الأهرام 14/9/ 2008 رئيس تحرير مجلة الهلال عندما سألتني أكثر من فضائية عربية وأجنبية عن الحملة الشعبية لكسر الحصار عن غزة قفز إلي ذهني مباشرة ماحدث في السبعينيات عندما كانت هناك حملة شعبية لدعم مجاهدي أفغانستان ولكنها كانت هذه المرة برعاية رسمية وبتحالف دولي وقفت الولاياتالمتحدةالأمريكية وراءه بالدعم المالي والسياسي والاستخباراتي. وتداعت في ذاكرتي نتائج هذه الحملة التي أسفرت عن تخريج العشرات من أمراء الاغتيال والارهاب من معاهد ومعسكرات المجاهدين, الذين عادوا ليطبقوا ماتعلموه من فنون القتل والتكفير في بلادهم, بعد أن اهدوا أفغانستان لملالي طالبان, الذين أهدوها بدورهم لقاعدة أسامة بن لادن, وأيمن الظواهري إلي أن تم تسليمها بالكامل لقوات الغزو الأمريكي وتحالفها الدولي. كسر الحصار عن غزة شعار انساني لايستطيع أحد أن يرفضه فإيصال معونات غذائية ومواد طبية إلي جانب إظهار نوع من التضامن مع سكان وأهالي غزة, واجب قومي وعربي يجب دعمه ومواصلته, أما استخدام معاناة غزة وأهلها استخداما سياسيا فهذا الذي يجب ان نتوقف عنده. ان معاناة الشعب الفلسطيني منذ سنوات لم تتغير حتي الآن ومع ذلك فضل أصحاب الحملات الشعبية دعم مجاهدي أفغانسان وكشمير بدلا من دعم الشعب الفلسطيني والان وبعد انقلاب حماس وسيطرتها علي غزة وتقسيم الوطن الفلسطيني انتبه اصحاب الحملات لفك الحصار!! ويبدو واضحا ان قضية فك الحصار ليس لها علاقة بدعم الشعب الفلسطيني ودعمه علي المستوي السياسي والانساني, بل تستهدف في المقام الأول دعم حركة حماس وربما يؤكد ذلك, أن الحملة التي بدأت انطلقت بدعوات من تيار الاسلام السياسي في مصر والأردن بتنسيق مع بعض قادة حماس. إن الذين دعوا أمس لدعم مجاهدي أفغانستان, هم الذين يدعون لدعم مجاهدي حماس, وهذا ماجعلنا نتساءل عن الأهداف الحقيقية من تلك الحملة التي وصفوها بأنها شعبية وهدفها كما يطلقون فك الحصار؟ لقد اعترف أحد منظمي الحملة في مناظرة فضائية معي, ان هدفهم سياسي وليس انسانيا وأكد علي ذلك بقوله: أن جزءا من أهدافها هو إحراج النظام السياسي في مصر!! كما يقولون, فك الحصار؟ اذن القافلة ليست انسانية ولو كانت كذلك لتم تسليم ماتحمله إلي الهلال الأحمر المصري ليقوم بدوره بتسليم هذه المعونات إلي السلطة الوطنية الفلسطينية أو حتي لسلطة حماس المسيطرة علي غزة, ولعلنا هنا نتساءل لماذا لم يحاول منظمو تلك الحملة الاتصال بالسلطات المصرية للتنسيق معها مادام الامر متعلقا بمعونات انسانية تعبر الحدود والقضية تتجاوز الأرض المصرية لأراضي دولة أو سلطة مجاورة؟ يبدو الأمر واضحا فالهدف كان هذه المرة اقتحام الحدود من الجانب المصري واظهار دعم أصحاب هذه الحملة لمحاولات حماس المتكررة لاقتحام الحدود من الجانب الاخر فبعض من منظمي الحملة, رفعوا شعارات النصر بأيديهم عندما تم اقتحام الحدود المصرية من الجانب الفلسطيني. إلي جانب ذلك يبدو ان حركة حماس المنقسمة من داخلها أرادت وهي مقبلة علي جلسات الحوار الفلسطيني البحث عن تأييد عربي لدعم موقفها في المفاوضات المقبلة مع المنظمات الفلسطينية الأخري وأرادت حماس أو بعض التيارات داخلها الالتفاف علي الصيغة المقبلة لاتفاق فلسطيني فلسطيني ينهي حالة الشقاق الوطني التي تشهده الساحة الفلسطينية. كسر حصار غزة هدفه كسر حصار حماس وربما تكرار تجربة مجاهدي أفغانستان في المستقبل, فالأسماء هي نفس الأسماء والعناوين واليافطات السياسية لم تتغير ومن الضروري هنا التوقف والسؤال حول دور بعض النقابات التي حولت دورهاالمهني والانساني إلي دور سياسي تم اختصاره من دور سياسي قومي ووطني إلي دور سياسي يأخذ طابعا حزبيا, فنقابة مثل نقابة الأطباء ولجنتها الإغاثية ظلت طوال السنوات تجمع الأموال والمواد الطبية وترسل أطباءها إلي أفغانستان وكشمير والفلبين ولم نسمع يوما ان هناك قافلة طبية أرسلت إلي الأراضي الفلسطينية!! والغريب أن اصحاب القافلة ودعاة الحملة الشعبية لفك الحصار عن غزة وحماس, لم يفكروا في حملة إغاثة أو قافلة طبية لدعم وعلاج أهالي سكان الدويقة, رغم أن الكارثة حدثت أثناء الإعداد لهذه الحملة الحماسية, ولكن يبدو ان منظميها كان مشغولين بالمؤتمرات الصحفية والتحدث لوسائل الإعلام والفضائيات. الدويقة ومنشية ناصر وأطراف المقطم, أقرب من غزة مع اعتزازنا بجميع المدن الفلسطينية, ولكن يبدو ان مكاتب الارشاد لها حساباتها الدولية, فالحصار لايقتصر علي غزة بل يشمل كل الأراضي الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني في رام الله لاتقل عن معاناته في غزة ولماذا سبقت افغانستان في فترة معينة فلسطين؟ ولماذا يتم نسيان الدويقة وتصبح غزة هي الهدف؟! تساؤلات سياسية ردا علي أهداف سياسية اعترف بها اصحاب الحملة التي فشلت في إحراج الموقف المصري الذي يعمل في صمت لانهاء الانقسام الفلسطيني وعدم تكرار الهجمات الإسرائيلية علي ابناء غزة وعودة السلطة الوطنية الفلسطينية لممارسة دورها علي جميع المدن والأرض الفلسطينية, دون الانحياز لفصيل بعينه حتي تتحقق الأماني المشروعة لهذا الشعب. ومابين الحملة لدعم حماس وقبلها بسنوات لدعم مجاهدي أفغانستان ومع نسيان أحوال أهلنا في الدويقة ومع فتاوي نقل الأعضاء الطائفية, تبقي الأسئلة كثيرة.. إلي متي يترك العمل النقابي في مصر عرضة للاختراق, وموقع متقدم لمكتب الإرشاد, وأين القوانين التي تنظم دور النقابات المهنية حتي لاتتحول إلي أحزاب سياسية, وأين أجهزة الرقابة المالية حتي لاتستنزف أموال الأعضاء في حملات لاتتعلق بمصالح المهنة. أسئلة كثيرة يجب البحث فورا عن اجابات لها, وعلينا البدء إذا أردنا الاجابة بفتح ملف دعم المجاهدين في أفغانستان, ربما نفهم لماذا يتم الآن دعم مجاهدي غزة ولايتم اغاثة الغلابة في الدويقة!؟ المزيد من الأقلام والآراء