انضمت مصر إلى معارضى فرض عقوبات على الخرطوم بسبب رفضها السماح بنشر قوات حفظ السلام الدولية في منطقة دارفور غرب السودان. حيث حذروزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط من مخاطر التلويح بفرض عقوبات جديدة على السودان على خلفية الوضع القائم في إقليم دارفور الذي يشهد حربا أهلية. وكان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قد دعا ، في تصريحات له ، كافة الأطراف إلى مواصلة الحوار من أجل تذليل العقبات في أزمة دارفور، محذرا من مخاطر التلويح بما يسمى "الخطة ب" التي تتضمن الحديث عن فرض عقوبات على السودان.وأعلن ابو الغيط للصحافيين أنه بعث رسائل عاجلة إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمفوضية الأوروبية تدعو للتعامل الإيجابي مع مضمون ما ورد فى رسالة الرئيس السودانى عمر البشير الأخيرة إلى سكرتير عام الأممالمتحدة بان كى مون خاصة ما ورد بها من تأكيد التزام الحكومة السودانية بمقررات قمة مجلس السلم والأمن الأفريقي الأخيرة في أبوجا. وكانت الأممالمتحدة قد اعتبرت أن البشير بدا في هذه الرسالة وكأنه يشكك بالاتفاق الموقع في نوفمبر 2006 حول نشر قوة مشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في إقليم دارفور لتحل محل قوة الاتحاد الأفريقي التي تفتقر إلى التمويل والتجهيز، حيث ينص هذا الاتفاق على تشكيل قوة مشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور مع نشر 2300 عنصر دولي في مرحلة أولى للتهيئة لمرحلة لاحقة. وينص قرارمجلس الأمن الدولي على نشر تدريجي لقوة مشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي قوامها 20 ألف عنصر. وشدد أبو الغيط على ضرورة البحث فى حلول ومقترحات جديدة لتجاوز أية عقبات فنية تحول دون تنفيذ بعض التفاصيل الخاصة بحُزم الدعم المقترحة. وطالب أبو الغيط أعضاء مجلس الأمن والمجتمع الدولى بإيلاء المزيد من الاهتمام وبذل الجهد المضاعف للمساعدة فى التوصل إلى تسوية سياسية سريعة تضمن انضمام الأطراف غير الموقعة على اتفاق أبوجا إلى اتفاق السلام مشيرا إلى أن هذا الأمر من ششأنه أن يسهم بلا شك فى استعادة الاستقرار والسلام إلى هذا الإقليم الهام وتوفير الحماية للمدنيين وسرعة عودة النازحين من أهالي دارفور إلى قراهم.وطالب أبو الغيط بالعمل على التوصل إلى تسوية سياسية سريعة تضمن انضمام الأطراف غيرالموقعة على اتفاق أبوجا إلى اتفاق السلام. وكانت بريطانيا قد طالبت مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على الخرطوم،حيث هدد سفير بريطانيا في الأممالمتحدة جونز باري الثلاثاء الماضى بمطالبة مجلس الأمن فرض عقوبات جديدة على السودان في حال لم يف بتعهده السماح بنشر قوة مشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في إقليم دارفور. كما قالت الولاياتالمتحدة إنها تنوي فرض عقوبات جديدة عليها تشمل قيودا على الشركات السودانية التي تتعامل بالدولار الأميركي . وكان تقرير المبعوثة الحائزة على جائزة نوبل للسلام جودي وليامز قد اتهم حكومة الخرطوم ب "تنظيم" جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.ودعت وليامز في كلمة لها أمام المجلس في جنيف الجمعة الأممالمتحدة إلى التحرك لحماية سكان دارفور من "الأعمال الوحشية من قتل واغتصاب وتعذيب".
