نقلا عن الاهرام 11/10/2007 شق الثعبان.. واحدة من أهم المناطق الصناعية الشهيرة بصناعة وتصدير الرخام والجرانيت. حجم فرص العمالة المتاحة بها نحو75 الف فرصة عمل. وتجد فيها عمالا من الشباب من صعيد مصر والدلتا كما تجد فيها كافة الثقافات, فمن طلاب خريجي جامعات وحاملي الشهادات المتوسطة الي غير المتعلمين الي عمالة اطفال, لكن في أي مناخ يعمل هؤلاء؟ لم يكلف احد نفسه هذا السؤال, فضلا عن تصور الاجابة.. الاجابة المريرة التي تثبت تردي الاوضاع الصحية والاوضاع البيئية والبنية التحتية للمنطقة عامة. ومنطقة شق الثعبان تقع في النطاق الجغرافي لمقر مؤسسة ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الانسان ولذا لم يكن من المتصور ان تتجاهل المؤسسة مشاكل العمال هناك, فقامت بإرسال بعثة تقص للحقائق, ومع بداية الايام الاولي اتضح لفريق العمل ان حجم المعاناة اكبر بكثير من المتوقع. الأمر الذي ادي الي ازدياد وقت البعثة لأسبوعين. يقول شادي عبد الكريم المشرف علي فريق البعثة: المعاناة لا تقتصر علي العمل الشاق المحفوف بالمخاطر والاصابات المتتالية, فتلك معاناة مباشرة اما المعاناة الاكبر والتي تسبب لهم الكوارث فهي مثلت الرعب الذي يتكون من مياه الشرب غير الصالحة للاستخدام الآدمي والاطعمة الملوثة والغبار المتخلف عن الرخام الذي يسكن صدورهم. وعن المياه يقول عمرو عادل احمد16 عاما, ميكانيكي, بمصنع الامل بشق الثعبان:( الميه) ما تتشربش. وعن الاطعمة يقول كريم هاشم17 عاما: الاكل اصعب بكتير مافيش أكل غير الكافتيريات اللي في المنطقة أما الأتربة والغبار فيقول عنها عبد الله السيد محمد16 عاما: حاسس بوجع في صدري, انا عارف انه من التراب وغبار التقطيع. ويضيف شادي عبد الكريم ان البعثة رصدت انتشار مجموعة من الامراض بين العمال نتيجة لتلوث المياه والاغذية كالمغص الكلوي والمعوي وحالات التنيا نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه المستخدمة في النظافة الشخصية فضلا عن عدم وجود صرف صحي. ويضيف شادي ان تدهور البنية التحتية بسبب عدم وجود كهرباء والطرق الوعرة وغير الممهدة بشق الثعبان يعد واحدا من اهم مظاهر الاعمال التي يعاني منها الجميع وتتسبب في وقوع حوادث متكررة وتعد الوفاة اهم مظاهرها, كما ان وحدة الاسعاف بشق الثعبان بناء مهجور خال من البشر والمعدات. ويشير سعيد عبد الحافظ رئيس مجلس امناء الملتقي الي مشكلة اخري وهي اصرار اصحاب المصانع علي استخدام ماء النار في مرحلة تلميع الرخام حيث يقوم العمال بسكب ماء النار علي اسطح الرخام من مسافة قريبة من العامل مما يؤدي الي استنشاق العمال للغازات الضارة والناتجة عن تفاعل الرخام مع ماء النار. ويضيف سعيد عبد الحافظ ان الاصابات ليست بسبب ماء النار فقط بل اننا رصدنا255 حالة إصابة بين عمال شق الثعبان في الفترة من اول فبراير وحتي25 يوليو من العام الحالي,واعلي معدل اصابات بين العمال هو الاصابة بالكسر في القدم وذلك بنسبة بلغت22.6% من إجمالي الحالات. واسباب ارتفاع عدد حالات الاصابة بين العمال بمنطقة شق الثعبان تعود كما يؤكد الدكتور طارق فوزي مدير عام مستشفي جراحات البساتين التابع لهيئة المراكز الطبية المتخصصة لعدم تفعيل دور الأمن الصناعي وان تفعيله يعد بمثابة وقاية من العديد من الاصابات, واضاف د. طارق ان المستشفي يستقبل العديد من العمال نظرا لقربه من شق الثعبان, غالبيتهم يعاني من امراض الصدر واكثرها انتشارا تحجر الرئة. اما فيما يخص حالات الوفاة فغالبيتها ناتجة عن الصعق الكهربائي او سقوط بلوكات من الرخام علي الضحايا. ويلفت د. طارق فوزي الانتباه الي ان العمال يفتقدون للتوعية بحقوقهم سواء في حالة الاصابات او الوفاة . وفي تقرير جمهورية شق الثعبان الذي اصدرته مؤسسة ملتقي الحوار فقرة تشير الي ان امر التلوث لا يقتصر علي منطقة شق الثعبان وحدها بل ان اصحاب المصانع قرروا ان يصدروا التلوث لجيرانهم من سكان منطقة زهراء المعادي. واكد العديد من العمال ان اصحاب المصانع مصرون علي إلقاء تلك المخلفات( السحالة) خلف المصانع باتجاه منطقة زهراء المعادي لسبب غاية في الاهمية وهو ان تلك السحالة بعد جفافها تصبح ارضا صلبة مما يسمح بتوسيع مساحة المصنع في ظل صمت المسئولين. ويؤكد محمد ناجي المدير التنفيذي لمركز حابي للحقوق البيئية ان المصلحة العامة لا يمكن ان تتحقق عن طريق الاعتداء علي مكونات الحياة الطبيعية وانتهاك التشريعات التي تحميها خاصة عندما يتعلق الأمر بوجود صناعات شديدة التلوث.