الدولار الامريكي فقد مكانته كعملة دولية. بهذه الكلمات وصف نائب رئيس البنك المركزي الصيني شو جيان حال العملة الامريكية التي ظلت مسيطرة علي الاقتصاد العالمي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية قبل ان تدخل مرحلة التراجع الكبير خلال السنوات القليلة الماضية. واذا كان 'الاخضر' كما يطلق البعض علي الدولار الامريكي قد تراجع بشدة امام العملات الرئيسية وغير الرئيسية في العالم فإن ذلك ليس سوي قمة جبل الجليد التي تخفي تحتها تراجعا مخيفا للاقتصاد الامريكي منذ الرئيس جورج بوش الحكم عام 2001 . فعندما غادر الرئيس السابق بيل كلينتون البيت الابيض كانت الميزانية الامريكية تتمتع بوجود فائض يصل إلي 200 مليار دولار قبل ان تأتي سياسات بوش الاقتصادية ومغامراته العسكرية لتلتهم هذا الفائض وتؤدي إلي عجز في الميزانية يصل إلي 500 مليار دولار تقريبا. والحقيقة التي يتفق عليها الجميع هي ان تراجع قيمة الدولار امام اليورو والين والجنيه الاسترليني بل وعملات الدول النامية يمثل مشكلة خطيرة بالنسبة للاقتصاد العالمي خاصة وان العملة الامريكية مازالت العملة الرئيسية في النظام التجاري العالمي. كما انها العملة الرئيسية في الاحتياطيات النقدية للكثير من دول العالم بما في ذلك الصين صاحبة اكبر احتياطي نقدي في العالم والذي يصل إلي ما يعادل 43،1 تريليون دولار اغلبه بالعملة الامريكية. وكان مسئولون صينيون قالوا ان الصين لديها خطة واضحة لتنويع احتياطياتها بالعملة الاجنبية' بدلا من الاعتماد علي الدولار. وتخفي هذه الصيغة الحيادية خطرا حقيقيا يهدد استقرار الدولار وقد نبهت السلطات المالية الصينية من حيث الجوهر إلي استعدادها لتحويل قسم من احتياطي الذهب والعملات الصعبة من الدولار إلي اليورو وإلي عملات اخري اكثر استقرارا. ومن الممكن توضيح استياء 'التنين الاسيوي من الوضع الحالي اذ تملك اكبر احتياطي من الذهب والعملات الصعبة في العالم وبالطبع لايروق للسلطات الصينية فقدان هذا الاحتياطي لقيمته علي حد قول وكالة نوفوستي الروسية للأنباء. واغلب الظن ان الصين ستحول قسما من الدولارات في احتياطاتها إلي عملات اخري علي دفعات صغيرة تجنبا للإجراءات الحادة. ومع ذلك بوسع حتي تحويل الكميات الصغيرة كما يؤكد الخبراء ان يحفز علي تدهور الدولار من جديد. وليس من الصعب التنبؤ بأن روسيا لن تقف موقف المتفرج في حال بدء البلدان الاسيوية بطرح الدولار في الاسواق المالية بكميات كبيرة. وتجدر الاشارة إلي ان احتياطي روسيا من الذهب والعملات الصعبة يبلغ حاليا ما قيمته 450 مليار دولار تقريبا، ويتوزع هذا الاحتياطي علي النحو الاتي: اليورو 45 بالمائة ، والدولار 45 بالمائة ايضا، والجنيه الاسترليني والفرنك السويسري والين الياباني 10 بالمائة تقريبا ولذلك يفقد نحو نصف احتياطي روسيا من الذهب والعملات قيمته بشكل مستمر! وقد انتقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الولاياتالمتحدة بسبب ضعف الدولار مشددا علي ان استمرار تراجع سعر العملة الخضراء يمكن ان يقود إلي حرب تجارية مع أوروبا. وقال ساركوزي في كلمة امام جلسة مشتركة لمجلس الشيوخ والنواب الامريكيين الاسبوع قبل الماضي ' اذا لم نتحلي بالحذر فإن الاضطراب النقدي يمكن ان يؤدي فعلا إلي حرب اقتصادية. وسنكون جميعا ضحايا' لهذه الحرب. واضاف ساركوزي 'ان اولئك الذين يعجبون بالامة التي قد بنت اكبر اقتصاد في العالم ولم تتوقف عن محاولة إقناع العالم بمزايا التجارة الحرة يتوقعون منها ان تكون من يشجع اسعار الصرف العادلة.' وقال مايكل وولفولك خبير اسواق الصرف في بنك اوف نيويورك ميلون لوكالة بلومبرج للانباء الاقتصادية ان الدولار يعاني حاليا من ازمة ثقة.