في الوقت الذي نجد فيه تصريحات جميع المسئولين في الدولة تؤكد أنهم يسعون لإزالة جميع المعوقات أمام الاستثمار بما يساعد علي زيادة حجم الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية وبما يسهم في ايجاد فرص عمل للقضاء علي البطالة.. نجد أن الواقع العملي يشير إلي عكس كل ما يقال من تصريحات "وردية" ولعل أوضح مثال علي هذا الواقع المرير والمعاناة التي مازال يحياها الاستثمار في عصر هو ما يحدث حاليا بمنطقة شق الثعبان.. ما يحدث بهذه المنطقة بالفعل هو أكبر دليل علي القرارات العشوائية التي تصدر من بعض مؤسسات الدولة دون مراعاة لأي استثمارات قائمة، فمنطقة شق الثعبان حاليا تشهد مأساة حقيقية حيث إن هناك 80 مصنعا مهددة بالبيع بالمزاد العلني!! مع العلم بأن هذه المصانع قد قام أصحابها بتقنين أوضاعهم مع محافظة القاهرة وحصلوا علي عقود تخصيص حتي أن البعض منهم قام بسداد ثمن المصنع بالكامل، والبعض الآخر سدد أول قسط ومازال مستمراً في سداد باقي الاقساط. إلا أنهم فوجئوا وبدون سابق إنذار بأن المحافظة ترسل لهم خطابات شديدة اللهجة تطالبهم فيها باستبدال عقود التخصيص التي صدرت لهم بتمليك الأرض بعقود ايجار بنظام حق الانتفاع لمدة 30 سنة!! وذلك بعد أن قامت المحافظة بمفردها ودون الرجوع لمستثمري شق الثعبان بتوقيع بروتوكول مع وزارة البيئة وهيئة التنمية الصناعية باتخاذ ذلك الاجراء لأن الأراضي التي قامت المحافظة ببيعها اكتشفوا فجأة أنها علي حدود "حرم" إحدي المحميات التابعة لوزارة البيئة!! حجم الاستثمارات بالمنطقة بداية وللتعرف علي حجم الاستثمارات بمنطقة شق الثعبان قبل الحديث عن المشكلة القائمة يوضح محفوظ حداد "رئيس لجنة تنمية منطقة شق الثعبان" باتحاد الصناعات أن منطقة (شق الثعبان) تعد حاليا رابع منطقة علي مستوي العالم في تصدير الرخام حيث إن حجم التصدير الحالي بها يبلغ 225 مليون دولار ومن المفترض أن يرتفع هذا الحجم الي مليار دولار في خلال السنوات الخمس القادمة طبقا للخطة الموضوعة مع وزارة الصناعة والاستثمار والمالية وطبقا للدراسات التي تمت بمعرفة مكاتب استشارية متخصصة. فحجم الاستثمارات بمنطقة شق الثعبان يبلغ حاليا حوالي 6 مليارات دولار حيث إن المنطقة بها 263 مصنعا يعمل بهما حوالي 40 ألف عامل "عمالة مباشرة" إلي جانب 60 ألف عامل يمثلون عمالة غير مباشرة. جهود الدولة ويعترف "حداد" بأنه بعيدا عن المشكلة القائمة حاليا بين بعض مستثمري شق الثعبان والمحافظة فإن هناك جهوداً كثيرة قامت بها الدولة في السنوات الأخيرة لمساعدة ودعم مستثمري الرخام بمنطقة شق الثعبان حيث أن الدولة تقوم مثلا بدعم المستثمرين بالمنطقة في الاشتراك في المعارض الخارجية وكذلك دعمهم في استيراد آلات ومعدات المصانع الجديدة أو التوسعات بهدف زيادة القيمة المضافة ودعم الصادرات من الرخام والجرانيت بنسب تتناسب مع تكاليفها وكذلك فإن الدولة تقوم بدعم التدريب الفني وتوفير فرص عمل جديدة من خلال خطوط الإنتاج الجديدة.. ويستكمل حداد حديثه عن مساندة الدولة لمستثمري "شق الثعبان" ويؤكد أن هذه المساندة هي التي جعلت أصحاب المصانع في حاجة الي توسعة نشاطهم من خلال إنشاء مصانع جديدة أو توسعة المصنع القائم وادخال خطوط انتاجية جديدة عليه، وهي التوسعة التي ترتب عليها المشكلة التي حدثت حاليا ما بين مستثمري الشق ووزارة البيئة ومحافظة القاهرة. أبعاد المشكلة وحول أبعاد هذه المشكلة القائمة فإن دكتور عبد السلام حسين "صاحب شركة الفاستون للرخام والمحاجر بشق الثعبان" يوضح لنا المشكلة منذ بدايتها ويقول إنه تقريبا في عام 1978 بدأ بعض المواطنون العاملون في مجال المحاجر يذهبون الي ادارة المحاجر بمحافظة القاهرة للحصول علي محجر لاستخراج الدبش وقطعة أرض لتشوين الدبش بمنطقة شق الثعبان، وفي عام 1985 تقريبا أقيم أول مصنع للرخام علي قطعة الأرض المخصصة كحوش تشوين وتوالي انشاء المصانع بالمنطقة حتي اصبحت المنطقة رقم 4 علي مستوي العالم في تصنيع وتصدير الرخام، وفي عام 1997 أصدر محافظ القاهرة قراراً بتمليك أحواش التشوين المقام عليها مصانع الرخام لأصحابها وتم انهاء تبعيتها من ادارة المحاجر ونقلها الي ادارة الأملاك، بعد ذلك قامت المحافظة بعمل رفع مساحي للأماكن الخالية وتقسيمها وعرضها للبيع من خلال مكتب خدمة المستثمرين بالمحافظة وتم بيع عدد 62 قطعة أرض سنة 2002 وقام بعض المستثمرين باستلام الأرض واستخراج التراخيص اللازمة وانشاء البنية التحتية واستيراد المعدات الخاصة بالمشروع سنة 2003 وهي تعمل منذ ذلك التاريخ حتي الآن.