أكد السفير أحمد بن حلّي نائب الأمين العام للجامعة العربية في الجلسة الافتتاحية لورشة العمل حول دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز القدرات المدنية في المنطقة العربية الخميس وبحضور سارة كليف Sarah Cliff المستشار الخاص ومساعد أمين عام الأممالمتحدة للقدرات المدنية ان دور منظمات المجتمع المدني في بناء القدرات في مرحلة ما بعد النزاع هي قضية توليها الجامعة العربية أهمية خاصة وتتطلع أن تسفر هذه الندوة عن تقديم اقتراحات عملية تساعد في تعزيز مهمة الجامعة في هذا المجال الحيوي. وقال ان الجامعة العربية خلال السنوات الأخيرة لإيجاد حلقة وصل بينها وبين منظمات المجتمع المدني التي أصبحت تشكل اليوم أحد المرتكزات الأساسية في بناء الدولة الحديثة، وفي تقويم توجهاتها، وباعتبارها شريكاً في حركة التغيير نحو الأفضل وفي تطوير المسار الديمقراطي في المنطقة العربية، وان الجامعة العربية حاولت إدخال هذا الدور لمنظمات المجتمع المدني في منظومة العمل العربي، بشكل سلس وبأسلوب يتسم بالتدرج تفاديا للحساسيات في العلاقات الملتبسة أحيانا ما بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في العالم بشكل عام وفي المنطقة العربية بشكل خاص. واضاف بن حلى ان الثورات والانتفاضات التي اندلعت في عدد من الدول العربية مؤخراً جاءت لتعطي زخماً ودعماً قويا لتوجه الجامعة في تعزيز دور منظمات المجتمع المدني كشريك مهم في عدد من أنشطة الجامعة، ومن هذا المنظور قامت الجامعة في إطار عملية التطوير والإصلاح بإنشاء هياكل تتعامل مع قضايا منظمات المجتمع المدني، وحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية، واليوم تم إنشاء أمانة فنية لمنظمات المجتمع المدني برئاسة السيدة ايناس مكاوي، تتولى تنسيق وضبط هذه العلاقة وتطويرها، كما عين الأمين العام مبعوثاً خاصاً له لشؤون المجتمع المدني حيث اختار الدكتورة هيفاء أبو غزالة وهي شخصية دولية لها باع طويل وتجربة ثرية في هذا المجال. وكذلك تعيين الشيخة حصة بن خليفة آل ثاني كمبعوث خاص للامين العام لشؤون الإغاثة الإنسانية وهي معروفة بحماسها ونشاطها في مجال الإغاثة الإنسانية. كما اشار إلى أن الجامعة العربية حرصت منذ إقرارها بتنظيم القمم النوعية بدءاً بالقمة التنموية الاقتصادية في الكويت عام 2009 وقمة شرم الشيخ عام 2011 وأخيراً قمة الرياض في بداية العام، على أن يصاحب عقد القمة تنظيم ثلاث منتديات؛ منتدى المجتمع المدني ومنتدى رجال الأعمال ومنتدى الشباب بحيث ترفع نتائج هذه المنتديات إلى القمة التنموية كأحد الوثائق الهامة لها. وتتواصل الجهود لتعزيز دور منظمات المجتمع المدني في أنشطة الجامعة من خلال عدد من المبادرات منها: - العمل على مراجعة شروط ومعايير اعتماد منظمات المجتمع المدني بصفة مراقب في اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي وإتاحة حصولها على الوثائق والمعلومات الصادرة عن الجامعة المتعلقة بأنشطتها. - كما تعمل الجامعة على التواصل مع الحكومات العربية لحثها على مراجعة وتطوير التشريعات الخاصة بمؤسسات المجتمع المدني، وفتح المجال أمامها على نحو يسمح لها بأداء دورها وتقديم إسهاماتها في دفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنهوض بالقطاع الصحي وقطاع التعليم، ومجالات الإغاثة الإنسانية ومواجهة آثار الكوارث، وتعميق قيم المواطنة والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان والتسامح ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساواة بين المواطنين؛ وغيرها من المهام المنوطة بالمجتمع المدني. واوضح بن حلى ان التحولات الجارية في عدد من الدول العربية كشفت عن ضعف المؤسسات القائمة في بعض الدول العربية ، وغيابها في البعض الآخر، ومن هنا تأتي أهمية هذه الورشة التي خصصت أعمالها لبناء وتعزيز القدرات المدنية في المنطقة وبصفة خاصة بعد النزاعات في إطار برنامج التعاون الشامل بين الجامعة العربية والأممالمتحدة، ومن خلال التعاون مع الخبراء من الحكومات والمجتمع المدني لتبادل المعرفة والخبرات فيما بينهم في الدول التي مرت بنزاعات وتلك التي كان لها خبرة في بناء المؤسسات. واقترح بن حلى عناصر ثلاثة تشكل رؤية الجامعة في هذا المجال والقائمة على ثلاثة عناصر: 1- تفعيل العلاقة بين الأممالمتحدة والجامعة بهدف تبادل الخبرات فيما بينها وتحديد الاحتياجات وخلق اطر تسمح بالتكامل في توفير الخدمات للدول في المنطقة العربية. 2- التفاعل مع حكومات المنطقة العربية لتحفيزها ومساعدتها على بناء قدراتها وتحديد الاحتياجات حتى تتمكن من المساهمة في منع تكرار اندلاع النزاعات. 3- العنصر الثالث وهو الأكثر أهمية بالنسبة لأعمال هذه الورشة والذي نركز عليه اليوم وهو التعاون مع المجتمع المدني ومنظماته واتحاداته وجمعياته وجامعاته وأكاديمياته وقطاعه الخاص من أجل المساهمة في عملية الإصلاح والتطوير للدول العربية. وقال بن حلى ان المنطقة العربية تعاني من بيئة أمنية غير مستقرة تنتشر فيها النزاعات والصراعات وتنوء بتحديات وتهديدات خطيرة؛ وتمر بحالة اضطراب بقدر ما هو مؤلم، تعقد عليه آمال عريضة في أن ينتج عن هذه التغيرات مجتمعات فاعلة وقادرة على تحقيق طموحات الشعوب العربية وامتلاك مقدراتها ومفاتيح التحكم في مصيرها، وخاصة وأن المجتمعات العربية قد دفعت خلال العقد الماضي ثمنا باهظاً على المستوى الإنساني والاجتماعي وأهدرت ثرواتها في نزاعات أصبح بعضها مزمناً، وما تزال جروحه لم تندمل بعد وساهمت مع الأسف أطراف دولية مؤثرة في اندلاع هذه النزاعات دون أن تحضر أو ترتب لما بعد النزاعات، وأظهرت الأممالمتحدة المتمثلة في ذراعها الأمني وهو مجلس الأمن عجزاً واضحاً في الاضطلاع بدوره لحفظ الأمن والاستقرار والسلم، أمام نزاعات تهز منطقة الشرق الأوسط، حيث عجز مجلس الأمن عن أداء دوره في حماية المواطن في مناطق النزاعات، كما يحدث الآن في سورية، وفي تطبيق القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية في حماية الفلسطينيين الذين يعانون تحت الاحتلال الإسرائيلي صنوف العذاب والامتهان لكرامة الإنسان والعبث بأبسط حقوقه. وعبر بن حلى عن امله فى ان تكون هذه الورشة خطوة راسخة على طريق التعاون مع المجتمع المدني العربي بصفته شريكاً أساسياً في برنامج الأممالمتحدة لبناء القدرات المدنية أثناء مراحل التحول الديمقراطي وما بعد النزاعات والخروج بتوصيات تُحاكي الواقع وقابلة للتنفيذ.