في الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا لتحول طال انتظاره إلى مرحلة ما بعد رئيس الوزراء الحالي توني بلير هناك بضعة حقائق عن المسار الذي ستنهجه حكومة المستقبل. وترك وزير الخزانة جوردون براون الشخصية البارزة في حزب العمال المقرر أن يتولى رئاسة الوزراء بعد بلير الجماهير نهبا للتخمين فيما إذا كان هو من أنصار الاستمرارية أو التغيير. ويقول النقاد إن ارتباط براون الوثيق بسياسات بلير طيلة سنوات حكمه بما فيها حرب العراق يعني إنه سيتسلم أرثا سياسيا من الصعب تقريبا أن يتعامل معه.ولم يعط براون /56 سنة/، الذي ينظر إليه على نطاق واسع بأنه أكثر وزراء الخزانة نجاحا في تاريخ بريطانيا الحديث، مؤشرا واضحا عن أي طريق سيسلك. إلا أن براون سيضع في اعتباره استطلاعات الرأي التي توضح أن أكثر من 50 % من الناخبين يريدون انقطاع تام عن سنوات بلير كما إنه سيسجل قلقا متزايدا في حزب العمال وفي الشعب بالمعنى الواسع تجاه الخسائر البشرية والمالية في حرب العراق. إلا أن براون الزميل المقرب من بلير في مشروع حزب العمال الجديد مع ذلك متمسك بجذوره بشكل أقوى في الجناح الاشتراكي بالحزب وأن الكثير ممن خاب أملهم في الاسلوب الرئاسي لبلير سيأملون في أن أصواتهم ستسمع من جديد. ومع ذلك فإن براون أشار إلى إنه لا يأمل في أن يتجه حزب العمال إلى اليسار. وأوضح ذلك بقوله إنه يعترض على أي عودة للاجواء غير الصديقة لقطاعات الاعمال وسيؤيد استمرار بريطانيا كقوة ردع نووية مستقلة. وفيما يتعلق بالعراق فمن المطروح للنقاش أن براون سيضع جدولا زمنيا للانسحاب ليتماشى مع رغبات الكثيرين في حزبه وبلاده بالمعنى الاوسع. ويعتقد المحللون إن بريطانيا سيكون عليها إدخال عملية إعادة توازن على سياستها الخارجية بين الولاياتالمتحدة وأوروبا في أعقاب العلاقة الوثيقة لبلير بالرئيس الاميركي جورج بوش. وقال أحد الخبراء بالنسبة للمستقبل المنظور وأيا كان شخص رئيس الوزراء لن يكون هناك دعم غير مشروط للمبادرات الاميركية في السياسة الخارجية. ويعتقد المحللون إن أي علاقة مختلفة مع الولاياتالمتحدة من المحتم أن تلقي بظلالها على الدور البريطاني في الاتحاد الاوروبي. وذكر مفكر بارز في الاونة الاخيرة إن أي علاقة وثيقة مع أوروبا ليست فقط هي مطلب للسياسة الخارجية البريطانية ولكن من المحتمل أيضا أن يحث الرؤساء الاميركيون في المستقبل بريطانيا على ذلك . فمن المحتمل أن ترغب الحكومات الاميركية المستقبلية أن يضطلع الاتحاد الاوروبي بأسهامات حقيقية في أجندة السياسة والامن الدوليين وتستطيع بريطانيا أن تلعب دورا مهما في تقديم هذا الدعم الاوروبي. إلا أن نظرة براون المتشككة في الاتحاد الاوروبي وبصفة خاصة اعتراضه على اليورو جعلت من الصعب بالنسبة لبريطانيا أن يعاملها شركاؤها الاوروبيون على محمل الجد. وفضلا عن ارتباطه الذي لا مفر منه بسنوات بلير فإن انتظار براون الطويل من أجل السلطة قد يعني أيضا إنه لن يكون رئيسا للوزراء لفترة طويلة كما يتوقع المراقبون. ويعتقد المحافظون الذين يتقدمون في استطلاعات الرأي بعشر نقاط مريحة على حزب العمال إن الفجوة يمكن أن تتسع في ظل زعامة براون مما سيضطر رئيس الوزراء العمالي في المستقبل أن يدعو إلى الانتخابات ربما بشكل أسرع مما يرغب.