قبل ثمانية أيام من انتخابات الرئاسة الفرنسية، يصل الرئيس حسني مبارك اليوم "الأحد" 15/4 إلي باريس بادئا زيارة رسمية هامة لفرنسا تستمر حتي الثلاثاء 17/4. وتعتبر هذه الزيارة هى الأخيرة في فترة ولاية الرئيس جاك شيراك،وتتم بهدف بحث آفاق العلاقات بين القاهرةوفرنسا، والدور الفرنسي في الشرق الأوسط. ويقيم الرئيس شيراك غدا مأدبة غداء علي شرف الرئيس مبارك، يعقد بعدها الرئيسان مؤتمرا صحفيا، يتناول الموقف في الشرق الأوسط والسودان، وأهم قضايا المنطقة، ويلتقي الرئيس مبارك مع بعض مرشحي الرئاسة، ومن أبرزهم نيكولا ساركوزي المرشح اليميني عن حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، وسيجولين روايال مرشحة الحزب الاشتراكي،وفرانسوا بايرو مرشح تيار الوسط. ووصف أحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصرى زيارة الرئيس إلي فرنسا، بأنها لمسة تقدير من مبارك لرئيس فرنسي، أبقي معه علاقة نشيطة وحيوية لمصلحة العرب والفرنسيينعلي مدي12 عاما،مشيرا إلي أن الزيارة تأتي في مرحلة مهمة للغاية، حيث تتحرك كثير من الملفات أمام الأممالمتحدة، في مقدمتها الملف اللبناني، ولذلك فمن المهم أن يتبادل الرئيسان مبارك وشيراك رؤية المواقف، ويحللا معا النهج الذي يمكن أن تتطور إليه الأحداث في المرحلة المقبلة. وأشار إلي أن مؤتمر العراق في شرم الشيخ،يتطلب رؤية مصرية فرنسية مشتركة حول ما يمكن أن يسفر عنه هذا المؤتمر، بالإضافة إلي أهمية تبادل الآراء بين مبارك وشيراك حول القضية الفلسطينية، والتطورات السريعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكذلك الوضع في دارفور،ومنع أي تدهور بين السودان وتشاد. ويصحب الرئيس وفد عالي المستوي يتألف من أحمد أبوالغيط وزير الخارجية، وأنس الفقي وزير الإعلام والوزير عمر سليمان، ود.زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية، والسفير سليمان عواد المتحدث باسم الرئاسة وسكرتير الرئيس للمعلومات. ويلتقي مبارك غدا الاثنين في قصر الإليزيه، بالرئيس الفرنسي جاك شيراك في آخر قمة رسمية بين الزعيمين قبل أن يغادر الرئيس شيراك منصبه بعد عشرة أيام عندما تجري الانتخابات الفرنسية. التي لم يرشح شيراك نفسه فيها رغم امكانية ذلك سياسيا وشعبيا.
وجدير بالذكر أن الرئيس مبارك زار فرنسا مرتين في الفترة من ديسمبر عام 2006 حتي الآن، حيث كانت الأولي لافتتاح معرض الآثار المصرية الغارقة في باريس ، والثانية في الفترة من 13 إلي 16 فبراير الماضي للمشاركة في القمة الفرنسية الافريقية بمدينة كان، والثالثة هي التى ستبدأ اليوم. ويرى المراقبون أن تقارب هذه الزيارات يعكس إلي حد بعيد مستوي العلاقات الإنسانية والشخصية والسياسية التي تربط بين الزعيمين، وتعكس حالة من الإتفاق في وجهات النظر من قضايا الشرق الأوسط. كما أن هذه الزيارة توكد المكانة التي يحظي بها الزعيم العربي حسني مبارك في الأوساط السياسية الفرنسية علي اختلاف توجهاتها الحزبية. و يلتقي الرئيس خلال هذه الزيارة بنيكولا ساركوزي مرشح اليمين لانتخابات الرئاسة والذي كان يشغل منصب وزير الداخلية الفرنسي في حكومة شيراك حتي الشهر الأخيرحيث كان التقى خلال زيارته الماضية في شهر ديسمبر الماضي بمرشحة الاشتراكيين السيدة سيجولين رويال. وجدير بالذكر أن لقاء الرئيس مبارك بسيجولين رويال، ونيكولا ساركوزي يتم بناء علي طلبيهما، وذلك للاستفادة من رؤية الرئيس مبارك الثاقبة لقضايا وملفات الشرق الأوسط التي تهتم بها فرنسا اهتماما بالغاً. وقد أبرزت وسائل الإعلام الفرنسية الزيارة التي يقوم بها الرئيس لباريس، وأكدت أنها المرة الأولي التي يقوم فيها رئيس عربي بالحضور لتوديع رئيس فرنسي في أسبوعه الأخير في الحكم، الأمر الذي يدل علي وفاء مبارك لاصدقائه حتي بعد أن يتركوا مناصبهم. وضرب المثل باستمرار حرص الرئيس على صداقة المستشارين الألمانيين السابقين هيلموت كول وجيرهارد شرودر. بالإضافة إلي صداقته المميزة لهانز ديتريش جينشر وزير الخارجية الألماني السابق والرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيس وزراء اليابان السابق. مع التأكيد على أن للرئيس شيراك مكانة خاصة في قلب مبارك.
