بعد أن تنبأ الرئيس الأميركي جورج بوش بجسارة بتوقيع معاهدة سلام إسرائيلية فلسطينية هذا العام اختتم زيارة للأراضي المقدسة الجمعة بزيارة الموقع الذي يعتقد أن السيد المسيح عليه السلام ألقى فيه عظة الجبل وقال فيها: «طوبى لصانعي السلام». ويقول متشككون انه لا شيء سوى معجزة من السماء يمكن أن تحول الآمال التي عبر عنها بوش المسيحي الملتزم إلى واقع في العام الأخير لنهاية ولايته كرئيس للولايات المتحدة والتي ستنقضي في نهاية يناير المقبل. وبعد سبعة أعوام لم يفعل خلالها شيئا سوى أن قيد تدخله في أكثر صراعات الشرق الأوسط صعوبة عبر بوش خلال أول زيارة له كرئيس أميركي عن ثقته في أن معاهدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ستوقع قبل أن يغادر البيت الأبيض بعد عام. وقال المفاوض الأميركي المخضرم في قضية الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر لوكالة «رويترز» إن «الحديث عن معاهدة سلام لإقامة دولة فلسطينية في غضون عام ضرب من الخيال». وتابع قائلاً إن «تضخيم توقعات غير واقعية وزيادتها لا يفيدنا». وتابع ميلر، الذي عمل مستشارا لستة من وزراء الخارجية الأميركيين في المفاوضات العربية الإسرائيلية، إن «الإفراط في التوقعات لن يفيد... نصيحتي له بوش أن ينسى معاهدة السلام وينشغل بأمر آخر». وفي محاولة لتفعيل محادثات السلام التي رعتها الولاياتالمتحدة حث بوش إسرائيل على إنهاء احتلال الضفة الغربية ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس للإقدام على «اختيارات صعبة». لكن المفاوضين يواجهون عقبات هائلة.. فكل من اولمرت وعباس في وضع ضعيف سياسيا وهناك عنف كل يوم تقريبا في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كما تلقي الحرب في العراق بثقلها على سمعة بوش في الشرق الأوسط. ويشير منتقدون إلى أن بوش لم يستثمر أي شيء إلا النزر اليسير من الوقت والجهد اللذين استثمرهما سلفه بيل كلينتون قائلين إن بوش يفتقر إلى الإرادة والفهم للوساطة في صراع استعصى على أجيال من الدبلوماسيين الأميركيين وغيرهم. وقال المحلل السياسي الإسرائيلي يوسي ألفر إن «المشكلة الرئيسية هنا هي أن بوش ليس مستعدا لاستثمار المكانة الاميركية في أي شيء جوهري»، وأضاف أنه «يؤمن حقا بأنشودة التحرر والحرية والديمقراطية التي يرددها لكنها لن تفلح في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية». وأبدى الفلسطينيون الذين ضاقوا ذرعا بالوعود الفارغة شكوكا عميقة إزاء الزيارة ويتوقعون القليل من رجل يراه كثيرون أنه أفضل صديق لإسرائيل في البيت الأبيض. وبينما شدد بوش فيما يبدو لهجته إزاء إسرائيل لم يعرض سوى أشياء قليلة محددة على الفلسطينيين الذين يطالبون الدولة اليهودية بوقف النشاط الاستيطاني وتخفيف القيود الأمنية. وقال المحلل السياسي الفلسطيني علي الجرباوي معلقاً على رؤية بوش: «لا نريد وعوده وإنما نريد أفعاله». ومضى يقول إن «كل ما كنت أتمناه من هذه الزيارة هو إزالة ولو حاجز واحد في الضفة الغربية.. وإذا لم يكن في مقدوره تحقيق ذلك فماذا يمكننا إذا أن نتوقع». كذلك فان انقساماً في البيت الفلسطيني قد يسلب أيضا من المحادثات فاعليتها. فنفوذ عباس ضئيل في غزة والتي ستشكل منطقة كبيرة في أي دولة فلسطينية في المستقبل لكنها تخضع لسيطرة حماس التي تعارض محادثات السلام ولن تعترف بإسرائيل. وقال بعض المحللين إن بوش يخاطر بتقويض العملية ويطلق العنان للعنف بإثارة توقعات أكبر مما يجب في وقت أسرع من اللازم وانه سيسدي صنعا لو انه مهد الأرض لمن سيخلفه. (رويترز)