصب المنسق العام للشرطة. في عام 2003 عين وزيرا للدولة بوزارة الداخلية، وكان المسئول التنفيذي عن ملف دارفور وهو المنصب الذي جاء مواكبا لاشتعال أزمة الإقليم. وبعد اتفاق السلام السوداني في 2005 المعروف باتفاق "نيفاشا" – والذي أسفر عن حكومة وحدة وطنية شارك فيها جون قرنق زعيم حركة تحرير جنوب السودان - عين "هارون" وزير دولة للشئون الإنسانية. في 8 مايو/ أيار 2009 عين حاكما لولاية جنوب "كردفان". ول"أحمد هارون" زوجتان و4 أطفال. ويبدو أن ملف السودان لدى المحكمة الجنائية الدولية، الذي فتح في 2007 باتهام "أحمد هارون" و"علي كوشيب" وإصدار أمر بالقبض عليهما باعتبارهما مجرمي حرب، وامتد الاتهام ليطال رأس الدولة السودانية بإصدار المحكمة نفسها مذكرة توقيف بحق الرئيس "عمر البشير" وإدانته في مارس/ آذار 2009 بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لم يغلق بعد.