وافق مجلس الأمن الدولى أمس بإجماع أعضائه الخمسة عشر على قرار أعدته الولاياتالمتحدة وبريطانيا يزيد من مسئوليات بعثة الأممالمتحدة لمساعدة العراق، وهو القرار رقم 1770 لسنة 2007 الذى يمنح الأممالمتحدة دوراً سياسياً موسعاً فى العراق لتعزيز المُصالحة بين طوائفه المُتناحرة والحوار مع دول الجوار، بينما نفت واشنطن ولندن أن يكون الغرض من القرار التخلص من المشاكل السياسية بالعراق، ويطالب التفويض الجديد البعثة بتقديم المشورة والدعم والمُساعدة للعراقيين فيما يتعلق بدفع حوارهم السياسى الشامل والمُصالحة الوطنية قدماً ومراجعة دستورهم وترسيم حدود المناطق وتنظيم إحصاء رسمى للسكان، وستعمل البعثة أيضاً على دعم المحادثات بين العراق وجيرانه بخصوص أمن الحدود والطاقة واللاجئين والمُساعدة فى عودة الملايين الذين فروا من العنف، فضلاً عن تنسيق جهود إعادة الإعمار والمعونة والمُساعدة فى دعم الإصلاح الاقتصادى . ونفى مسئولون أمريكيون وبريطانيون أن هدفهم هو التخلص من المشاكل السياسية للعراق بإلقائها على كاهل الأممالمتحدة ثم سحب قواتهم، غير أنهم أشاروا إلى أنهم يريدون مُشاركة أكبر من جانب الأممالمتحدة فى حشد دول المنطقة لمُساعدة العراق، وقد توصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون بالفعل إلى اتفاق لصالح العراق مع البُلدان المجاورة له يحدد معايير لبغداد مقابل حصولها على اعفاءات من الديون ومُساعدات أخرى، وقد أوضح "زلماى خليل زاد" السفير الأمريكى لدى الأممالمتحدة ومهندس قرار مجلس الأمن أن الموافقة عليه بالإجماع تُظهر أن صفحة قد طويت فيما يتعلق بدور مجلس الأمن فى العراق فى إشارة إلى رفض المجلس الموافقة على الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، إلا أن وزير الخارجية العراقى "هوشيار زيبارى" كان قد أشار فى رسالته إلى الأمين العام أن أى تحرك من جانب المنظمة الدولية بحاجة إلى موافقة مُسبقة من الحكومة العراقية . وقد تصادف التفويض الجديد للأمم المتحدة مع الأزمة السياسية الجديدة فى العراق، إذ أن نحو نصف وزراء الحكومة العراقية التى يرأسها نورى المالكى إما يقاطعون الاجتماعات أو انسحبوا من الحكومة . قرار مجلس الأمن الجديد الخاص بمد عام لمهمة بعثة الأممالمتحدة للمُساعدة فى العراق والتى انتهت أمس والذى وافق على زيادة عدد موظفى البعثة على الأرض فى العراق يسمح كذلك للممثل الخاص للأمم المتحدة فى العراق والبعثة إذا سمحت الظروف بتقديم النُصح والدعم للحكومة العراقية فى عدة مجالات بينها المجال السياسى والاقتصادى والانتخابى والقانونى والدستورى وفى القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان وعودة اللاجئين، كما يؤكد القرار على الدور المهم للقوات المتعددة الجنسيات فى دعم البعثة الدولية خاصة فيما يتعلق بتوفير بيئة آمنة لموظفيها . ومن ناحيته أعلن الأمين العام للأمم المتحدة " بان كى مون" أن الأممالمتحدة ستلعب اعتباراً من الآن وصاعداً دور الوسيط فى العراق بهدف تشجيع الحوار بشقيه الداخلى بين مختلف العراقيين والخارجى مع الدول المجاورة فى آن واحد، وفى نفس الوقت أكد الأمين العام أنه لم يتخذ قراراً بعد حيال احتمال زيادة عدد الموظفين الدوليين للأمم المتحدة المسموح لهم بالإقامة فى الأراضى العراقية، وهى فكرة تلافى معارضة من موظفى الأممالمتحدة. وأكد " مون" أنه لم يقرر بعد هوية ممثله الخاص فى العراق الذى سيحل محل الباكستانى أشرف قاضى الذى أبدى رغبته فى ترك هذا المنصب بعد ثلاثة أعوام، وأوضح " مون " أن السويدى "ستيفان دى ميستورا" هو أحد المرشحين البارزين لهذا المنصب، وقد سمحت المنظمة الدولية لعدد أقصاه 65 من الموظفين بالإقامة فى العراق منذ التفجير الذى وقع عام 2003 وأودى بحياة 22 من موظفى المنظمة بمن فيهم المبعوث الخاص للامم المتحدة "سيرجيو فييرا دى ميلو" . ومن المتوقع أن يستلزم الدور الموسع للمنظمة الدولية زيادة فى عدد موظفيها ببغداد يبلغ عددهم حالياً نحو 55 فقط خمسين فى بغداد يقيمون فى مجمع المنطقة الخضراء المحصن الذى يضم مقار حكومية ودبلوماسية وخمسة فى البصرة ، وينصب الاهتمام الرئيسى حالياً للموظفين الدوليين على المُساعدة فى إجراء الانتخابات ومراقبة حقوق الإنسان ويعمل حالياً نحو 235 من موظفى البعثة فى الأردن والكويت، ويمكن زيادة عدد الموطفين الدوليين العاملين داخل العراق إلى 95 فى أكتوبر حسبما صرح نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية "لين باسكو" فى وقت سابق من هذا الأسبوع، وأعرب السفير العراقى فى الأممالمتحدة حميد البياتى عن موافقته على تلك الخطوة أمس قبل إجتماع مجلس الأمن للتصويت على القرار . وقد رحب الرئيس الأمريكى جورج بوش بقرار مجلس الأمن الدولى مُعبراً إياه إشارة مهمة على التزام المنظمة الدولية فى دعم الاستقرار فى العراق وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض " دانا بيرينو" إلى أن الولاياتالمتحدة تعبر عن سرورها بفكرة العمل مع الأممالمتحدة وشركائها الدوليين لدعم الحكومة العراقية وتشجيع الحوار السياسى فى العراق. وأشار المراقبون إلى أن واشنطن تسعى منذ أشهر إلى توسيع دور الأممالمتحدة فى العراق، ولقيت تلك الفكرة دعماً من الأمين العام للأمم المتحدة " بان كى مون " خلال اجتماعه مع الرئيس بوش الشهر الماضى . وكانت بعثة المساعدة فى العراق قد شكلت بموجب قرار رقم 1500 الصادر عن مجلس الأمن فى 14 أغسطس 2003 وينتشر فى إطارها مئات من الموظفين الدوليين المدنيين والموظفين المدنيين المحليين معظمهم فى الدول المجاورة للعراق وغادر معظم أعضاء تلك القوة بغداد بعد تفجير مقر الأممالمتحدة فى 19 أغسطس 2003 ومنذ ذلك الوقت يعارض موظفو الأممالمتحدة توسيع وجودهم على الأرض فى العراق مرة أخرى بسبب المشاكل الأمنية . وقد اعترضت نقابة عمال الأممالمتحدةعلى توسيع البعثة الدولية فى العراق ودعا مجلس موظفى الأممالمتحدة فى بيان له الأمين العام إلى عدم نشر مزيد من الموظفين فى العراق وسحب من يعملون حالياً فى بغداد إلى حين تحسين الوضع الأمنى . 11/8/2007