دعوات دولية لتجاهل التقرير وكانت الصين وروسيا انضمتا إلى الدول العربية والإسلامية في حث مجلس حقوق الإنسان على تجاهل تقرير بعثة وليامز، التي قالت الدولتان إنها فشلت في الوصول إلى دارفور ولم تنفذ التفويض الممنوح لها مما يستحيل معه اعتبار التقرير موضوعيا وقائما على أساس قانوني. ورفضت منظمة المؤتمر الإسلامي -التي تنتمي إليها مجموعة تضم 17 دولة من بين الدول ال47 الأعضاء بالمجلس التقرير، واتهمت معديه بالانتقائية. وكانت البعثة الخاصة التي عينها مجلس حقوق الإنسان في نوفمبرالماضي، منعت من دخول الأراضي السودانية بعدما شككت الحكومة السودانية في حياد بعض أعضائها، ورفضت منحهم تأشيرات دخول.لكن البعثة الحقوقية أجرت تحقيقات خارج السودان، ونشرت الاثنين الماضي تقريرا اتهمت فيه الخرطوم ب "المشاركة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور". مطالبة السودان بتشكيل لجنة جديدة من جانبها رفضت الحكومة السودانية التقرير وطالبت بتشكيل لجنة جديدة للمجلس لتقصي الأوضاع في إقليم دارفور. واعتبر وزير العدل محمد علي الرضي أن التقرير مليء بالادعاءات الخاطئة ،كما دعا سفير السودان في الأممالمتحدة عبد المحمود عبد الحليم إلى تشكيل لجنة جديدة لا تكون على شاكلة سابقتها و إنه يجب التأكد من أن اللجنة الجديدة لا تضم أعضاء ممن وصفهم بأنهم فقدوا المنطق وكل بوصلة لتوضيح الحقائق،وداعي أيضاًا إلى أن تكون اللجنة الجديدة ممثلة من المناطق الجغرافية الخمس من العالم،وقال عبد الحليم إن السودان ليس لديه ما يخفيه، متهما لجان حقوق الإنسان بأنها تقول ما تريده واشنطن ولندن في مجافاة صارخة للواقع على الأرض، على حد تعبيره. وأوفدت الخرطوم عددا من وزرائها إلى جنيف قبيل تقديم لجنة خاصة بشأن دارفور تقريرها للمجلس أول أمس الجمعة، بينهم وزير الخارجية لام أكول الذي وصف التقرير بأنه "باطل وعقيم.. وادعاءاته مبهمة ومتحيزة ولا تصمد أمام الفحص".ومن جهته حذر السفير السوداني إبراهيم ميرغني مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من احتمال "فقدان المصداقية" إذا ما اعتمد "نظام الكيل بمكيالين" بين الدول المتطورة وتلك النامية. وجدير بالذكر أن الحرب الأهلية في دارفور المستمرة منذ عام 2003 قد اوقعت نحو 200 ألف قتيل وأكثر من مليوني لااجئ، بحسب تقديرات الأممالمتحدة التي تحتج عليها الحكومة السودانية.
لمحات عن دارفور يقع إقليم دارفور في أقصى غرب السودان وعاصمته الفاشر ،ومساحته 296,420 كلم مربع، وتشكل حدوده الغربية الحدود السياسية للسودان في تلك الجهة مع ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد، وتسكنه عرقيات إفريقية وعربية؛ من أهمها "الفور" التي جاءت تسمية الإقليم منها، و"الزغاوة"، و"المساليت"، وقبائل "البقارة" و"الرزيقات" وتمتد جذور بعض هذه المجموعات السكانية إلى دول الجوار، خاصة تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى . وحول الوضع السياسي ، تعتبر ولاية شمال دارفور من أكثر المناطق المرتبكة في العالم حاليا حيث توجهت الأنظار إلي الولاية منذ إندلاع التمرد ضد الحكومة السوادنية من قبل أبعض المتمردين الذين قامو بضرب المصالح الحكومية في عاصمة الولاية إبتداءا من مطار الفاشر حيث دمروا فيها خمس طائرات عسكرية حكومية مماتسبب في خسائر للجيش الحكومي بلغت عشرات الملايين من الدولارات في يوم واحد و هو الثاني من مارس 2003 ، و تطالب الحركات المسلحه في دارفور ما تصفه بالتقسيم العادل للسلطة و الثروة و التنمية في الإقليم الذي تدعى أنه تم تهميشه من قبل الحكومة الحالية و حكومات سابقة منذ إستقلال السودان و تفاوضت حركة العدل و المساواة السودانية و حركة تحرير السودان مع الحكومة الحالية في نيجيريا حيث تم التوصل الى اتفاق ابوجا 5/2006 والذى تضمنت أهم بنوده لترتيبات أمنية تتضمن نزع سلاح مليشيات الجنجويد بصورة كاملة، ويحدد المبادئ اللازمة لإدماج القوات المتمردة في القوات المسلحة السودانية والشرطة.