لم يشهد قصر الإليزيه ولا فرنسا هذا النوع من الإثارة الإعلامية منذ زمن كما لم يحظا رئيسا فرنسيا بهذا الزخم من التغطية الاعلامية اين ما حل. السبب بكل بساطة هو انه قد اصبح لفرنسا الرسمية وجه جميل، وقد أنيق، يبرزان في شخص زوجة الرئيس نيكولا ساركوزي، وهي العارضة السابقة كارلا بروني. فمنذ دخول نيكولا ساركوزي قصر الإليزيه، باتت أحداثه تشبه القصص الدرامية: حب، وجمال، وإثارة، حيث اصبح لفرنسا الرسمية وجه جميل. كل هذه العناصر جعلت الرئيس وزوجته مادة صحافية غنية، خصوصا أن الصورة التي تلتقط لساركوزي مع كارلا دائما ما تظهره بالعاشق المتيم، حيث يوزع ابتساماته يمينا وشمالا. سيدات الإليزيه السابقات لم يحظين بهذه الضجة الإعلامية منذ عهد ماري انطوانيت، ولم تنجح إحداهن من قبل في ان تستقطب لفرنسا كل هذا الاهتمام العالمي، خصوصا ان كارلا الحسناء استطاعت في كل لحظة تسرق بها عدسات الكاميرات ان تجعل زوجها في قلب التغطية الاعلامية في بريطانيا وحدها تسنى لساركوزي تحقيق ارتفاع نوعي في شعبيته. والفضل في هذا لا يعود إلى نجاحه في إعادة بعض الدفء للعلاقات الفرنسية البريطانية التي يسودها الفتور في أغلب الأحيان بل إلى أناقة كارلا بروني التي أذابت الجليد. وحسب مسح اجرته صحيفة «ليبراسيون» بعد الزيارة، شهدت شعبيته ارتفاعا بنسبة 40% مقابل 37% في شهر فبراير (شباط)، ما يؤكد أن وراء كل رجل ناجح امرأة، أو حسب المقولة الفرنسية الشهيرة «شيرشي لا فام» أي «ابحث عن المرأة». يوم زارت لندن برفقة زوجها ضرب بريطانيا ما يمكن تسميته «جنون كارلا». جنون لم تشهد له بريطانيا مثيلا منذ عهد الأميرة الراحلة ديانا وقتها تأكد ساركوزي أنها سلاحه الخفي وقوته الناعمة. أناقة كارلا في زيارتها لبريطانيا كانت أكثر من مميزة نظراتها للأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث الثانية، كانت مفعمة بالإثارة. وهذا ليس غريبا على عارضة سابقة تعرف من اين تجذب العين. حتى ان الملكة إليزابيث الثانية، نفسها، تعاطفت مع عدم خبرتها ومحاولاتها للتكيف فكانت توجه لها ابتسامات مشجعة بين الفينة والأخرى لكن أسلوبها الذي استحضر مظهر الراحلة جاكلين كينيدي أوناسيس كان ورقتها الرابحة. لكن سرقة كارلا للعدسات لم تكن في بريطانيا وحدها أول من أمس وصلت مع زوجها إلى مطار قرطاج الدولي بتونس في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام ومرة أخرى سرقت الأنظار من زوجها بفضل اناقتها «الباريسية» التي تضج بالسهل الممتنع. فستان بسيط أساسه النعومة لونه أزرق نيلي مع حذاء «باليرينا» بالأسود والأبيض حملها من المطار إلى قصر قرطاج بدون تكلف في صورة أهدأ من تلك التي ظهرت بها عند وصولها إلى بريطانيا، حيث أعادت للاذهان صورة النجمة أودري هيبورن اكثر من صورة جاكلين اوناسيس وإن كان القاسم المشترك بينهما لا يزال هو البساطة الراقية. ذهبت كارلا الى تونس بدون تصاميم كريستيان ديور من الرأس إلى أخمص القدمين، فبدلا عنها كان هناك تنسيق هادئ بين القطع المتنوعة. كما غاب أيضا الأرجواني وحلت محله الألوان الهادئة مثل الأزرق النيلي والبيج. في اليوم الثاني للزيارة، أمس (الثلاثاء)، توجهت بصحبة زوجها إلى وسط المدينة، ببنطلون واسع بطيات من الجوانب، وهو مصمم على الموضة ويناسبها نظرا لطولها، لكن ليس ببعيد ان اختياره كان حركة دبلوماسية مدروسة، تشير إلى احترامها للذوق العربي، وهو الأمر الذي بدا واضحا خلال زيارتها لمسجد الزيتونة، حيث توشحت حجابا من حرير غطت به شعرها. ما يحسب لكارلا هو اختيارها لألوان محددة في كل زيارة ما يشير إلى خبرة وحنكة ليس في عالم الاناقة فحسب بل أيضا في ما تحتاجه المرأة التي تسافر كثيرا وتحتاج إلى أن تخفف من وزن حقيبتها من دون ان تتنازل عن الاناقة. في زيارتها إلى بريطانيا، مثلا، اقتصرت طوال الفترة على ثلاثة ألوان هما الرمادي والأرجواني والأسود، ولم يختلف الأمر في الزيارة التونسية، حيث اقتصرت على البيج والأسود والأزرق النيلي. فالبنطلون كان بلون البيج والقميص بالأسود وفستان السهرة بالأزرق النيلي. ويلاحظ ايضا انها لا تميل إلى الإكثار من الاكسسوارات، فهي تكتفي بحقيبة يد واحدة وحذاءين بتصميم مشابه (من دون كعب منذ زواجها من ساركوزي لاسباب لا تخفى على فطين) مع مجوهرات ناعمة، لكن يبدو انها تلقت حزاما من الفضة بتصميم شرقي خلال الزيارة، ارتدته مباشرة، لفترة قصيرة، كشكل من أشكال الإيتيكيت والشكر لحسن الضيافة والكرم. كارلا، الجميلة، تثير مشاعر متباينة لدى الناس عموما، ولدى الفرنسيين خصوصا. فمن جهة هي وجه الأناقة الفرنسية الجديدة، ويمكن ان تروج لها بسهولة. وفي الوقت ذاته يدعو ماضيها للاثارة مثل حاضرها، الا ان معضلتها الحقيقية الان انها زوجة رجل شعبيته في انخفاض. كارلا الفرنسية أكثر منها إيطالية، اصبحت جزءا من السياسة الفرنسية، بل وواجهتها، ما جعلها عرضة لشظايا الانتقادات الموجهة لزوجها، كما انها اصبحت مرأة تغار منها فارنسا. لكن، ومنذ الأرجنتينية إيفا بيرون، والاميرة غريس كيلي، وسيدة البيت الابيض جاكلين كينيدي، والاميرة البريطانية ديانا، لم تعرف الصحافة وجها يسرق الكاميرا مثل كارلا لحد الآن. كما لم تعرف فرنسا، منذ ماري انطوانيت، انيقة تسوِّق الاسلوب الفرنسي أكثر منها.