استطاع الرئيس محمد مرسي ان يعيد الثقة والود بين القيادة المصرية والقيادة البرازيلية.. ولحسن الحظ ان الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف مناضلة بدأت الجهاد من اول السلم وكذا الرئيس مرسي.. وفي جميع كلماتها تقول ان مصر تعيش التجربة البرازيلية في الثمانينيات وتمر الان بمخاض التحول الديمقراطي.. وهي تثق في قيادة الرئيس مرسي لهذه المرحلة. وفي تصوري ان ماتقوله الرئيسة ديلما يخرج من نطاق المجاملة الى آفاق ارحب اهمها الثقة في القيادة المصرية التي انتخبها الشعب وهذا ما اكدت عليه اكثر من مرة في حديثها مع الوفد المرافق للرئيس وعلى مأدبة الغداء التي اقامتها تكريما للرئيس مرسي والوفد المرافق له.. والذي سبقه مراسم الاستقبال الرسمية للرئيس محمد مرسي بالقصر الرئاسي البرازيلي.. بعدها مباشرة اجريت جولة المباحثات الرسمية بين الرئيسين مرسي وروسيف بالقصر الرئاسي. والمتابع لتفاصيل الزيارة الناجحة للرئيس مرسي الى دولة البرازيل لابد ان يقف عند ملامح اخرى متعددة.. على رأسها أن الرئيسة ديلما ورجال الدولة أو إن شئت قل رجال النهضة تحدثوا بقلب مفتوح ودون اسرار عن التجربة البرازيلية الناجحة في مواجهة مشكلات هي بالاحرى معضلات تعوق تقدم اي دولة.. حيث اطلع الرئيس على تجربة البرازيل في مجال برامج التنمية الاجتماعية التي نجحت البرازيل في تطبيقها ومنها برامج مكافحة الفقر والقضاء على الجوع ومساعدة الشعب البرازيلي وكيف استطاعت ان تنهض البرازيل بمجالات الصحة والمرأة والطفل وتوفير المسكن الملائم للبرازيليين.. كما استمع الرئيس الى عدد من البرامج في كيفية التعامل مع مثل هذه المشكلات وكيفية اعداد قاعدة بيانات شاملة للدولة حتى يمكن وضع وبناء برامج محددة لكل هذه المشكلات والعمل على الاستفادة من التجارب البرازيلية في هذه المجالات لتطبيقها في مصر بما يعود بالنفع على المواطن المصري. لهذا لم يكن غريبا ان يركز الرئيس في رسالته على اهمية تعميق وتوسيع مجالات التعاون بين "مصر والبرازيل في ضوء العلاقات السياسية المتميزة التي تجمع بين بلدينا.. وفي إطار الحوار البناء الذي دار خلال محادثاتنا اليوم.. والروح الإيجابية التي سادتها.. كما نوه الى ان تاريخ العلاقة بين مصر والبرازيل.. فيه من المعاني والرموز ما يُمكن البناء عليه.. حتى يتسنى للأجيال القادمة أن تنظرَ بكلِ زهوٍ إلى ما سوف نحققه" معربا عن ثقته في حرص البرازيل على دعم وتطوير العلاقات مع مصر. ولم ينس الرئيس القضايا العربية المهمة حيث اثنى على موقف البرازيل المُساند للشعب الفلسطيني الشقيق.. الطامح إلى إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف.. ودعم مساعي الدول العربية لتحقيق السلام الدائم والعادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط. وأرجع الرئيس مرسي التقارب القائم في مواقف مصر والبرازيل إزاء العديد من القضايا الدولية والسياسية والاقتصادية الى تقارب المبادئ التي تحكم السياسة الخارجية لكلا البلدين حيث يؤكد الجانبان على ضرورة نزع السلاح النووي والحق في الاستخدام السلمي للطاقة النووية ويعملان على إصلاح المؤسسات الاقتصادية الدولية ويدافعان عن مصالح الدول النامية بالاضافة الى دعمهما لحل النزاعات بالطرق السلمية ورفضهما المعايير المزدوجة في العلاقات الدولية. وهذا ما لفت إليه الرئيس مرسي ليفسر ب "إن كل هذا يفسر التقارب الكبير في نمط التصويت لكل من مصر والبرازيل في الاممالمتحدة وفي المنظمات الدولية المختلفة فضلا عن دعم البرازيل للقضية الفلسطينية". ولقد اعلن الرئيس أنه على ثقه أن الجانب البرازيلي يتفق معه على ضرورة الوقوف الى جانب الشعب السوري في تحقيق تطلعاته المشروعة نحو الديمقراطية وتضافر الجهود من أجل الوقف الفوري لأعمال العنف والقتل ضد هذا الشعب الشقيق والتوصل الى تسوية سياسية للأزمة في سوريا تكفل وحدة أراضيها. 