ترى.. هل كان لصراخ النواب - المشهود بفعاليته ونتائجه المثمرة على المستوى الحكومي - بشهادة عززتها حكمة شهيرة تفضل بها أحد النواب يوما، هل كان لهذا الصراخ أثره المربك على وزارة الداخلية وعلى قطاع التعليم الشرطي في الوزارة، وكان سببا رئيسيا في «غلطة فادحة» وقعت فيها الوزارة أثناء استقبال معهد الخدمات المساندة لأول دفعة من الشرطة النسائية ؟! ففي الوقت الذي كانت فيه وزارة الداخلية تحتفي باستقبال الدفعة الأولى من الشرطة النسائية والتي قوامها 40 متدربة، وهو ما فعلته وسائل الاعلام أيضا التي اهتمت بنشر صور الشرطيات الكويتيات الملتحقات بالدورة على الصفحات الأولى، كان هناك من اهتم بالصور المنشورة للشرطة النسائية وأشبعها بحثا وتحليلا أكثر من الحدث نفسه، الا ان هذا البحث والتدقيق كانت له مبرراته، خاصة اذا ما علمنا ان الأمر لا يتعلق بملامح هؤلاء النساء ولكن يتعلق بغلطة فادحة وقعت فيها وزارة الداخلية وكشفتها صور المتدربات الجدد. مظهر غريب ذلك الذي ظهرت به الشرطيات النساء في ذلك اليوم، فقد ظهرن وهن يرتدين بدلات رياضية طبع عليها شعار علامة رياضية تجارية شهيرة هي «اديداس»، في حين لم ترتد الشرطيات «الكاب» أو الكبوس من الماركة ذاتها وانما ارتدين كابات تحمل شعار فريق بيسبول أمريكي شهير هو فريق «نيويورك يانكيز»!! وبدلا من ان ترتدي المتدربات الملتحقات بالدورة ما يفيد انتماءهن الأولي لهذا القطاع الحكومي الرسمي، بدون بمظهر غريب مستهجن، حلله البعض بتحليلات منطقية حينا وهزلية حينا آخر.. المحللون المنطقيون رأوا في هذه الغلطة تعبيرا صريحا عن «ربكة وخرعة» اللحظات الأخيرة، قبيل الاعلان الرسمي عن المتدربات الملتحقات بالدورة، والمتابع لما حدث قبيل هذا الاعلان سيلمس كثافة التصريحات النيابية المحذرة من ضرورة توافر اشتراطات الزي الشرعي للشرطة النسائية، والتي تلتها تصريحات أخرى من الداخلية تضمنت تطمينا بمراعاة هذه الضوابط والتي منها الحجاب حتى لغير المحجبات، الا ان الأمر سرعان ما تفجر مجددا بتصريح احد قياديي الداخلية ان المنقبات غير مرحب بهن في سلك الشرطة النسائية، وهو ما وتر الأجواء مجددا بين النواب الاسلاميين ووزارة الداخلية..، وأضاف المحللون مؤكدين ان قرار الباس الحجاب للشرطيات غير المحجبات ظل محل شد وجذب برغم الاعلان عنه، الا ان عدم وضوح الصورة النهائية للزي الشرطي الشرعي الذي يلاقي استحسان المطالبين به من النواب الاسلاميين حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت الاعلان أو الانطلاقة الرسمية التي رعاها السيد وكيل وزارة الداخلية المساعد للتدريب الشرطي اللواء الشيخ احمد النواف الصباح، أدى لهذا المظهر غير المتناسق للشرطيات اللواتي ظهرت بعضهن مرتديات الكاب فقط دون ان يبدو حجاب ما من تحته، الا ان الكارثة الأكبر تمثلت في الشعار البادي على اللباس وعلى الكاب الذي لا علاقة له بالشكل المفترض لمتدربات في جهاز امني حكومي كويتي الهوية!! فقد استنكر هؤلاء المحللون ظهور المتدربات بهذا الشكل الغريب، وحتى وان كن مازلن في مرحلة التدريب، فمن غير اللائق ظهورهن بهذا الشكل لأنه حتى المتدربون في بعض قطاعات الدولة الأخرى يظلون ملتزمين بارتداء يونيفورمات تمثل مؤسسات التدريب المختلفة.. في حين كان هناك محللون هزليون حللوا هذا الخطأ بمنحى فكاهي، اذ افترضوا حسن النية لدى الوزارة التي قد تكون أدخلت رياضة «كرة القاعدة» وهي الترجمة الحرفية للبيسبول - ضمن التدريبات التي اعتمدها المعهد النسائي للشرطيات!! لكنهم عابوا على الوزارة أنها اختارت شعار الفريق الأمريكي للبيسبول «نيويورك يانكيز» ولم تعتمد شعار فريق «رد سوكس» أو الجوارب الحمراء وهو أيضا أشهر من نار على علم في بوسطن حيث تعد رياضة البيسبول هي الأشهر!! و بالغ البعض في تحليله الساخر للموقف اذ تنبأ بأزمة دبلوماسية كويتية - أمريكية، قد تنضم لها دول أخرى، خاصة وان المتابع للانتخابات في هذه الدول يعلم تماما ان مباريات البيسبول في أمريكا مثلا لم تكن بمنأى عن التسييس في موسم الانتخابات، وكون الحكومة الكويتية قد اختارت شعار فريق البيسبول الأمريكي دونا عن غيره من نوادي أمريكية وأوروبية لرياضات أخرى، فان ذلك سيوقعها في حرج اذا ما تساءلت الحكومة البريطانية مثلا عن سبب عدم اختيار شعار «المانشستر يونايتد»، وقد تحتج اسبانيا أيضا بشأن عدم اختيار شعار «ريال مدريد»!! ولم ينته تحليل المحللين بعد، اذ انبرى عدد منهم مؤكدين أن هذه الغلطة اكتشفتها الوزارة ولكن في الوقت الضائع كما يقال، وهو ما يؤكد ان بعض صور المتدربات «الكلوز» خضعت لمعالجة ببرنامج الفوتو شوب، تحول بمقتضاها شعار النادي الى اللون الكحلي المقارب لأرضية الكاب، الا ان باقي الصور الجماعية للمتدربات لم تخضع لهذه المعالجة، فانكشفت الغلطة وأحدثت هذا اللغط الذي لن يهدأ الا بتفسير مقنع ومنطقي من الداخلية يبرر فيه المظهر الغريب الذي ظهرت فيه أول دفعة من الشرطة النسائية الكويتية!!