و تعتبر فرنسا من الدول الكبرى التى لها دور حيوى فى السياسة الدولية ، خاصة وأن هناك من الأسباب التى تساعدها على القيام بهذا الدور ، كموقعها الجغرافى الذى يرسم إلى حد كبير سياستها الخارجية ، وإهتمامها الخاص بالجوانب الثقافية. وتقوم فرنسا بدور رئيسى فى السياسة الدولية ، بل وتسعى دائما إلى البحث المستمر عن هذا الدور العالمى . ويعد الدور الفرنسى فى المنطقة أكثر توازناً بين الدول الغربية، وذلك لحرص فرنسا على أن يكون لها دوراً متوازياً ما بين تأثيرها داخل أوروبا من ناحية، وأيضاً داخل العالم العربى كشريك توجد بينها وبين العرب العديد من المصالح المتبادلة من ناحية أخرى ، كما ان لدى فرنسا رؤية واضحة للعلاقات الدولية لما لديها من الخبرة التاريخية العميقة ،وأيضاً القدرة على القيام بدور متزايد التأثير فى كثير من القضايا الدولية من ناحية أخرى ، كما أنها تسعى من أجل تنشيط علاقاتها بجميع دول العالم سواء كانت أوروبية أو عربية ، من خلال المواقف العادلة التى تتخذها فى القضايا والمشكلات الدولية . -وتتسم مواقف فرنسا بالتوازن تجاة العديد من المواقف القضايا العربية ، كقضية الشرق الأوسط ، والعدوان العراقى على أرض الكويت ثم أخيراً الحرب الأمريكية على العراق. - ويذكر أن فرنسا هي إحدى الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوربي، وهي الأكبر مساحة من بينهم، كما إنها إحدى الأعضاء الدائمين الخمسة لمجلس الأمن ، وتأتي فرنسا في مقدمة الدول الصناعية وهي أحد مراكز الصناعة العالمية الرئيسية ، وأيضاً تعد فرنسا من الدول التى لها أهمية سياحية كبيرة فى العالم ، وأيضاً تعتبر فرنسا خامس دولة في حقل التجارة الخارجية في العالم . ويلاحظ أنه فى عهد الرئيس مبارك تميزت العلاقات المصرية الفرنسية بالقوة والمتانة ،وأيضاً بوجود صداقة شخصية بين الرئيس مبارك والرئيس الراحل ميتران، ويذكر ان الرئيس مبارك قد زار فرنسا العديد من المرات فى عهد الرئيس ميتران، وعندما تولى الرئيس الحالى شيراك ربطته أفضل العلاقات بقادة الدول العربية ، وزادت الصداقة بين الرئيسين مبارك وشيراك وتعددت لقاءاتهما مما أدى الى تقارب كبيرفى وجهات نظر كل منهما إزاء القضايا المختلفة. كما تتميز العلاقات بين مصر وفرنسا بالتفاهم واتفاق الرؤى فى جميع المجالات سياسية كانت أو إقتصادية ، وغيرها فى المجالات الأخرى ،ويقوم التعاون المصرى - الفرنسى فى هذه المجالات على خلفية من التنسيق والتفاهم والمساندة المتبادلة . - ويذكر أنه تم إبرام عدة إتفاقات وبروتوكولات بين مصر وفرنسا منها إتفاق تشجيع وحماية الإستثمارات ، إتفاق التعاون السياحى ، إتفاق منع الإزدواج الضريب ،إتفاق التعاون النووى ، برتوكول تعاون فى مجال الربط الكهربائى . - وتحتل فرنسا المركز الرابع فى قائمة الدول المصدرة الى مصر وتُعد من أكبر خمس دول مستثمرة فى مصر ، ولذلك تتميز العلاقات الإقتصادية والتجارية بين البلدين بالشراكة الإستراتيجية •