ويتضمن أيضاً مبادئ أخرى لتقاسم السلطة وأيضاً لتقاسم الثروات .كما يحدد الإتفاق موعداً لإجراء استفتاء شعبي في موعد أقصاه يوليو2010 لتحديد ما إذا كانت دارفور ستصبح منطقة اتحادية مع إدارة منفردة.كما يتضمن إجراء انتخابات على جميع المستويات في موعد أقصاه يوليو 2009 بموجب الدستور الوطني الانتقالي.وينص على إنشاء صندوق لإعادة إعمار دارفور وتنميتها. وجدير بالذكر ان الضغوط الدوليةوخاصة الامريكية اأدت الى صدورقرارات دولية تتهم الحكومة السودانية باستخدام العنف فى دارفورخاصة القرار 1593الصادر عام 2005 ويقضي بإحالة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور إلي المحكمة الدولية خصوصا و أن اللجنه الخاصه بالمحاكمات قد سلمت الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان قائمة ب 51 أسما تقول مصادر مطلعه بأنها تضم أسماء مسؤولين كبار في الدولة بما فيهم البشير و نائبه علي عثمان محمد طه. ومن الناحية التاريخية عاش الرحل والمجموعات المستقرة وشبه الرعوية والمزارعون في دارفور في انسجام تام منذ قديم الزمان، وهناك علاقات مصاهرة بينهما، واعتادت مجموعات الرحل التنقل في فترات الجفاف إلى مناطق المزارعين بعد جني الثمار، وهذه العملية يتم تنظيمها في اتفاقيات محلية بين القبائل، وإن لم يخلُ الأمر -في أوقت الجفاف والتصحر- من بعض المناوشات المتكررة بين الرحل والمزارعين في نطاق ضيق، سرعان ما كان يجري حلها. وجدير بالذكر أنه لم يسمع أحد أن الاختلافات الإثنية والثقافية بين هذه المجتمعات التي تم استغلالها بصورة واسعة في هذا الصراع كان لها دور في أي خلافات بين مجموعتي القبائل المختلفة؛ حيث كان يتم حل النزاعات في مؤتمرات قبلية تنتهي بتوقيع اتفاقيات المصالحة بين أطراف النزاع، غير أن النزاعات والحروب القبلية اتسعت بصورة كبرى مع الوقت، وتشعب النزاع، وتدخلت أطراف دولية وإقليمية. ففي 1989 اندلع نزاع عنيف بين الفور (أفارقة) والعرب، وتمت المصالحة في مؤتمر عقد في الفاشر؛ مما أخمد النزاع مؤقتا، ورعى اتفاقيةَ الفاشر -التي أنهت الصراع- الرئيسُ السوداني الحالي عمر البشير الذي كان قد تولى الحكم عام 1989 . كما اندلع صراع قبلي آخر بين العرب والمساليت في غرب دارفور بين عامي 1998-2001؛ مما أدى إلى لجوء كثير من المساليت إلى تشاد، ثم وقعت اتفاقية سلام محلية مع سلطان المساليت عاد بموجبها بعض اللاجئين فيما آثر البعض البقاء في تشاد.
لغز ميليشيا "الجنجاويد" كلمة "جنجاويد" مكونة من ثلاثة مقاطع هي: "جن" بمعنى رجل، و"جاو" أو "جي" ويقصد بها أن هذا الرجل يحمل مدفعا رشاشا من نوع "جيم 3" المنتشر في دارفور بكثرة، و"ويد" ومعناها الجواد.. ومعنى الكلمة بالتالي هو: الرجل الذي يركب جوادا ويحمل مدفعا رشاشا.
وعلى حين تتهم حركات التمرد الثلاثة في دارفور ووكالات الإغاثة الدولية الجنجاويد بأنهم أعوان الحكومة وتابعوها، وأنهم عرب يشنون هجمات عنيفة على الأفارقة من قبائل الفور والمساليت والزغاوة.. تنفي الحكومة السودانية ذلك بشدة، وتقول: إنها لا ولاية لها عليهم، وإنهم يهاجمون قواتها أيضا. ويتهم الغرب هذه الميليشيات أنها تقوم بعمليات قتل ونهب وإحراق البيوت، وتشريد الآلاف من الأشخاص، ويقال:إن عددهم صغير جدا، ربما بضعة آلاف، لكنهم مسلحون تسليحا جيدا بالرشاشات ويركبون الخيل والجمال، وأن هدفهم الحصول على موارد المياه والمراعي المهمة للقبائل الرحل. ويقال أن الجنجاويد يعيشون على الرعي، وإنهم تعرضوا لضرر كبير بسبب التصحر الذي قلل من موارد المياه والمراعي في دارفور بشكل ضخم، وإنهم يهاجمون رجال القبائل الأفريقية؛ الذى يخرج منهم العدد الأكبر من مقاتلي حركات التمرد:جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة اللتين تمثلان المجموعتين المتمردتين الرئيسيتين في دارفور والتى تريد عزل دارفور عن السودان وتدين بالولاء للغرب، وإن هدفهم بالتالي هو القضاء على التمرد من خلال ضرب هذه القبائل.