تمتلك أفريقيا كل المقومات لتكون المحرك الاقتصادي المهيمن على الكوكب لمدى عقود، وربما للقرن 21 بأكمله، وفقا لعلماء الديموجرافيا والاقتصاديين وخبراء الصناعة والزراعة ، فان هذه المكونات و المقومات سترفع من شان القارة التى تم تجاهلها لقرون طويلة. و تشير آخر الإحصائيات إلى أن اقتصاد افريقيا ينمو بوتيرة أسرع من اقتصادات كل قارات العالم الاخرى، وحوالي الثلث من 54 دولة في أفريقيا لديها معدلات نمو سنوية في الناتج المحلي الإجمالي تتعدى أكثر من 6 في المئة، فما الذي يحرك و يقود هذا النمو؟ جوناثان بيرمان في العدد الجديد لمجلة هارفارد بيزنس ريفيو ، اشار لوجود 7 محفزات اساسية لتحقيق افريقيا نموها المطرد؛ اولا المدن: عند مقارنة أفريقيا مع الهند، ثاني أكبر دولة في العالم ، تجد ان نسبة الأفارقة الذين يعيشون في المدن يتجاوز بالفعل نسبة هؤلاء الذين يعيشون بالمدن في شبه القارة الهندية . وبحلول عام 2030 من المتوقع ان يصبح نصف جميع الأفارقة يعيشون في المدن. لذا فان الطبقة الوسطى بأفريقيا هى أكبر من سكان الهند. وأفريقيا لديها 52 مدينة عدد سكاها يتعدى المليون شخص على الأقل، و هو نفس العدد فى قارة اوروبا. ثانيا الاستقرار : فالانقلابات آخذة في الانخفاض ، وقوى السوق العالمية تحتضن القارة تدريجيا، وتساهم فى خفض التضخم وخفض الديون السيادية..و تجار السندات العالميين يشتريون عدد متزايد من السندات الحكومية الأفريقية لما تحققه من عوائد عالية مع درجات امان قوية نسبيا. ولقد انخفض عدد الانقلابات منذ التسعينيات ليصل الى ادنى مستوى له منذ الستينيات ، ووفقا للمؤشر الذي يقيس مستوى الديمقراطية في البلاد، تقدمت أفريقيا الى مراكز متقدمة و بخطوات واسعة مقارنة مع التسعينيات .. ثالثا التجارة : بالنظر للارقام نجد ان التجارة البينية الأفريقية غير ناضجة و ضعيفة ، فالتجارة داخل حدودها بين دول القارة لا تتعدى 11 في المائة فقط من التجارة الاجمالية لافريقيا ، لكن هذا الوضع يتغير: فاليوم هناك خمسة تكتلات تجارية محددة، ونشطة بشكل متزايد في القارة. وخلاصة القول، ان أفريقيا لديها اقتصاد يتعدى حجمه 2 تريليون دولار . رابعا السكان : سوف تضم القارة قريبا أكبر قوة عاملة على كوكب الأرض ، و متوقع ان تنمو لتصل إلى 163 مليون في هذا العقد ، و بحلول عام 2035 سيكون هناك المزيد من العمال فى افريقيا اكثر من الصين. ومع منتصف هذا القرن سوف تضم افريقيا 25 في المئة من العمال في العالم. بينما يقل العمال في الصين وأوروبا وتتزايد اعمارهم فى الوقت الذى تقل فيه القوى العاملة الشابة القادرة على العمل. خامسا التعليم : أفريقيا المزدهرة سكانيا اصبحت تستفيد من التزام الحكومات القوي بالتعليم. وعموما، فان نحو20 بالمائة من الإنفاق الحكومي فى معظم الدول الافريقية التى تشهد نموا كبيرا يوجه للتعليم - وهو حوالي ضعف المستوى بالدول في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية- كما ارتفع معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية إلى 76 في المئة في عام 2008، محققا ازيد من 14 نقطة زيادة خلال عقد من الزمن، في حين ارتفع معدل الالتحاق بالمدارس الثانوية 10 في المئة. و ان كانت مستويات الإنجاز لا تزال متخلفة عن أولئك الطلاب في الاقتصادات المتقدمة، ولكن الفجوة تضيق. ويعلق "ايدان هيفي" ، الرئيس التنفيذي لشركة النفط تولو ايرلندا على ارتفاع مستوى التعليم بافريقيا ، قائلا " اليوم عليك أن تكون و اعيا الى انك قد تكون في عملية تفاوض مع شخص ما في أفريقيا وقد يكون هذا الرجل خريجا من أكسفورد اوكامبريدج اوهارفارد ويتحدث ست لغات .. بينما أنا بالكاد اتحدث اللغة الإنجليزية". سادسا الهواتف الذكية : هناك انفجار هائل فى اعداد المستخدمين للهواتف المحمولة فى افريقيا بعد ان كان قطاع الاتصالات النقالة لا يغطى سوى 2 في المائة في عام 2000 ارتفع إلى 78 في المئة اليوم، ويتوقع أن يرتفع إلى 84 في المئة بحلول عام 2015. وبعبارة أخرى، من المتوقع ان تقفز استخدامات الإنترنت المتنقلة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 25 ضعفا في السنوات الأربع المقبلة. فوثوما نيكو Phuthuma Nhleko رئيس مجلس شركة ام تى ان mtn للاتصالات و التى تعمل فى 21 دولة افريقية ، يقول " قبل الهواتف المحمولة، كان هناك 600 الف خط ارضى يغطون اتصالات 120 مليون شخص فى نيجيريا ، واليوم، هناك أكثر من 70 مليون خط هاتف محمول" . ثامنا الأراضي الزراعية: مازالت معظم الأراضي الزراعية غير المزروعة في العالم تكمن في أفريقيا ، ففي حين يعلم الجميع ان افريقيا بها كميات هائلة من النفط والذهب والبلاتين والعديد من المعادن الصناعية على نطاق واسع، الا ان القليل يعرف أن أفريقيا تمتلك 60 في المئة من الأراضي الزراعية غير المزروعة في العالم.. أمريكا اللاتينية لديها 300 مليون هكتار (741 مليون فدان) من الأراضي الزراعية غير المزروعة؛ اما افريقيا فان لديها 590 هكتار (1.46 مليار فدان) من الأراضي الزراعية غير المزروعة. 24 في المائة فقط من النمو في القارة فى الفترة بين 2000-2008 كان بسب الاستثمار فى المعادن واستخراج البترول، ولكن هذه النسبة المحدودة ضخت استثمارات ضخمة. ومن المتوقع أن تجذب عشرات المليارات من الدولارات في الاستثمار الأجنبي المباشر فى الاكتشافات النفطية في موزمبيق وتنزانيا وأوغندا وحدها. و اخيرا .. نجد ان كل هذه العوامل و المقومات جعلت من افريقيا هدفا للعديد من قوى السوق الدولية التى اصبحت تتنافس فيما بينها حول الكعكة الافريقية و بالفعل من ينظر الى خريطة افريقيا الاقتصادية يجد ان نفوذ هذه القوى اصبح واضح المعالم فى مناطق بعينها من القارة كما مع الصين التى تسيطر على افريقيا جنوب الصحراء فى معظمه بينما الهند تحيط دول الشرق الافريقى بينما نفوذ اليابان مساحته اقل و تغطى جزء من الساحل الجنوبى الغربى للقارة .. اما الولاياتالمتحدة فتسيطر بشكل تام و كبير على الغرب الساحلى الافريقى و امتداده الداخلى . . بينما تتوزع نفوذ القوى الاوربية فى دول شمال افريقيا و البحر المتوسط .