كشفت دراسة ميدانية تقصير وسائل الاعلام بأنواعها في دعم المرأة في الوطن العربي في مجال ريادة الاعمال والعمل الحر. قام بعرض الدراسة الباحث الإعلامي حسين الناظر في ورقة عمل ضمن الجلسات الحوارية للملتقى العربي الأول لرائدات الأعمال الذي نظمته لجنة شابات الأعمال بغرفة تجارة وصناعة ظفار بمدينة صلالة بسلطنة عمان. و أوضحت الدراسة التقصير الشديد وضعف آداء وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية في دعم رائدات الأعمال ، ونشر ثقافة ريادة الأعمال والعمل الحر والتعريف بالفرص المتاحة للاستثمار أمام الشباب والشابات ، ونشر قصص النجاح المميزة لرائدات الأعمال ، ومناقشة المشكلات والتحديات التي تواجه مبادرات المرأة لتأسيس مشاريع جديدة. وتناولت الدراسة التي شاركت فيها 200 رائدة أعمال في الوطن العربي وعدد من الخبراء المعنيين بهذا المجال دور الصحافة والمجلات المتخصصة وأيضا دور المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية والدراما والسينما في تعزيز ريادة الأعمال النسائية ودعم رائدات الأعمال حيث أبدى 64,8 % عدم رضاهم عن آداء القنوات التليفزيونية المختلفة تجاه تعزيز ريادة الأعمال النسائية ، وقد أشار 79,4 % إلى أن المساحات المخصصة لريادة الأعمال ورائدات الأعمال في القنوات التليفزيونية العربية غير كافية . وفيما يتعلق بدور الإذاعات المسموعة أبدى 76,3% عدم رضاهم عن دور الإذاعات المسموعة في تعزيز ريادة الأعمال النسائية ودعم رائدات الأعمال ، وأشار 80,9 % إلى أن المساحات المخصصة لريادة الأعمال غير كافية . وقد أبدى 58,8% عدم رضاهم عن دور الصحافة العربية في تعزيز ريادة الأعمال النسائية ، وأشار 67% إلى عدم كفاية المساحة المخصصة لريادة الأعمال في الصحافة العربية . و تعبر الدراسة عن واقع نلمسه جميعا ، فالصحف يقتصر دورها على متابعة الأخبار ، فقد نجد خبرا عن حدثا رياديا نسائيا، نسمع بمسابقة ونقرأ أسماء فائزات ولكن تنتهي علاقة الصحف به بمجرد انتهاء الحدث ، فنادرا ما نرى حوارات لمن يقفن وراء الأحداث ، من رائدات الأعمال المميزات، غير أن هناك العديد من الصحف التي تهتم وتنشر لكن ليس بشكل دوري وثابت . المواقع الاليكترونية نالت المواقع الإعلامية الإليكترونية استحسان عدد كبير من جمهور البحث حيث أبدى 48,5% رضاهم عن الدور الذي تقوم به المواقع الاليكترونية في تعزيز ريادة الأعمال النسائية ودعم رائدات الأعمال . السوشيال ميديا : و جاءت صفحات التواصل الاجتماعي أو السوشيال ميديا في المركز الأول و خاصة "الفيس بوك" من حيث المتابعة كمصدر من مصادر الأخبار اعتبر50 % أن السوشيال ميديا هي مصدرهم الرئيس لمتابعة أخبار وأنشطة ريادة الأعمال، بينما جاءت المواقع الاليكترونية في المرتبة الثانية بنسبة 27 % ،تليها القنوات التليفزيونية ثم الصحف و المجلات المتخصصة . ومن بين وسائل التواصل الاجتماعي حصد " الفيس بوك " المركز الأول كمصدر من مصادر المعرفة عن ريادة الأعمال بنسبة 53,2% بينما حل تويتر ثانيا بنسبة 19,9% وحل سناب شات ثالثا بنسبة 4.5 % . وأرجعت الدراسة أسباب تفضيل متابعة صفحات المواقع الإخبارية على فيس بوك وتويتر، لكونها سريعة وتقوم بتحديث أخبارها بشكل مستمر، وتنشر أخبارًا متنوعة محلية وعالمية ، وتتناول قضايا هامة فى المجتمع بحرية ،وصورًا للأحداث، وتقدم مقاطع فيديو وتغطية حية للأحداث ، فضلا عن أن تلك الأخبار "صادقة"، وتضع روابط لمعرفة تفاصيل الخبر، وتقدم خدمات إلى جانب الأخبار ، مثل تسهيل التواصل مع مصادر الخبر وأصحابه. يعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعى كمصدر للاخبار ، وتتناول قضايا هامة فى المجتمع بحرية وتقدم تغطية حية. أظهرت الدراسة عدم رضاء الجمهور عن صورة رائدة الأعمال كما تظهر في وسائل الإعلام ، فقد أشار 75,5 % من أفراد العينة إلى سلبية هذه الصورة بينما أشار24,5 % إلى إيجابيتها . وبالنسبة لمدى نجاح الدراما التليفزيونية في تجسيد شخصية رائدة الأعمال فقد أبدى 84 % عدم رضاهم عن هذه الصورة وأنها لم ترقى لمرتبة الإجادة بما يتوافق مع مكانة رائدات الأعمال العربيات . وهذا ما يعكسه الواقع فمعظم البرامج التليفزيونية بالتليفزيون المصري تقدم صورة ذهنية غير متوازنة عن المرأة المصرية ، وتظهر السيدات أساسا على أنهن ربات بيوت وأمهات. وإذا أظهرت الدراما صورة المرأة العاملة فهي إما سكرتيرة منحرفة أو