اختتمت القمة الأفريقية الثامنة أعمالها أمس دون إحراز تقدم يُذكر بشأن أشد أزمتين فى القارة ، آلا وهما أزمتا دارفور والصومال ، حيث لم يتم الحصول على التزام مؤكد خاص بقوة مقترحة لحفظ السلام فى الصومال قوامها ثمانية آلاف جندى ، وأكد الرئيس الغانى "جوت كوفور" فى المؤتمر الصحفى الختامى أن العدد الذى تم التعهد به بصورة يقينية هو أربعة آلاف فقط فيما لا تزال الدول الأخرى تدرس الاسهامات التى ستقدمها داعياً الدول الأعضاء إلى المساهمة فيها ومؤكداً أنه لا يمكن التقاعس أمام معاناة الشعب الصومالى . وكان الاتحاد الأفريقى قبل القمة قد أعرب عن أمله فى أن تسمح القمة بالحصول على الأموال والقوات اللازمة ، ولكن ذلك لم يسفر فى الواقع إلا على نتائج ضئيلة حيث أكد مسئول فى الأممالمتحدة أن بوروندى هى الدولة الوحيدة التى أعلنت أنها سترسل قوات تضم حوالى ألف جندى . كما أعلنت خمس دول أفريقية استعدادها للمساهمة فى قوة حفظ السلام فى الصومال البلد الذى يشهد حرباً أهلية مستمرة مند 16 عاماً ، لكنه الآن يعيش وضعاً صعبا فقد أسفرت الحرب التى شنها كل من اثيوبيا والحكومة الصومالية عن خروج الإسلاميين الذين كانوا يسيطرون على جزء كبير من جنوب الصومال ووسطه خلال السنة الماضية ، وتحاول الآن الحكومة الصومالية بسط سلطتها بمساعدة الجيش الإثيوبى وكذلك يحاول المجتمع الدولى أن يقنع الحكومة الصومالية بالحوار بين الأطراف المتصارعة فى الصومال وهو الدعوة التى قبلها الرئيس الصومالى عبد الله يوسف ، حيث دعا خلال القمة الأفريقية إلى "مؤتمر وطنى للمصالحة " مؤكداً أن الحكومة الانتقالية تلتزم بأن تفعل كل شئ ضرورى لتشكيل حكومة تتمتع بالمصداقية وتضم كل الفصائل والعشائر فى الصومال ، وبالرغم من أنه لم يحدد موعده ولا مكانه إلا أن الدعوة لاقت ترحيباً من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة بعدما اشترطا تحقيق المصالحة الوطنية قبل تحريك تمويل يبلغ 15 مليون يورو لقوة السلام الأفريقية المقترحة . وهذا فى الوقت الذى هددت فيه جماعة إسلامية صومالية يوم الثلاثاء 1.30 بالقتال ضد أى قوة لحفظ السلام ترسل إلى بلادها ، حيث نُشر موقع على شبكة الانترنت من حركة جديدة مناوئة للحكومة باسم حركة المقاومة الشعبية ، أوضحت فيها المخاطر التى تنتظر أى قوة لحفظ السلام مؤكداً أن الصومال ليس بالمكان الذى يمكنهم أن يأتوا إليه لكسب رواتبهم وإنما هو مكان يمكن أن يموتوا فيه ، كما حثت الحركة فى بيانها الصوماليين على مقاومة الجنود الإثيوبيين الموجودين حالياً داخل الصومال ، بينما وصفت "جنيد اى فريزر"مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشئون الأفريقية بأنه محاولة تخويف للاتحاد الأفريقى والمجتمع الدولى حتى لا يساعدان شعب الصومال . ويشير مراقبون أن البيان أعاد للذاكرة الجهود الفاشلة التى بُذلت لتهدئة الصومال بعد سقوط الرئيس محمد سياد برى فى عام 1991 وغادرت القوات الأمريكية آنذاك بطريقة مخزية بعد مقتل 18 من جنودها وسحل جثثهم فى شوارع مقديشيو . وتسود الصومال الآن مخاوف من أن يعود الصومال بسرعة إلى هاوية الفوضى التى سادت على مدى 15 عاماً إذا لم تحل قوة السلام محل الجنود الإثيوبيين حيث بدأت إثيوبيا فى سحب قواتها من الصومال وتريد خروج باقى القوات خلال أسابيع . وأما فيما يتعلق بمشكلة إقليم دارفور لم تحرز أى تقدم فى حل المشكلة بالرغم من تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة " بان كى مون " على موافقة الزعيم السودانى على تسريع العملية السياسية والإعداد لنشر قوة حفظ السلام ، لكن أشار إلى أن البشير لم يعط بعد تأييده الكامل لخطة نشر قوة أفريقية دولية مشتركة ، والتى يدعو إليها " بان كى مون " مؤكداً أنه لا يمكن تضييع مزيد من الوقت وترك أهالى دارفور يعانون أكثر من ذلك .. ويعتقد المحللون أن السودان تحاول منع نشر بعثة حفظ السلام فى دارفور خشية اعتقال قوات الأممالمتحدة لأشخاص يشتبه ارتكابهم لجرائم حرب فى الإقليم ، حيث يعتبر السودان القوات الدولية تدخلاً فى الشئون الداخلية بالرغم من أنها سمحت لبعثة الأممالمتحدة بالانتشار فى جنوب البلاد . وبشأن ختام القمة الأفريقية .. فقد اختتمت القمة الثامنة للاتحاد الأفريقى أمس الثلاثاء أعمالها فى أديس أبابا بإصدار أربعة بيانات تحدد مسار العمل الأفريقى. وتضمنت هذه البيانات التى أصدرتها القمة مفاوضات اتفاقية المشاركة الاقتصادية ، وبحث التغيرات المناخية والتنمية فى القارة وأهمية البحث العلمى والتكنولوجيا . وأكدت القمة أن الشعوب الأفريقية أكثر تصميماً الآن من أى وقت مضى للقضاء على الفقر ومكافحة الأمراض وتحسين الأحوال الصحية وزيادة الانتاج وتعهد القادة الأفارقة بتشجيع عدد أكبر من الشباب لمتابعة دراساتهم فى مجال العلوم والتكنولوجيا وتعهدوا بدعم أنشطة البحث والابتكار لتعزيز دور الجامعات الأفريقية ، كما تعهدوا بزيادة تمويل البرامج الوطنية والإقليمية فى مجال التكنولوجيا ، وأكدوا ضرورة الاستمرار فى حث الدول على التصديق على بروتوكول " كيوتو " للحماية من التغيرات المناخية وتوفير الدعم المالى اللازم لتطبيق التكنولوجيا فى جمع المعلومات عن التغيرات المناخية . كما رحبت القمة بعرض مصر استضافة قمة " أفريقيا - فرنسا "ال 25 عام 2009 ، وأعرب الزعماء الأفارقة عن تقديرهم لمستوى التعاون الحالى بين الطرفين ، ووافق الزعماء على إجازة إعلان أديس أبابا بشأن مفاوضات واتفاقات المشاركات الاقتصادية وطالبوا منظمة التجارة العالمية وشركاء أفريقيا فى التنمية بالالتزام بتحقيق تنمية ملموسة فى القارة الأفريقية . كما قررت القمة صلاحيات اللجنة التى تم تشكيلها فى جانجول حول دمج النيباد فى هياكل الاتحاد الأفريقى إلى حين انعقاد الدورة العادية المقبلة للمؤتمر فى يوليو المقبل .