بحضور مساعد وزير الخارجية.. «البحوث الإسلامية» يختتم مراحل اختيار المبعوثين لدول العالم (صور)    «إكسترا نيوز»: «حياة كريمة» تستأنف بيع اللحوم والدواجن بأسعار مخفضة    الإعلام الحكومي بغزة: المنظومة الصحية مهددة بالتوقف الكامل خلال ساعات    ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم الروسي على أوديسا الأوكرانية إلى 8    «اعتبروني أجنبي».. رسالة نارية من حسام حسن لمنتقدي المنتخب    عدم وجود شبهة جنائية حول وفاة طفل إثر سقوطه من شرفة المنزل    العظمى تنخفض ل26.. حالة الطقس غدًا الجمعة 11-10-2024 في مصر وتوقعات درجات الحرارة    تحقيقات قتيلة الإسكندرية: المتهم سدد لزوجته 4 طعنات أثناء عودتهما من زيارته أسرته    فى ختام جولته التفقدية بمحافظة الأقصر.. مدبولي: "إسنا" تستحق أن يتم وضعها على خريطة السياحة العالمية    توقيع الكشف الطبي على المرضى غير القادرين بالشرقية    محافظ دمياط يكرم أسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية من أبناء المحافظة ( صور )    ألمانيا والتشيك والنمسا يؤكدون التزامهم بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب    "القومي لحقوق الإنسان" يعقد الملتقي ال17 لمنظمات المجتمع المدني الأحد    إيهاب أمين يتقدم بأوراق ترشحه على رئاسة اتحاد الجمباز    نانسي عجرم تعتذر عن حفلها في رومانيا.. هل طلاقها هو السبب؟    البركة في يوم الجمعة: مكانة الدعاء وأثره في حياة المسلم    ربيع ياسين: الأهلي يمرض ولا يموت.. ورمضان سيعيد الاتزان مرة أخرى داخل الفريق    مأساة في غزة.. الاحتلال يستهدف عيادة الرمال ويوقع ضحايا    ليبيا تقترب من مستوى الإنتاج الطبيعي    قصور الثقافة تواصل "دوري المكتبات" في دورته الثانية    من "كان" ل "الدراما التلفزيونية".. هبة خيال تكشف كواليس شخصية إيناس في "برغم القانون"    العشيق السرى لفراو ميركل: صراع الهوية وأزمات المهاجرين    نائب بالشيوخ: توسيع شبكة الحماية الاجتماعية يدعم جهود العدالة الاجتماعية    جامعة قناة السويس تعقد لقاء حواريا حول الصحة النفسية للطلاب    موعد شهر رمضان 2025.. والعطلات الرسمية خلاله    «الإفتاء» تحذر من التحايل للاستيلاء على السيارات المخصصة لذوي الهمم: خيانة أمانة    بث مباشر مباراة الاتحاد وسبورتنج في البطولة العربية للسلة    قافلة طبية مجانية في قرية المصيلحة بشبين الكوم    محافظ الإسماعيلية يتفقد مجمع الورش الحرفية بمدينة المستقبل    "كفر الشيخ" تحصد المركز الأول بين الجامعات الحكومية في تصنيف التايمز البريطاني 2025    «زواج وعلاقات».. لمن ينجذب رجل برج الحمل؟    «المصير» الأبرز.. 11 فيلمًا في مشوار محمد منير كممثلا    مواعيد امتحانات وإجازة نصف العام الدراسي بالمعاهد الأزهرية 2025    مغردون: حميدتي ظهر في خطابه مرتبكا ومقرا بالهزيمة    شباب جنوب سيناء تطلق ماراثون دراجات ويوم رياضي بمدينة دهب    عقر دار حزب الله وبنك أهداف ثمين للاحتلال، معلومات عن "حارة حريك" موقع اغتيال نصر الله    رئيس الوزراء: مصر قطعت شوطًا طويلًا في مواجهة الهجرة غير الشرعية    شيخ الأزهر يستقبل رئيس معهد «ديا ماليلا» الإندونيسي    