تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد تلاشت الآمال الأمريكية في كسب المزيد من النفوذ على قوى و حركات التمرد المسلحة فى سوريا ،اثر اعلان 11 فصيلا من أكبر الفصائل المسلحة تنكرها لتحالف المعارضة المدعوم من الغرب واعلانها عن تشكيل تحالف جديد مخصص لإقامة دولة إسلامية على الارض السورية. و يقود التحالف الاسلامى الجديد ، جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة ، و التى تصنفها واشنطن كمنظمة إرهابية ، و هو يزيد تعقيد جهود الولاياتالمتحدة الوليدة لتقديم مساعدات للمتمردين "المعتدلين" الذين يقاتلون للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد. كما يشمل التحالف "لواء التوحيد" وهو اكبر وحدة للجيش السوري الحر في مدينة حلب الشمالية؛ و لواء الاسلام" وهو أكبر جماعة متمردة في العاصمة دمشق، كما يضم التحالف " فصيل أحرار الشام" السلفى الذى يتسم باتساع تواجده فى مختلف انحاء سوريا . والجبهة الجديدة، التى أطلق عليها "التحالف الإسلامي"، تدعي أنها تمثل 75 في المئة من المتمردين الذين يقاتلون للاطاحة بالأسد. وفور الاعلان عن هذا التحالف اضطر الجنرال سالم إدريس- رئيس المجلس العسكري الأعلى المعتدل و هو من يتولى مفاوضات المساعدات الامريكية - لقطع زيارته إلى باريس ليصل اليوم الخميس الى سوريا لبحث سبل اقناع الفصائل الاسلامية لإعادة النظر فى الانسحاب من كتلة المعارضة . وشدد التحالف الاسلامى الجديد فى بيان له على أنه لم يتخل عن المجلس العسكرى الاعلى ، إلا أنه أصبح يعتبر" ائتلاف المعارضة السياسية في المنفى" غير ممثل لقوات التحالف الاسلامى . إلا أن المحللين يرون ان انسحاب الفصائل الاسلامية الكبرى يترك المجلس العسكرى مع حفنة صغيرة من الوحدات العسكرية المقاتلة و المتناثرة فى شتى انحاء سوريا و هو ما سيقوض جهود اللواء ادريس و مفاوضاته مع واشنطن التى ستشكك في جدوى تقديم المساعدات إلى" المتمردين المعتدلين " . و يرى تشارلز تشارلز ليستر Charles Lister من مركز IHS Jane's لاستشارات الدفاع فى لندن ، أن اعلان التحالف الاسلامى "من المحتمل أن يكون نقطة التحول الأكثر أهمية في مسار التمرد المناهض للحكومة في سوريا حتى الآن" مشيرا الى انه قد يؤدى الى " تضاؤل نطاق النفوذ الغربي على المعارضة السورية إلى حد كبير" . و وفقا للمتحدث باسم المجلس العسكرى الاعلى للمعارضة السورية " لؤي المقداد" ان ما حدث يهدد آمال الفصائل المتمردة الأخرى فى تلقي المساعدة العسكرية من الخارج ، و قد تتراجع إدارة أوباما التى بالفعل بدأت تكثف دعمها بعد أكثر من عام من التردد. وأضاف المقداد ان الولاياتالمتحدة وحلفائها هم المسئولون عما يحدث ، لفشلهم مرارا وتكرارا في الوفاء بوعودهم لتقديم المساعدة فى الوقت الذى وصل فيه عدد القتلى في سوريا الآن لأكثر من 100،000 قتيل و يزدادون يوما بعد يوم . ويبدو ان الاحداث فاجأت إدارة أوباما على حين غرة، وفي بيان امس الأربعاء، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية "جين بساكي" أن بعض المسؤولين يتابعون "التقارير" و يبحثون الآن مع المعارضة المعتدلة ما تأثير ذلك للمضي قدما. و قالت " باسكى" إن المعارضة المنقسمة تفيد نظام الأسد والانتهازيين الذين يستخدمون الصراع لتعزيز أجندتهم المتطرفة الخاصة، ولكن ستظل معونة الولاياتالمتحدة، مع الأخذ في الاعتبار أن التحالفات والاتحادات غالبا ما تتغير على الأرض "وفقا للموارد واحتياجات اللحظة". "عمرو العظم" أستاذ التاريخ في جامعة شاوني في ولاية أوهايو - وهو سوري يدعم المعارضة- يرى ان انقسام الجماعات المسلحة المناهضة للاسد يقوض جهود الولاياتالمتحدةوروسيا الرامية إلى عقد مؤتمر السلام في جنيف التي من شأنها أن تجمع بين الحكومة والمعارضة، و ان انشقاق بعض اهم الفصائل المتمردة يأتي بمثابة تذكير بأن أي تسوية عن طريق التفاوض سيكون لها أيضا أن تأخذ في الاعتبار رغبات أولئك مسكون بزمام السلطة على ارض الواقع . ويرجع "عمرو العظم" ما حدث من انقسام فى المعارضة بين الاسلاميين و المعتدلين الى فقدان الامل من المجتمع الدولى ، وهو ما يؤيده ايضا " المقداد " الذى اعلن ان الغرب يبدى نيه للتفاوض مع الاسد على حساب دماء السوريين .. كذلك "أبو حسن"، المتحدث باسم لواء التوحيد في حلب، ردد نفس الكلمات ، معبرا عن خيبة أمل الثوار مع تراجع إدارة أوباما عن المضي قدما في الغارات الجوية لمعاقبة الأسد لاستخدامه الأسلحة الكيميائية في ضواحي دمشق الشهر الماضي، فضلا عن قرارها لابرام اتفاق مع روسيا بشأن سبل التفاوض على حل. والبيان الصادر عن الجماعات المتمردة التى شكلت التحالف الاسلامى ، يعزى قرارهم في الغالب إلى عدم الرضا عن تحالف المعارضة السورية، التى تتكون من السياسيين المنفيين الذين كافحوا من أجل كسب التأييد بين السوريين في البلاد وبالتودد للمجتمع الدولي. ويتزامن تحالف الاسلاميين أيضا مع تزايد المخاوف الدولية ازاء التصاعد السريع لنفوذ الجماعات المتمردة المرتبطة بتنظيم القاعدة، كجبهة النصرة و فصيل الدولة الإسلامية في العراق والشام، الذى وسع نفوذه سوريا في وقت سابق من هذا العام، وبدا فى توجيه سلاحه ضد الفصائل المتمردة الأخرى لبسط سيطرته على مناطق المتمردين.