يعد قانون النفط والغاز واحدا من أكثر القضايا المثيرة للجدل حاليا على الساحة العراقية، فمنذ إعلان المسودة الخاصة به ،وتتضارب الآراء بين متحمس ورافض له.ورغم هذا وافقت الحكومة العراقية علي مسودة تعديل القانون الثلاثاء 3/7 وأرسلته إلي البرلمان لمناقشته علي الفور متخذة بذلك خطوة كبيرة نحو تحقيق هدف سياسي مهم حددته الولاياتالمتحدة. وترجع الخلافات بين الكتل السياسية حول القانون الى انه يتعلق بالثروة الأولى في البلاد... حيث يتمتع العراق بثانى أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة السعودية.ويهدف القانون كما تؤكد الحكومة العراقية ،إلى ضمان توزيع عادل للثروة النفطية في العراق و التى يوجد معظمها في الجنوب الذي تقطنه أغلبية شيعية، والشمال الذي تقطنه غالبية كردية من العراق. وينظم مشروع قانون النفط شؤون هذه الصناعة ويقدم آلية لتوزيع عائداته بين المحافظات العراقية ال،18كما أنه يهدف الى توفير إطار قانوني لجذب الاستثمارات الاجنبية وتأسيس شركة جديدة تابعة للدولة للإشراف على قطاع النفط. وقد ًتفاوتت ردود فعل الأحزاب والقوى العراقية على إقرار الحكومة لمشروع قانون النفط والغاز،فبينما يشكل توزيع العوائد النفطية مصدر قلق للعرب السنة حيث يعيشون في مناطق ليست فيها احتياطيات نفطية. إلا أنه من أبرزنقاط الإعتراض التى اشترك فيها العديد من الأحزاب هى دخول الشركات الاجنبية الى سوق النفط العراقي.كما تتمحور اعتراضات الأكراد من ناحية أخرى على العلاقة بين حكومة الإقليم وحكومة المركز في بغداد. وكانت المسودة الأصلية التي أقرت في شهر فبراير الماضي تنص على أن تسيطر شركة حكومية على حقول النفط مع تنحية الحكومات المحلية، ولكن منظمات كردية قالت ان هذا الاجراء غير دستوري. وتوصلت المنظمات الكردية الى اتفاق مع الحكومة العراقية تحصل بموجبه سلطات كردستان العراق على 17 في المئة من عائدات النفط.
المؤيدون للقانون وهم قلة وفى مقدمتهم رئيس الوزراء العراقى الذى وصف القانون بأنه هام،والولاياتالمتحدة والتى ترى أن تطوير الصناعة النفطية الاستخراجية والوصول إلى معدلات إنتاجية طموحة لا يمكن أن يتم بمعزل عن الاستثمارات الخارجية وتفاعل واندماج الصناعة النفطية العراقية بالصناعة النفطية العالمية وللوصول إلى هذا الهدف يجب وضع آليات واطر قانونية بما ينسجم مع المصلحة العراقية مؤكدة أن هذا يوجد في مسودة قانون النفط العراقي.
والمعارضون وهم أغلب الاحزاب والجبهات العراقية، يروا أنه يهدد وحدة العراق ويكرس الفيدرالية فيها ، كما أنه سيؤدي إلى عودة الشركات الاحتكارية، واستغلال النفط العراقي، بطريقة تعود بالنفع لتلك الشركات، الأمر الذي سيضعف سيادة البلاد نتيجة دخول الشركات الاجنبية فى مجال استثمارات النفط العراقية.
