بارتفاع 265 قدما تبدو للعيان أربعة توربينات بيضاء لامعة تعمل بقوة الرياح في بلدة روك بورت الزراعية الصغيرة مثل كائنات هبطت من الفضاء. لكن بالرغم من حضورها الطاغي وتناقضها الكبير مع ما حولها من مراع وحقول ذرة استقبلت التوربينات هنا بترحاب شديد. حين يتناول ايريك تشامبرلين الذي يدير واحدة من محطات توليد الطاقة من الرياح لحساب مجموعة (ويند كابيتال) طعام الغداء في مطعم البلدة يحييه السكان قائلين "مرحبا يا رجل الرياح" ويقول كثيرون إنهم سعداء لاستخدامهم الكهرباء "النظيفة" أي الطاقة المولدة بوسيلة صديقة للبيئة. وقال تشامبرلين الذي أصبح شخصية مشهورة في هذه البلدة البالغ عدد سكانها 1400 شخص "إنها لا تلوث البيئة وتوفر عائدات للضرائب وفرص عمل. لا أرى فيها جانبا سلبيا." وفي الوقت الذي أثرت فيه زيادة استخدام الإيثانول كوقود بديل على الريف الأمريكي تأثيرا كبيرا فإن استخدام الكهرباء التي تولد عن طريق قوة الرياح تزايد بثبات على مدار السنوات الثلاث المنصرمة وظهرت محطات لتوليد الطاقة من الرياح مثل هذه على امتداد السهول الأمريكية العظمى وما بعدها. ورغم أن توليد الكهرباء من الرياح في الولاياتالمتحدة لا يتعدى واحدا في المئة إلا أنه يستقطب دعما كبيرا هذه الأيام ويعتقد كثيرون في الصناعة أنها مرشحة لطفرة في النمو. وقال راندال سويشر المدير التنفيذي للرابطة الأمريكية لطاقة الرياح التي عقدت مؤتمرا استثماريا في 30 ابريل نيسان في ولاية ايوا شارك فيه أكثر من 600 شخص "هذه أوقات مهمة للغاية. "أخيرا بدأ الناس يرون البيانات الخاصة بما يحدث لمناخ العالم وكان لهذا تأثير حقيقي." وفي العام الماضي ركب عدد قياسي من التوربينات بلغ 3100 في 34 ولاية أمريكية وهناك حاليا الفا توربين قيد الإنشاء من كاليفورنيا إلى ماساتشوستس. وفي المجمل هناك ما يزيد على 25 الف توربين تعمل بالفعل وهو استثمار قيمته 15 مليار دولار. وفي 12 مايو آيار قالت وزارة الطاقة الأمريكية أن طاقة الرياح يمكن أن توفر 20 في المئة من الكهرباء اللازمة للولايات المتحدة بحلول عام 2030 اي 304 جيجاوات بدلا من الطاقة الحالية البالغة 16.8 جيجاوات. وأشارت الوزارة إلى أن تحقيق هذا سيتطلب زيادة تركيب توربينات الرياح إلى نحو سبعة آلاف في العام بحلول عام 2017. ويبدو أن الصناعة قابلة للاستجابة. وفي مارس آذار أعلنت شركة جنرال الكتريك للطاقة أنها عقدت صفقة قيمتها مليار دولار لتوفير 750 ميجاوات من توربينات الرياح وهو ما يكفي لتوفير الكهرباء لنحو 200 الف أسرة. وفي ابريل نيسان دشن المسئولون في نبراسكا مشروعا لإنشاء توربينات الرياح سيكون الاكبر في تلك الولاية لتوفير الكهرباء لما يقدر بنحو 25 الف منزل. وفي نفس الشهر حصلت شركة (ويسكونسن بابليك سيرفيس كورب) على موافقة من مسئولي الولاية لإقامة توربينات بقيمة 251 مليون دولار في ايوا للمساهمة في تنفيذ خطط الولاية بزيادة إمداداتها من الطاقة المتجددة. وفي تكساس أعلن أسطورة صناعة النفط تي.بون بيكينز خططا للاستثمار في محطات توليد الطاقة من الرياح توفر طاقة كهربائية تكفي لنحو مليون منزل. وطلبت شركة ميسا باور التابعة لبيكينز هذا الشهر أكثر من 600 توربين للرياح من شركة جنرال الكتريك. وفي العام الحالي أصبحت كانساس أول ولاية أمريكية ترفض التوسع في إنشاء محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم بسبب المخاوف من الاحتباس الحراري. وتوصي حاكمة الولاية كاثلين سيبيلياس باستخدام طاقة الرياح كبديل ونجحت في التصدي لجهود تشريعية لتخطي قرار المنع. ومجموعة ويند كابيتال ومقرها سانت لويس في ميزوري واحدة من صغار اللاعبين نسبيا. فهي تدير ثلاث محطات لتوليد الطاقة من الرياح في ميزوري وتعتزم إقامة مشروعات في عشر ولايات أمريكية. ومن بين الداعمين لها شركة ان. تي.