حملة مرورية مكبرة تضبط 11 ألف مخالفة تجاوز سرعة مقررة    مركز مصر للدراسات: الدولة تولى اهتماما بملف تأمين السلع والمخزون الاستراتيجى    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة غدآ.. تعرف عليها    وزيرة البيئة توجه بتكثيف الحملات التفتيشية على محاور منظومة مواجهة نوبات تلوث الهواء الحادة    تسليم 2218 شهادة استبيان تراخيص إقامة مباني داخل الحيز العمراني بالشرقية    صحة مطروح: تقديم 480 خدمة طبية خلال القافلة الخدمية الشاملة بواحة سيوة    إجراء 1274 جراحة مجانية ضمن مبادرة "القضاء على قوائم الانتظار" بالمنيا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة مفخخة أطلقت من غزة نحو إسرائيل    ضبط عنصرين إجراميين في أسيوط بتهمة الاتجار بالأسلحة النارية والذخائر    تشكيل منتخب بلجيكا المتوقع ضد إيطاليا في دوري الأمم الأوروبية    رئيس هيئة الرعاية الصحية: الانتهاء من إعداد أكثر من 450 بروتوكولًا    بشير التابعي: الزمالك أكبر قلعة رياضية في مصر.. والسوبر المصري أهم من المنتخب    مواعيد مباريات الخميس 10 أكتوبر 2024.. تصفيات أمم إفريقيا والعراق ضد فلسطين    نائب وزير التعليم يكشف تفاصيل مسابقات تعيين معلمي الحصص في المدارس    إصابة 11 شخص إثر حادث تصادم بالطريق الإقليمي في الشرقية    مدحت صالح نجم افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال32    للراغبين في أداء العمرة.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    بسبب «النسيان أو النوم».. حكم قضاء الصلاة الفائتة    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الحوار في المجتمع العربي‏
نشر في أخبار مصر يوم 13 - 02 - 2009


الاهرام :13/2/2009
ليس هناك شك في أن هناك أزمة في الحوار السياسي والفكري في المجتمع العربي‏ وترد هذه الأزمة إلي أسباب متعددة ومتشابكة ومعقدة في الوقت نفسه‏.‏
ونحتاج حتي نفهم الأسباب العميقة للأزمة إلي أن نرسم خريطة سياسية للنظام الإقليمي‏ وخريطة ثقافية للمجتمع في الوقت نفسه‏.‏
والواقع أن الخلافات السياسية والأيديولوجية العربية العربية قديمة ومتجددة في الوقت نفسه‏ ولا ننسي في هذا المجال أن أبرز الخلافات العربية القديمة ظهرت في العصر الناصري حين صيغ التصنيف الشهير للدول العربية الذي قسمها إلي دول تقدمية ودول رجعية‏!(‏ الدول التقدمية كانت في عرف هذا التصنيف هي الدول الثورية مثل مصر وسوريا والعراق‏,‏ في مواجهة الدول التقليدية في الخليج العربي‏).‏
ودار الصراع أساسا‏ علي الصعيد الأيديولوجي‏,‏ بين الاشتراكية والتوجه الإسلامي‏.‏
ودار الجدل الفكري المحتدم بين أنصار الماركسية ودعاة الاشتراكية العربية‏ وذلك داخل معسكر الدول التقدمية‏ بالإضافة إلي الصراع مع مفكري معسكر الدول الرجعية الذين رفعوا راية الإسلام للدفاع عن صحة توجههم الأيديولوجي‏,‏ وبطلان آراء أنصار الاشتراكية‏.‏
كانت هذه سنوات عجافا حقا في تاريخ الحوار العربي العربي‏,‏ وهي التي سماها عالم السياسة الأمريكي المعروف مالكوم كير الحرب الباردة العربية‏ قياسا علي الحرب الباردة العالمية التي دار فيها الصراع الأيديولوجي العنيف بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية‏.‏
