بدأت الدورة الأولى لرياضة المرأة الخليجية ويبدو انها سوف تنتهي ايضا تحت الظل تاركة تساؤلات عما إذا كانت المنافسة أمام جمهور من النساء داخل الصالات المغلقة في البطولات ستصبح هي قدر المرأة الرياضية الخليجية الوحيد بتطبيق ضوابط من دونها تكون المرأة الرياضية في الخليج قد فتحت على نفسها بابا من أبواب الجحيم المتمثل في هجوم شرس تشنه عليها جهات كثيرة في المجتمع ممن تنادي بأسلمة الرياضة وخضوعها للضوابط الشرعية؟! وكذلك ينتظر ان تخلف الدورة من ورائها تساؤلاً عما إذا كانت الأيام القادمة ستفرض على المرأة الرياضية الخليجية إذا ما أرادت كسر حاجز الصالات المغلقة والخروج بعيدا عن جمهور من النساء فقط أن تلبي اشتراطات أجمع كثير من مشايخ ورجال الدين على ان الالتزام بها يشكل ترجمة لمفهوم (الرياضة الإسلامية الشرعية)؟ يأتي على رأس هذه الاشتراطات التقيد بارتداء ملابس رياضية إسلامية والتي رأى بعض شيوخ الدين انه (اللباس الباكستاني وفي أحوال أخرى الأفغاني) لأنه اللباس الوحيد الذي يستر المرأة عند ممارستها للرياضة؟! الهجوم الإسلامي الذي تعرض بالنقد الشديد واللاذع لفكرة كرة القدم النسائية في الكويت قبل نحو عام، معتبرا إياها خروجا عن الثوابت الإسلامية والقيم الاجتماعية، كان حاضرا في أذهان البعض بقوة وهو يتابع على مدى الأيام الماضية التي سبقت افتتاح فعاليات الدورة الأولى لرياضة المرأة بمجلس التعاون لدول الخليج العربية التصريحات الصادرة عن اللجنة المنظمة والتي كانت تؤكد دوما على ان الدورة ستقام دون إخلال بالعادات والتقاليد والضوابط الشرعية الإسلامية، والتي منها عدم السماح لجمهور الرجال مطلقا بالتواجد داخل الصالات المغلقة، واقتصار التغطيات الإعلامية والصحفية على الصحفيات والمصورات، وهو ما تأكد جليا لدى بدء فعاليات الدورة التي تقام خلال الفترة من 5 وحتى 11 مارس الجاري.. لسان حال المتابعين كان يتساءل وهو يعلم الإجابة في الوقت ذاته، ويدرك جيدا أن إقامة الدورة الأولي لرياضة المرأة في الكويت كان يتطلب الخضوع للتيار وعدم محاولة الصراع معه للمصلحة التي ستحققها استضافة هذا الحدث الأول من نوعه في الخليج على ارض دولة الكويت.. (لسنا في دولة دينية ولكن دولة دستور يكفل الحرية، ولكن من منا يرغب في اشتعال أزمات جديدة تساهم في القضاء على ملامح الرياضة النسائية في الخليج؟) كان هذا هو تعليق إحدى المشاركات في البطولة عندما سألناها عن رأيها في حجب تواجد الرجل في هذه البطولة، حتى لو كان متفرجا جاء ليشاهد ويشجع زوجته أو إحدى بناته ويدعم تجربتهن الرياضية، فتواجد الرجال ممنوع بحسب اللجنة المنظمة، لدرجة إن اللجنة تكبدت عناء كبيرا في سبيل توفير محكمات نساء بعدد كاف لكل الفرق الرياضية الخليجية المشاركة.، في حين علقت مشاركة أخرى من دولة خليجية قائلة: (في السبعينيات والثمانينيات كنا ننظر لمجتمعكم بعين الإعجاب ونحسد شقيقاتنا الكويتيات على أجواء التفتح التي تنعم بها والتي لم تكن متوافرة في مجتمعاتنا في ذلك الحين، ولكن يبدو ان دوام الحال من المحال، ولا أظن ان الجهات الرسمية في بلدي ستسمح لأي جهة كانت بفرض وصايتها على الرياضة، جئنا لكي نتنافس ونطور مهاراتنا الرياضية، وانا استغرب من تلك النظرة التي تصر على ان تنظر لنا نظرة قاصرة، ولا ينقصنا إلا إن يفرض علينا مستقبلا ارتداء البنجابي الباكستاني أو الأفغاني أثناء ممارسة الرياضة كما اقترح احد المشايخ !!) وبعيدا عن احتجاج هذه المشاركة الخليجية، فان حكاية البنجابي الباكستاني أو الأفغاني وكونهما اللباس الأكثر ملائمة لستر عورة المرأة الرياضية ليست بمزحة، فقد اعتمدهما العديد من علماء الإسلام، ويمكن الرجوع للشبكات الإسلامية الشهيرة مثل شبكة انا المسلم للحوار الإسلامي ولمواقع الدعاة المعروفين أمثال (عمرو خالد) ومواقع أخرى خصصت منتديات لما أسمته (بالرياضة الشرعية الإسلامية)، ويؤكد المشايخ بأن (البنجابي الباكستاني) هو اللباس الشرعي المناسب للمرأة الرياضية فهو فضفاض ولا يظهر مفاتن الجسد، وكونه مشقوقا من الجانبين فان ذلك يعطي المرأة الرياضية المرونة اللازمة عند الجري والقفز وإطالة الخطى..، إلا إن هناك من المشايخ ممن خالفهم في هذا الرأي مفضلا اللباس الأفغاني على البنجابي الباكستاني للمرأة الرياضية ذلك لأن الشقين في جانب القميص الباكستاني كثيرا ما يبرزان شيئا من مكان رباط السروال خصوصا عند هبوب الهواء في حين يخلو اللباس الأفغاني من هذين الشقين !! وتعلق إحدى الراميات الكويتيات وهي محجبة على حكاية اللباس الأفغاني هذه قائلة: (انا مستعدة لارتدائه إذا ما التزم لاعبونا في فرق كرة القدم بارتداء الجلباب الإسلامي اثناء لعب الكرة، لماذا لا يطالبون هم أيضا بستر عورتهم وارتداء شورت إسلامي يغطي الركبة في المباريات؟!) وبعيدا عن حكاية اللباس الأفغاني، فانه من المعروف إن الاشتراطات التي يطالب البعض بفرضها على الرياضة النسائية في المنطقة لإضفاء الشرعية عليها كنوعية اللباس وإقامة المنافسات داخل صالات مغلقة مرفوضة تماما من قبل المنظمات الدولية والاولمبية وقبل نحو عامين رفض الفيفا ان تلعب اللاعبة الكندية المسلمة واسمها (أسمهان) المباريات وهي مرتدية غطاء الرأس، ويخشى المراقبون والمتابعون اليوم من ان تحمل الأيام المقبلة تغيرات تفرضها تيارات إسلامية متشددة ترسم شكلا جديدا ومغايرا لمستقبل الرياضة النسائية التي مازالت تخطو أولى خطواتها في المنطقة لتطلق عليها رصاصة الرحمة!!