ار الايرلندية المتخصصة في الطاقة المتجددة والتي استثمرت 150 مليون دولار في ابريل نيسان ووحدة من شركة دير وشركاه باستثمار يبلغ 200 مليون دولار. وتستأجر الشركة الأراضي التي تقيم عليها توربيناتها من المزارعين. وفي روك بورت تستخدم المنازل والمنشآت التجارية التي تحصل على الكهرباء من المرفق المحلي طاقة الرياح المدعومة بإمدادات الكهرباء التقليدية من نظام المرفق المحلي المشترك لميزوري. وتسمح الولايات بشكل متزايد أن تحصل المرافق على جزء من طاقتها عبر مثل هذه المصادر المتجددة. وتستفيد الطاقة المولدة من الرياح من دعم اتحادي في صورة إعفاء ضريبي على الإنتاج قيمته سنتان عن كل كيلووات في الساعة من الطاقة المنتجة. ووفقا لرابطة طاقة الرياح الأمريكية فإن هذا يصل إلى 4.5 مليار دولار على مدار عشرة أعوام. ويقل هذا بكثير عن الدعم السنوي الذي تحصل عليه مقطرات الايثانول بموجب إعفاء ضريبي قدره 51 سنتا للجالون باجمالي 3.57 مليار دولار. ويقول مؤيديون إنه بالإضافة إلى مساعدة البلاد على التقليل من اعتمادها على النفط والغاز الطبيعي والفحم وجميعها مكلفة فإنهم ينظرون إلى طاقة الرياح على أنها جزء من قاعدة لتوظيف عمال في صناعة الأبراج والشفرات والمكونات الأخرى. واقترح باراك اوباما الذي يسعى لكي يصبح مرشح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية استثمار 150 مليار دولار على مدار السنوات العشر القادمة في الطاقة البديلة ومن بينها طاقة الرياح والطاقة الشمسية والديزل الحيوي. وتقترح منافسته هيلاري كلينتون استثمار 150 مليار دولار على مدار عشر سنوات في "مستقبل الطاقة الجديدة." كما صرح جون مكين مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة التي تجري في نوفمبر تشرين الثاني أنه يؤيد استخدام الطاقة المولدة من الرياح. بل إن مكين اختار منشأة لطاقة الرياح في بورتلاند بأوريجون ليلقي فيها كلمته عن الاحتباس الحراري في 12 مايو. ويجادل منتقدون بأن تركيب توربينات الرياح يفسد المناظر الطبيعية ويؤثر على الحياة البرية وقد عرقلت هذه المخاوف ما كان سيصبح أول مولد كهربائي أمريكي يعمل بطاقة الرياح على المستوى التجاري والذي كان من المفترض أن يغطي نحو 45 كيلومتر مربعا من المياه الضحلة قبالة ساحل ماساتشوستس. وفضلا عن هذا هناك حقيقة أنه أحيانا لا تهب الرياح ويعني هذا أنه لا يمكن الاعتماد على توربينات الرياح كمصدر وحيد للطاقة بل كمكمل. لكن باعث القلق الأكبر على صناعة طاقة الرياح في الوقت الحالي هو أنه بالرغم من كل هذا الدعم الجماهيري من المقرر أن ينتهي الإعفاء الضريبي في ديسمبر كانون الأول وقد فشل النواب الأمريكيون والرئيس جورج بوش مرارا في الاتفاق على كيفية تمويل تمديد الإعفاء. وقال مايكل بولسكي الرئيس التنفيذي لشركة اينفينيرجي ال.ال.سي التي تعمل في مجال تنمية طاقة الرياح ومقرها شيكاجو "نعمل قدما لأننا نعتقد أن الطاقة المتجددة لها أهمية كبيرة وحتى واضعي السياسة سيضطرون في وقت ما إلى أن يدركوا أنه يجب فعل شيء في ظل ارتفاع سعر برميل النفط إلى 120 دولارا." (رويترز)