وهذه المساجلات لم تكن حوارا بالمعني الصحيح‏ لأن أطرافها انطلقت من أن كل طرف هو الذي يمتلك الحقيقة المطلقة‏!‏ وحين يسود هذا الاتجاه فإنه عمل يلغي الحوار‏ لأنه‏ بحسب التعريف‏ من بين ما يعنيه‏ إمكان قبول نقد الآخر‏ والاستعداد للوصول إلي حل وسط‏ ودوت هذه المساجلات الأيديولوجية‏,‏ خصوصا بعد هزيمة يونيو‏ 1967
حيث رفعت مصر رائدة الدول التقدمية شعار وحدة الصف في مواجهة إسرائيل‏ بدلا من الشعار الماضي وحدة الهدف‏.‏
بعبارة أخري أراد هذا الشعار الجديد أن يقول إنه مهما يكن هناك تباين في طبيعة الأنظمة السياسية العربية‏ فإن أهم من ذلك الوحدة في مواجهة الدولة الصهيونية لإزالة آثار العدوان‏.‏
ودارت مساجلات حادة أخري بعد حرب أكتوبر‏1973,‏ حين اتجهت مصر‏من أجل استكمال مشروعها الأساسي وهو تحرير الأراضي المصرية‏ إلي عقد سلام تفاوضي مع دولة إسرائيل‏ وتم ذلك أولا خلال توقيع اتفاق كامب ديفيد‏ واستكملت الخطوات بتوقيع معاهدة الصلح المصرية الإسرائيلية‏.‏
وأدي الموقف المصري من الاعتراف بإسرائيل وتوقيع معاهدة سلام معها إلي مساجلات أيديولوجية حادة‏ وصراعات سياسية عنيفة بين مصر وباقي الدول العربية الرافضة‏ التي أطلقت علي نفسها جبهة الصمود والتصدي‏.‏
في هذه المرحلة أيضا توقف الحوار‏ وسادت المساجلات الأيديولوجية الحادة‏ وكل طرف يتهم الآخر بأنه علي باطل‏ وأن الحق هو الذي يعبر عن موقفه‏.‏
وجاء عام‏1990 الذي شهد الغزو العراقي غير المشروع لدولة الكويت‏ والذي كان في الواقع انقلابا علي معاهدة الدفاع العربي المشترك من ناحية‏ وعلي الشرعية الدولية من ناحية أخري‏.‏
وانقسم العالم العربي بين دول معارضة للغزو ودول مؤيدة‏ ووصل الانقسام لدرجة أن الدول المعارضة للغزو قبلت بأن تشارك في قوة التحالف التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية لتحرير العراق‏.‏
وهنا نحن نشهد هذه الأيام الانقسام العربي حول السلوك السياسي لحركة حماس التي قامت بانقلاب عسكري ضد السلطة الفلسطينية في غزة‏ وأرادت الزعم بأنها هي التي تمثل الشعب الفلسطيني‏ وقد أدي السلوك الفعلي لحماس وغياب استراتيجية واضحة لها في موضوع مقاومة إسرائيل‏ وتذبذبها بين قبول التهدئة‏ وإطلاق الصواريخ العشوائية‏ إلي تقديم الذريعة للدولة الإسرائيلية العنصرية أن تشن حربها الهمجية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة‏.‏
وتعقد الحوار العربي العربي في هذا المجال أيضا‏,‏ نتيجة تدخل إيران من ناحية‏,‏ ودعمها المطلق لحماس وتشجيعها لها علي عدم التفاوض مع إسرائيل‏ وعلي المقاومة حتي ولو كان ذلك بغير استراتيجية واضحة‏ وبغير إجماع من الشعب الفلسطيني كله‏,‏ ودون تعبئة حقيقية‏.‏
وذلك بالإضافة إلي دخول حزب الله اللبناني إلي صميم ساحة المساجلات العقيمة من خلال خطب السيد حسن نصر الله التحريضية العقيمة‏ التي لم تزد الموقف إلا اشتعالا‏.‏
وهكذا توقف الحوار الفلسطيني الفلسطيني نتيجة دخول أطراف إقليمية مثل إيران‏,‏ ودعمها الصريح للاتجاهات المتطرفة لحركة حماس‏ كما أعلن قادتها‏ تريد تصفية السلطة الفلسطينية‏ وإنشاء مرجعية فلسطينية تهيمن عليها‏ مما سيؤدي في النهاية إلي تضييع قضية الشعب الفلسطيني إلي الأبد‏!‏
