تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد تحت عنوان عريض حول تقنين هجمات الطائرات بدون طيار، و مكافحة إرهابيي القاعدة، واغلاق السجن في خليج جوانتانامو ، جاء خطاب الرئيس الامريكى باراك اوباما فى جامعة الدفاع الوطنى بقاعدة ماك نير بواشنطن ، و الذى حدد فيه الاستراتيجية الامنية الامريكية للسنوات الاربعة القادمة خلال ولايته الثانية . فى هذ الخطاب حاول أوباما الاجابة عن بعض الأسئلة الصعبة ذات الصبغة الاخلاقية ، والتي حددت سياسة الأمن القومي منذ احداث 11 سبتمبر : من هو العدو؟ من الذين يمكن أن نقتله، وأين، وكيف؟ ما يجب القيام به مع الارهابيين المشتبه بهم الذين نعتقلهم ؟ و متى سوف تنتهى هذه الحرب ؟ .. وعلى الرغم من اعترافه بارتكاب اخطاء خلال عمليات الطائرات بدون طيار الا ان اوباما دافع بقوة و على طول الخط عن اعتماده على الطائرات بدون طيار فى قتل الإرهابيين المشتبه بهم في الأماكن التي لا يمكن بالوسائل العسكرية الأخرى تحقق نتيجة مجدية أو قد تسفر عن وجود خطر وفيات من المدنيين. و أعلن اوباما انه تم وضع معايير محددة لشن ضربات الطائرات بدون طيار، قصرها على الحالات التي تكون هناك فيها ثقة مؤكدة بموقع الهدف و عدم إمكانية سقوط ضحايا من بين المدنيين . وحول سجن جوانتانامو ، كرر اوباما اعتقاده بأنه وصمة عار فى جبين و شرف أميركا وصورتها في جميع أنحاء العالم، وانه ينبغي أن يغلق، وتعهد بجعل هذا الهدف الذي طال انتظاره حقيقة واقعة. لكن في الوقت الحالى و على الرغم من رغبة اوباما الصادقة بضرورة انهاء فصل الحرب ضد تنظيم القاعدة وإغلاق جوانتانامو، الا انه يفتقر أيضا القدرة على جعل هذه الأمور تحدث من تلقاء نفسها.. فالحرب على الإرهاب ارث ورثه أوباما من جورج دبليو بوش وديك تشيني ، و انهاء هذه الحرب يعتمد على اجابة بعض الأسئلة المفتوحة الآن : أولا : ماذا عن دعم الجمهوريين وهل سيساعدون اوباما فى تحقيق هذا ؟ و الاجابة كات فى رد فعل الحزب الجمهوري الأولي لخطاب أوباما و الذى كان رد فعل متشكك. وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام من ساوث كارولينا " لقدكان موضوع الخطاب أن هذه الحرب توشك على الانتهاء ... [لكن]، العدو يتحول وينتشر، وهناك مسارح أكثر للنزاع اليوم مما كانت عليه في سنوات عديدة". ومن جانبه اعلن ساكسبي تشامبليس من جورجيا " سوف ينظر لخطاب الرئيس اليوم من قبل الإرهابيين على انه انتصارا". وعلى ماسبق من تصريحات نجد ان بعض من خطط أوباما لا تحتاج إلى موافقة الجمهوريين حيث انه على سبيل المثال يمكن ان يغير القواعد التي تنظم ضربات الطائرات بلا طيار، من خلال التوجيه الرئاسي ، كذلك يمكنه اصدار الاوامر بالافراج عن العشرات من المعتقلين اليمنيين في معسكر الاعتقال و اعادتهم مرة أخرى إلى وطنهم. لكن اغلاق جوانتانامو بالكامل ونقل 166 سجينا من كوبا إلى الولاياتالمتحدة سيتطلب منه الفوز فى الكونجرس . من جهه اخرى قال اوباما ايضا انه يريد من الكونجرس إعادة النظر في قانون الترخيص باستخدام القوة العسكرية، الذى تم تمريره بعد أيام قليلة من هجمات 11 سبتمبر ، و الذى يجيز استخدام واسع للقوة لمحاربة تنظيم القاعدة وحلفائه؛ واقترح الرئيس انه يرغب في مراجعة القانون في نهاية المطاف. لكن هناك الكثير من الجمهوريين الذين يرون ان يبقى مثل ذلك القانون ، وسيعارضون الجهود المبذولة للحد من نطاقه. والسؤال المفتوح الثانى الذى يواجهه خطط اوباما و استراتيجيته الامنية الجديدة هو هل تنظيم القاعدة يستعيد قوته؟ ... و نجد ان خطاب أوباما وصف تهديد القاعدة بانه اصبح أكثر محدودية ازاء هذا النوع من الهجوم الشامل من الإصابات داخل أمريكا التي غيرت التاريخ في 11 سبتمبر 2001. وقال ان قيادة القاعدة في باكستان بانها ابيدت ، لكن الخطر يكمن الان فى الهجمات على نطاق صغير النابعة من الراديكاليين المحليين، أو هجمات على أهداف أمريكية في الخارج، مثل ماحدث فى المجمع الامريكي في بنغازي، واصفا اياها بانها " تنظيم القاعدة الجديد" التي من المرجح ان تمثل الاخطار الارهابية المستقبلية .. لكن مسؤولون في المخابرات يقولون ان تنظيم القاعدة واحد على الأقل تابع له فى اليمن لا يزال يشكل تهديدا خطيرا للولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن تنظيم القاعدة قد يكون قد وهن في بعض الأماكن، الا انه و مع الوقت يكتسب أيضا القوة في بلدان أخرى، مثل شمال أفريقيا، والعراق، وسوريا، حيث احتمال ان يحوز المتطرفون التابعون لتنظيم القاعدة أسلحة كيميائية اصبح امر حقيقي. وقد أشار مسؤول في الادارة الاميركية في مؤتمر للصحفيين الخميسالى ان الاضطرابات في الربيع العربي قد سمحت للمتطرفين المعاديين للولايات المتحدة "بالحصول على موطئ قدم" في أماكن جديدة. بالطبع قد يكون وجود إرهابيي القاعدة في تلك المناطق مرتبط بالطموحات الإقليمية. ولكن من الممكن أيضا أنها قد تجدد جهودها لضرب أمريكا، لذا ربما مازال أوباما مقتنع بأسلوبه في استخدام الطائرات بدون طيار تحسبا لهذا الخطر. هل يكفى اغلاق معتقل جوانتانامو ؟ والسؤال الثالث حول معتقل جوانتانامو ، فهناك نوعان من القضايا الكبرى ضد جوانتانامو. القضية الأولى ، ان هناك من يرى أن المعسكر ذاته يلحق الضرر بأمنها القومي ، حيث يؤجج المشاعر المعادية لأمريكا فهو بمثابة صرخة للجهاديين ضد الظلم و العدوان الامريكى. لذا قد يكون اغلاق المنشأة طفرة هائلة. القضية الثانية ، ان هناك من يرى ان جوانتانامو في حد ذاته ليس المشكلة. و انما المشكلة فى السياسة وراء ذلك ، اى الاعتقال إلى أجل غير مسمى. فاذا كان أوباما يخطط لاعادة بعض المحتجزين في جوانتانامو الى بلادهم في اليمن، وربما إلى بعض البلدان الأخرى، و يخطط لجلب آخرين لنظم العدالة الجنائية والعسكرية على الاراضي الاميركية. ولكن يبقى ان اوباما مازال يخطط لترك ما يقرب من 50 سجينا في حالة الاحتجاز لأجل غير مسمى. وهولاء السجناء اما انهم لا يمكن محاكمتهم لان الأدلة ضدهم يشوبها استخدام التعذيب، أو لأن الحكومة مقتنعة أنهم خطرين لكن ليس لديها اتهامات محددة ضدهم. لقد التزم اوباما بعملية إغلاق جوانتانامو، وقال أنا واثق من أن هذه المشكلة يمكن حلها بما يتفق مع التزامنا وسيادة القانون ... لكن أوباما لم يتطرق و لم يقدم خطة واضحة لكيفية التعامل مع هؤلاء السجناء الذين على ما يبدو لا يمكن أن يحاكموا. والشيء الوحيد الذي لا يبدو ان اوباما على استعداد للقيام به بكل بساطة هو إطلاق سراحهم.