25 يناير وكان لابد ان يؤكد الرئيس أن الثورة المصرية حملت في طياتها، إضافةً إلى تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية تطلعات الانفتاح على العالم.. وإقامة علاقات تعاون ومشاركة تقوم على الندية والمصالح المشتركة.. خاصةً مع الدول الصديقة. وقال إن ثورة 25 يناير نجحت في تحقيق أول أهدافها السياسية بانتقال السلطة الى رئيس مدني منتخب بإرادة المصريين وفق انتخابات حرة ونزيهة شهد لها كل المتابعين محليا ودوليا ووضع دستور يؤسس لدولة ديمقراطية حديثة ويعزز الحقوق والحريات فيها. وفي ذلك نوه الى أن المرحلة المقبلة ستشهد انتخابات مجلس النواب لاستكمال بناء المؤسسات الديمقراطية بما يؤدي الى إنهاء الفترة الانتقالية والتحرك بقوة نحو حاضر أفضل ومستقبل واعد. لاشك انه رغم التحديات التي تواجه مصر خلال المرحلة الانتقالية على المستويين السياسي والاقتصادي الا أن الاقتصاد الوطني يمتلك من المقومات القوية التي تؤهله الى تحقيق معدلات نمو مرتفعة خلال السنوات المقبلة. ولم تكن رئيسة البرازيل تتحدث في اطار المجاملة مطلقا حينما قالت إن بلادها تراقب مسألة التحول الديمقراطي في مصر وانها تابعت المظاهرات في ميدان التحرير مشيرة الى ان البرازيل عاشت تجربة مريرة خلال حقبة الثمانينيات وانها تعلم اهمية التأسيس المؤسسي وتدعيم حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية. كما انها تحدثت بفخر تستحقه عن ان مسألة التحول الديمقراطي ستكون معبرا الى تكوين نظام اجتماعي وسياسي والذي سيؤدي الى استقلالية وسيادة مصر، موضحة انها تحدثت مع الرئيس مرسي حول التعاون مع مصر في مختلف المجالات والمستويات خصوصا الثقافي والاجتماعي وانه سيكون هناك عرض للسياسات البرازيلية لإمكانية تبادل الخبرات في مجالات مكافحة الفقر والامن الغذائي وبرامج لها علاقة بالبحث العلمي وزيادة حجم التبادل التجاري وجذب الاستثمارات البرازيلية الى مصر موضحة ان الرئيس مرسي ابدي رغبته في زيادة الانتاج الزراعي في مصر وتعزيز التبادل التجاري وجذب الاستثمارات والتعلم من خبرة الطاقة الحيوية والتنمية المستدامة وحماية البيئة وتحقيق التنمية. واضافت ان خبرة البرازيل في مجال الطاقة الحيوية سيتم وضعها امام مصر للاستفادة منها وتعلم هذه التكنولوجيا وتعزيز العلاقات التكنولوجية بين مصر والبرازيل حتى يمكننا تنمية ونهوض بلادنا.. كما تم التوقيع على اتفاق بين المكتبة الوطنية البرازيلية ومكتبة الاسكندرية وهما مؤسستان ثقافيتان تعبران عن التاريخ والثقافة والوضع الاجتماعي الدولي ولديهما امكانات كبيرة. وقالت الرئيسة ديلما ان مصر والبرازيل لديهما مجالات للتعاون في مجال الدفاع وان مصر شريك للبرازيل في موضوع التصدير الى الدول المجاورة موضحة ان حجم التبادل التجاري بين البلدين يصل الى ثلاثة مليارات دولار وان الاتفاقية بين تجمع الميكروسور ومصر ستفتح افاقا اوسع للتبادل مشيرة الى ان الجانبين ابديا رغبتهما لتبادل تنظيم بعثات لرجال الاعمال خلال العام الجاري وان الرئيس مرسي سيلتقي خلال زيارته بمجموعة من رجال الاعمال البرازيليين لتقوية العلاقات التجارية مع مصر التي قالت انها لابد ان تكون استراتيجية. الأمن الغذائي لقد بدأت زيارة الرئيس محمد مرسي للبرازيل بزيارة ميدانية الى هيئة البحوث الزراعية البرازيلية (الامبرابا) واستمع الى عرض قدمه مورو كرينارو رئيس الهيئة حول أنشطتها ومركز الجينات والتكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية واستخلاص الطاقة من الموارد الزراعية.. وهذا يؤكد حرص الرئيس على الاستفادة من التجربة البرازيلية في تحسين جودة وتنمية انتاجية الرقعة الزراعية خاصة الموجه في انتاج الحاصلات الزراعية في مصر وحل مشكلات صغار المزارعين وايضا توفير الامن الغذائي. وقد استعرض رئيس هيئة البحوث التجربة البرازيلية والجهود التي بذلتها الهيئة في زيادة الانتاجية الزراعية بدون التوسع في الرقعة الزراعية وكيف استطاعت البرازيل التحول في غضون 40 عاما من دولة مستوردة للمواد الغذائية الى دولة مصدرة لتلك الموارد وخفض تكلفة المواد الغذائية الى 50% من فترة السبعينيات حتى الآن لتحسين مستوى المعيشة وتخفيض مستويات الفقر. وأكد الرئيس مرسي ان مصر على بداية الطريق لتحقيق انطلاقة للتعاون مع البرازيل في مجال البحوث الزراعية وتطبيقاتها. وكان الرئيس قد بدأ نشاطه في مدينة المال والاعمال ساو باولو بلقاء الجالية المصرية التي بادلته حبا بحب.. واستمع لكل الاراء والمقترحات.. وكلف السفير النشط حسام زكي بمتابعتها ومساعدتهم في حلها. كما اسعدهم الرئيس بالاعلان عن خط طيران مباشر يجري بحثه الان بين مصر والبرازيل. الرحلة مليئة بالاحداث والأسرار.. وسيأتي اليوم الذي نكشف فيه أكثر وأكثر. نقلا عن جريدة الأخبار