هذا ومن أبرز الجهات المعارضة كانت هيئة علماء المسلمين التى وصفت في بيان لها مسودة القانون بأنها إهدار لثروة العراق ومن شأنها إضعاف البلاد وزعزعة أمنه واستقراره. وحرمّت الهيئة على أعضاء مجلس الوزراء والبرلمان الموافقة عليه ،واعتبرت الهيئة أن "موافقة اعضاء مجلس الوزراء على هذا القانون اجراء محرم وباطل عقدا ويستوجب فعله الخضوع للمساءلة والمحاسبة". النائب نصار الربيعي رئيس الكتلة الصدرية الحالى، وصف مشروع القانون بأنه يهدد وحدة العراق،وطالبت كتلته بأن ينص القانون على عدم جواز توقيع عقود مع شركات من دول تحتفظ بقوات في العراق. وكانت هناك أيضا أراء معارضةً من جانب بعض الخبراء الإقتصاديين مثل أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، الذى يرى أن هذا القانون الجديد يتناقض تماما مع المادة (29) من الفصل السابع لقانون الاستثمار الأجنبي الذي صادق عليه مجلس النواب في (2006/10/10)، حيث نص على استثناء الاستثمار الأجنبي في مجال استخراج وإنتاج النفط والغاز. كما يرى خبراء آخرون، أن إعطاء الإقليم أو المحافظة المنتجة حق التفاوض مع الشركات الأجنبية لاستثمار حقولها النفطية، يضعف القدرة التفاوضية للطرف العراقي، ويشتتها. ومن ناحيتها حذرت حكومة اقليم كردستان من إدخال تغييرات اساسية على مشروع القانون مؤكدة انها لم تطلع على المسودة النهائية التي صادق عليها مجلس الوزراء. واشنطن أنفردت بالترحيب بإقرار الحكومة العراقية مسودة قانون النفط، بعد أن حثتها لعدة أشهرللإسراع في إقرار القانون وتشريعات أخرى تعتبر حيوية من وجهة نظرها، لكبح جماح العنف الطائفي ورأب الصدع بين الشيعة والسنة. وكان الرئيس الأمريكى بوش قد حض الرئيس العراقي جلال طالباني ونائبه طارق الهاشمي، رئيس الحزب الاسلامي في محادثات عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، على نزع العراقيل من امام إقرار مشاريع القوانين المطروحة على البرلمان مثل النفط والغاز واجتثاث البعث على اعتبار ان الإعتراضات الكردية والسنية تمثل التحدي الاكبر امام المصادقة عليها.
وتخشى واشنطن، التي تريد اقرار مشروع قانون النفط بأقصى سرعة، أن لا يستطيع مجلس النواب (البرلمان) اقرار مشاريع القوانين الحيوية في فترة تمديد اعماله قبل بدء العطلة الصيفية نهاية الشهر الجاري والتى ستستمر لمدة شهر.
من ناحيتهم أكد مسؤولون أمس الاربعاء 4/7 إن بدء البرلمان العراقي في دراسة مشروع قانون النفط المعدل قد يحتاج أسبوعا حيث أشارت الإعتراضات من جانب السلطات الكردية وأيضاً من ساسة من السنة والشيعة الى أن إقرارهذا القانون قد لا يكون عملية سهلة. و جدير بالذكر أنه ينبغي أن يضمن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دعما كافيا في البرلمان الذي يضم 275 عضوا لتمرير القانون. لكن عدم اكتمال النصاب القانوني للمجلس نتيجة انسحاب الكتلة الصدرية الشيعية وكتلة جبهة التوافق السنية منذ بداية شهر يونيو حال دون طرح مسودة القانون للنقاش حيث تشغل الكتلة الصدرية 30 مقعدا وجبهة التوافق 44 مقعدا. ومع عدم وجود وقت كاف أمام البرلمان لمناقشة قوانين النفط والموافقة عليها ،تم تمديد ا لدورة الحالية حتى نهاية يوليو الجارى،حيث يأخذ أعضاء المجلس بعد ذلك عطلة برلمانية مدتها شهراً. ويرى المراقبون أنه فيما لو تم تشريع قانون النفط والغاز، فإنه سيعطي المستثمرين العراقيين والأجانب الحق في إنشاء المنشآت والمصافي النفطية واستثمارها لفترة تصل إلى (50 عاما) ، على أن تؤول ملكيتها بعد ذلك إلى الحكومة العراقية. وبطبيعة الحال، فإن النتيجة الفورية للفشل في تمرير القانون في موعده، ستكون اقتصادية بالأساس، إذ لن تقبل العديد من الشركات الغربية الاستثمار في العراق بسبب المخاطر الأمنية، أما شركات النفط الروسية، فهي على استعداد للاستثمار في العراق إذا زالت على الأقل المخاطر السياسية. ويذكر أن إنتاج العراق النفطي لا يتجاوز حالياً المليوني برميل، وهو رقم أقل بكثير من قدرته على التصدير،ويرجع ذلك إلى أن بنية القطاع التحتية قد تعرضت لأضرار شديدة خلال سنوات من الحصار والحروب طوال الفترة الماضية.
وبينما تعتبر الولاياتالمتحدة والحكومة العراقية قانون النفط أحد أربعة قوانين مهمة ينتظر ان تقوم الحكومة العراقية بتشريع قوانين جديدة لها وهي اضافة الى قانون النفط.. قانون اجتثاث البعث وقانون الانتخابات المحلية واجراء اعادة النظر بالدستور العراقي، بصفتها مواضيع ستساعد كثيرا الحكومة العراقية على دفع العملية السياسية الى الامام. إلا أن العديد من المحللين السياسيين والخبراء النفطيين،يحذروا من تمرير القانون فى ظل الظروف السيئة التى يمر بها العراق الآن،ويروا أن تمرير هذا القانون لا يعتبر أولوية عراقية في الوقت الحالي، وأنه من الأفضل الإنتظار لحين الإنتهاء من إنتهاء الاحتلال و تعديل الدستور. 5/7/2007