خادمة أو ممرضة لعوب أو تاجرة شنطة أو تاجرة مخدرات أو راقصة تستغل جسدها لجمع الأموال ، وتجاهلت الدراما النماذج الإيجابية للمرأة ، والتي تتواجد بكثرة في مجتمعنا مثل رائدات وسيدات الأعمال، اللواتي نجحن في إثبات أنفسهن بقوة والوصول إلى نجاحات كبيرة بفضل ذكائهن وطموحهن و ما تتحلى به المرأة من صبر وقدرة على التحمل والإصرار والعزيمة . تؤكد الدراسات الإعلامية العربية " أن تناول وسائل الإعلام العربية بصنوفها المختلفة المقرؤءة والمسموعة والمرئية لقضايا المرأة بصفة عامة لا يزال يعاني من تحديات كثيرة ، وأن هذا التناول لايرتقي إلى ما يعيشه العالم من تغيرات وما تشهده الساحة من إنجازات ملموسة للمرأة العربية خلال الفترة الماضية في مجالات السياسة والاقتصاد والتعليم والعمل والمشاركة الاجتماعية والثقافية والإبداعية وأيضا الاقتصادية . وقد أبرزت نتائج البحث أن 85 % من الجمهور يرى أن السينما العربية لم تنجح إلى حد كبير في تجسيد شخصية رائدة الأعمال أو سيدة الأعمال فقد رأوا أن هذا الدور مقبول إلى حد ما ، بينما أشار 13,7 % إلى أن هذا التجسيد جيد . تعد قصص النجاح من أهم الأشكال المحببة للجمهور ، وهي الأكثر متابعة ، والأكثر تأثيرا في تغيير الاتجاهات نحو ريادة الأعمال ، فالجميع يستهويه حياة المشاهير من حققوا نجاحات كبيرة ووصلوا لنهاية السلم ، كيف وصلوا ؟ وكيف كانت بداياتهم ؟ وما هي التحديات التي واجهتهم ؟ وكيف تغلبوا عليها ؟ وما إلى ذلك . ومجتمعاتنا العُربية تزخر بالعديد من قصص النجاح الواعدة، لرواد أعمال تحدوا الصعاب وتغلبوا على أنفسهم وحواجز الخوف من المخاطرة و ضحوا بفرص في وظائف مرموقة ، و حققوا نجاحات كبيرة شهد بها الجميع ، بل منهم من وصل بمشروعه لآفاق بعيدة، وهؤلاء بمشروعاتهم الناجحة جنوا الكثير من الأرباح التي عادت بالخير على أوطانهم قبل أنفسهم ، وانتشلوا الألاف من براثن البطالة والفقر بتوفير فرص العمل اللائقة لهم ، وهؤلاء يجب إلقاء الضوء عليهم ومشروعاتهم ، كي يكونوا قدوة ومثل يحتذي للملايين من الشباب في وطننا العربي الشاب . وقد أشارت الدراسة إلى أن النسبة الأكبر من أفراد العينة يفضلون متابعة قصص نجاح رائدات الأعمال عبر وسائل الإعلام المختلفة بنسبة 45%، بينما يفضل 27% متابعة أخبار المؤتمرات الخاصة بريادة الأعمال، و 15% يولي اهتماما بمتابعة المقالات والموضوعات المتخصصة في ريادة الأعمال ، وفضل 8% متابعة أخبار ريادة الأعمال، و 5% متابعة أخبار المسابقات والجوائز. و عن نوعية قصص النجاح لرائدات الأعمال التي يحب الجمهور متابعتها في وسائل الإعلام فضلت نسبة 36,2 % من العينة متابعة قصص النجاح العالمية التي تنشر بوسائل الإعلام ، بينما اختار 32,2 % متابعة قصص النجاح العربية ، وفضل 16,6% متابعة قصص النجاح المحلية ، وفضل 15,1% متابعة قصص النجاح الإقليمية. وقد أبدى 26,9 % من أفراد العينة عدم رضاهم عن قصص نجاح رائدات وسيدات الأعمال التي تعرض في وسائل الإعلام في حين أبدى 17,8 % عدم الرضا عن هذه القصص ، بينما أجاب 55,3 % منهم بأن قصص النجاح أخبار ريادة الأعمال. وأشارت الدراسة إلى أن النسبة الأكبر يفضلون متابعة الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعى، واحتلت متابعة أخبار وأنشطة ريادة الأعمال العالمية المرتبة الأولى في نسبة المتابعة 36,2% ثم تلتها العربية بنسبة 32,2% ثم المحلية بنسبة 15,1% ، ثم الإقليمية 16,6% .لمعروضة مرضية إلى حد ما. وقد اوصت الدراسة بضرورة قيام وسائل الإعلام بنشر ثقافة العمل الحر وفكر ريادة الأعمال. وذلك عن طريق دعوة الصحف العربية لعمل صفحات خاصة بريادة الأعمال ، والقنوات الإذاعية و التليفزيونية لعمل برامج خاصة بها ، وزيادة المساحة المخصصة للحديث عن رائدات الأعمال في القنوات التليفزيونية والإذاعات والصحف والمجلات بأنواعها المطبوعة أو الاليكترونية. كما طالب بترسيخ صورة ذهنية إيجابية لرائدة الأعمال العربية ، والبعد عن الصور السلبية ، والحرص على إبراز قصص النجاح. وشدد الناظر في الدراسة على ضرورة إنشاء قاعدة بيانات ومعلومات عن نشاط رائدات الأعمال، يستعين بها الإعلاميون في إعداد المواد الإعلامية الخاصة بريادة الأعمال النسائية و عمل دورات تدريبية وتثقيفية للعاملين بالحقل الإعلامي لتعريفهم بريادة الأعمال ، وبدور رائدات الأعمال في التنمية، وأهم التحديات التي تواجه المرأة في عالم الأعمال.