ليس غريبا أن يمر الحوار السياسي العربي العربي بأزمة حادة عنيفة‏,‏ بعد أن حاولت بعض الدول الصغيرة مثل قطر أن تختطف مؤتمرات القمة لحسابها‏,‏ بدعم من إيران‏ سعيا وراء إدخال النظام الإقليمي العربي في دائرة نظام شرق أوسطي جديد فيه إيران وفيه إسرائيل معا‏!‏
ومن المعروف أن ممثلي الإسلام السياسي برزوا في عديد من البلاد العربية‏ سواء من خلال المنابر الشعبية التي احتكروها بحكم لجوئهم إلي الخطابة الدينية التحريضية‏ أو من خلال الانتخابات كما حدث في حالة حماس‏ وفي حالة مصر‏ حيث نجح ما يزيد علي ثمانين نائبا من نواب الإخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية الأخيرة‏ وبالرغم من أنها جماعة محظورة بنص القانون‏,‏ لكنهم نجحوا في الدخول كمستقلين‏.‏
هذا التيار الإسلامي السياسي يطمح في استعادة دولة الخلافة الإسلامية‏ ولا يؤمن أنصاره بالحدود بين الدول‏ ويرون أنها من صنع الاستعمار‏ وأن هناك أمة إسلامية واحدة‏ وأن الوطنية فكرة رجعية استعمارية‏وأن الأممية الإسلامية هي الأساس‏
ومن هنا فاستراتيجيتهم هي قلب النظم السياسية العربية العلمانية‏ وتأسيس دول دينية محلها تحكم بالشريعة الإسلامية ليس في حقيقتها التي تقوم علي الحرية الإنسانية والعدالة الاجتماعية‏ ولكن كما يفهمونها هم‏ والتي تقوم‏ في رأيهم‏,‏ علي القهر السياسي للخصوم‏ وتكفيرهم‏ ومنع أي أصوات مخالفة لهم‏ وإعلان الجهاد هكذا ضد الدول الكافرة‏.‏
وقد ظهرت أفكارهم المتطرفة في أثناء العدوان الإسرائيلي علي غزة‏ حيث دعا بعض زعمائهم إلي عدم الاعتداد بالحدود المصرية وفتح المعابر بلا أي قيود‏,‏ أمام الفلسطينيين‏ حتي لو تدفق الملايين بينهم‏ وأفتي أحدهم بأن في ذلك تطبيقا لمبدأ إجارة المسلمين لو استجاروا‏,‏ ونسوا أن في ذلك تطبيقا لخطة الترانسفير الإسرائيلية التي تريد طرد الفلسطينيين من أرضهم‏.‏
لقد حاولوا الانقلاب علي الدولة في السودان‏ وحاولوا محاولات متعددة في مصر وفشلوا‏ ويدخلون الآن في صراع عنيف مع النظام الأردني‏ ويقومون بانقلابات شتي في الجزائر والمغرب‏ بحيث أصبح تيار الإسلام السياسي أحد المعوقات الحقيقية للتحول الديمقراطي في العالم العربي‏.‏
وليس ذلك فقط لعدم إيمانهم الحقيقي بالديمقراطية المعاصرة‏,‏ لكن لأنهم يدفعون النظم السياسية العربية دفعا إلي إعلاء الضوابط الأمنية تحسبا من فكرهم المتطرف‏,‏ والذي تحول في حالات متعددة إلي فكر إرهابي‏,‏ لم يتورع أنصاره عن ممارسة العنف الدموي‏,‏ سواء ضد الأجانب‏,‏ أو ضد المواطنين‏.‏ وسجل الإرهاب المتشح بالإسلام معروف‏,‏ ولاداعي لتكراره‏,‏ ويكفي في هذا المجال أن نشير إلي التاريخ الأسود للجماعات الإسلامية‏,‏ ولجماعة الجهاد في مصر‏.‏
وهكذا يمكن القول إن الاختلافات السياسية العميقة في توجهات الدول العربية من ناحية‏,‏ والصراعات الأيديولوجية الحادة بين تيار الإسلام السياسي وغيره من التيارات السياسية‏,‏ من شأنها أن تساعد علي استمرار أزمة الحوار العربي‏,‏ في عالم متغير زاخر بالمشكلات التي تدعو لاعتماد الحوار أساسا متينا للتفاهم بين البشر‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.