تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقرير لها من القاهرة حول الازمة السياسية الحالية فى مصر، اكدت خلاله انه على الرغم من الغاء الرئيس محمد مرسي الأحد معظم ما جاء فى الاعلان الدستورى "الاستثنائي" الصادر فى 22 نوفمبر - والذى منح فيه نفسه سلطة شبه مطلقة - إلا ان المعارضة المصرية واصلت تحديها، ودعت الى جولة جديدة من الاحتجاجات بعد ساعات من تنازل الرئيس. وأضاف التقرير أن اصرار الرئيس مرسى وعزمه المضي قدما في استفتاء 15 ديسمبر على مشروع الدستور المثير للجدل دفع زعماء المعارضة لاعلان ان التظاهرات ستستمر. ويقول تقرير الصحيفة الامريكية إن زعماء المعارضة برروا تراجع الرئيس جاء نتيجة الغضب الذي دفع عشرات الآلاف من المحتجين إلى الشوارع على مدى الأسبوعين الماضيين، وبعض هؤلاء الزعماء ينظرون للتعديل الذى اجراه مرسي للمرسوم باعتباره علامة على الضعف التي يمكن استغلالها. وتابع التقرير: زعيم المعارضة محمد البرادعي قال فى تغريدة قصيرة على تويتر "لقد كسرنا حاجز الخوف، والدستور الذى يجور على الحقوق والحريات هو الدستور الذى سنسقطه اليوم قبل الغد". وأعضاء جبهة الانقاذ الوطني، وهو تحالف معارضة واسعة برئاسة البرادعي ومجموعة من الليبراليين والعلمانيين البارزين ، دعا المصريين إلى مواصلة مظاهراتهم والاعتصامات في مختلف الميادين في البلاد.. وأعلنت الجماعات الناشطة ثلاث خطط على الأقل لتنظيم مسيرات نحو القصر الرئاسي، حيث يسود التوتر بين المؤيدين والمعارضين للرئيس واندلعت هناك اشتباكات عنيفة الاسبوع الماضي . و يشير تقرير الواشنطن بوست إلى أن المرسوم الجديد يلبي مطلبا رئيسيا لقادة المعارضة، يتمثل فى حيث تقليص بعض من سلطة مرسي، الا ان العديد من المعارضين يروا ان الاعلان الدستورى الملغى حقق غرضه بالفعل لمرسي، وقالوا انه استخدم لحماية هيمنة الاسلاميين على كتابة الدستور و حال دون حل الجمعية التاسيسية من قبل المحكمة العليا في مصر، ومكنه من تمرير مشروع الدستور الذى تراه المعارضة انه يحول دون تكريس حقوق المرأة والأقليات، أو الحد من صلاحيات الرئيس. مرسي دعى جماعات المعارضة لحوار وطني يوم السبت، ولكن الجميع ماعدا قلة من الشخصيات قاطعت هذا الحدث، وقال الممتنعون عن الحضور انه إذا كان سيمضى قدما فى الاستفتاء ، اذا لم يكن هناك شيء يمكن الحديث عنه. و حتى الان يبقى من غير الواضح ما إذا كانت التسوية الجديدة ستكون كافية لتهدئة الأزمة السياسية التي قسمت الحلفاء الثوريين الذين اطاحوا بالرئيس القوي حسني مبارك قبل نحو عامين. في الأيام الأخيرة، تدهورت الأزمة ووصل الانقسام الى حد مشاهد العنف ، بين أنصار مرسي الاسلاميين والعلمانين والليبرالين و غير الاسلاميين المعارضين له ، و تبادل الجانبان العنف الدموي بالعصي والحجارة والهراوات. واعتبر التقرير أن مزيد من التفاصيل حول المرسوم الدستوري الجديد غير واضحة حتى الان، ولكن و بينما دارا الحوار الوطني امس السبت، بدا ان مرسي يستعد لمنح الجيش صلاحيات واسعة لاعتقال المدنيين والحفاظ على النظام العام حتى يتم الموافقة على الدستور الجديد وإجراء الانتخابات البرلمانية، وفقا لتقرير نشرتها امس صحيفة الاهرام الحكومية . و تبع هذا اصدار القوات المسلحة في البلاد بيان به دعم واضح لدعوة مرسي لإجراء حوار لإنهاء الأزمة، و فيه يقول الجيش إن أي شيء آخر من شأنه أن يؤدي بالأمة الى "نفق مظلم من شأنه أن يؤدي إلى كارثة." وجاء في البيان الصادر عن وزارة الدفاع، التي يرأسها رئيس عينه مرسي ان "هذه الانقسامات تتحدي أسس الدولة المصرية، وتهدد أمنها القومي". و تقول الاشنطن بوست ان جيش مصر - الذى تزوده الولاياتالمتحدة بالعتاد العسكري- ربما يكون أكثر المؤسسات قوة في البلاد ، حدد نفسه بأنه مهتم بالاستقرار الوطني. وقال مسؤولون عسكريون ان القوات المسلحة لا تأخذ جانب احد في الأزمة السياسية التي قسمت مصر سواء كانوا الإسلاميين الذين يدعمون مرسي اوالائتلاف المكون من الليبراليين والمسيحيين والعلمانيين وغيرهم ممن يعارضونه ، وهي مجموعة تضم بعض الشخصيات من حكومة مبارك. ولكن العديد من المحللين يرون ان بيان يوم السبت الصادر عن الجيش يضع القوات المسلحة المصرية القوية الى جانب مرسي ومؤيديه من الإخوان المسلمين.. و يرون ان تحالف هذه القوى يعطى دفعة لمرسي للاستمرار فى استفتاء 15 ديسمبر على دستور يكرس سلطة الجيش إلى درجة لم يسبق لها مثيل. . وهو الدستور الذى هرعت الجمعية المنتخبة و التى يهيمن عليها الاسلاميين للتصويت عليه على الرغم من اعتراضات أعضائها من الليبراليين و العلمانيين و المسيحيين الذين انسحبوا من الجمعية التأسيسية للدستور . وتقول هبة مرايف، مدير مكتب هيومن رايتس ووتش فى مصر."الجيش يحصل على ما يريد من هذا الدستور"، "الشيء الوحيد الذي يهتم به الجيش هو ضمان امتيازاته". بيان يوم السبت يثير أيضا التذكير بامكانية إعادة تكرار لفترة ما بعد الاطاحة بمبارك، عندما حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة وانتشرت قوات الجيش فى الشوارع.. حيث انُتقدت على نطاق واسع الشرطة العسكرية وقيادتها من الجنرالات لما قاموا به من اعتقال وضرب وتعذيب مئات من المتظاهرين المدنيين. وختتمت الواشنطن بوست تقريرها بالتاكيد على انه بعد إلغاء مرسى مرسوم الاعلان الدستورى ، قد تضطره الظروف لاصدار اعلان جديد قد يمنح فيه تلك الصلاحيات للجيش مرة أخرى. و هو ما اكدته هبه مرايف بقولها " ان هذا يعني ان مرسي واثق من أنه يمكن نشر الجيش حسب الحاجة، وهذا دليل آخر على أن مرسي والجيش يعملون معا ، على الرغم من أنه قد تكون هناك حدود لما يمكن ان يكون الجيش على استعداد للقيام به."