إعداد: عبد الرحمن عثمان و حسني ثابت أخيرًا هبت نسائم السلام على الفلبين بعد أن وقعت حكومة الفلبين وجبهة تحرير مورو الإسلامية اتفاقًا إطاريًا، يفترض أن يرسي خلال أربع سنوات سلامًا دائمًا وحُكمًا ذاتيًا للأقلية المسلمة في جزيرة منداناو جنوبي البلاد, ومن شأنه أن يضع حدًا لصراع مسلح استمر أربعة عقود، وأن يُمثل نجاحًا تاريخيًا للرئيس بنينو أكينو، قد يُمهد الطريق لمزيد من الاستثمار في الجنوب الفقير الغني بالموارد. كان قد أعلن القصر الرئاسي الفلبيني في 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري أن الاتفاق بين الحكومة الفلبينية وجبهة تحرير "مورو" الإسلامية سيُوقع في ال 15 من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وقالت سكرتيرة القصر الرئاسي الفلبيني لعملية السلام "تيريستا ديليزي" في تصريح صحفي إن الاتفاق سيوقع في العاصمة مانيلا من قبل رئيس لجنة السلام بالحكومة "مارفيك ليونين" ورئيس لجنة جبهة مورو "مهاجر اقبال". وجرى توقيع الاتفاق في حفل كبير أقيم في القصر الرئاسي في مانيلا, وحضره الرئيس الفلبيني بنينو أكينو, ورئيس جبهة مورو الحاج مراد إبراهيم, ورئيس وزراء ماليزيا نجيب عبد الرزاق الذي قادت بلاده جهود الوساطة لإنهاء القتال في منداناو, الذي أوقع نحو مائة ألف قتيل منذ عام 1969، وحضر الحفل أيضًا أمين عام منظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو ومسئولون من دول جنوب شرق آسيا. وكان الرئيس الفلبيني "بنينو أكينو" أعلن مؤخرًا عن توصل الحكومة الفلبينية وجبهة تحرير "مورو" إلى هذا الاتفاق والذي سيأتي بكيان سياسي جديد يُسمى "بانجسمورو" ليحل محل منطقة "منداناو" المسلمة التي تتمتع بالحُكم الذاتي، مؤكدًا على أن هذا الاتفاق يُمهد الطريق لسلام نهائي ودائم في "منداناو"، خاصة وأنه يشمل كافة المجموعات الانفصالية السابقة في المنطقة بحيث لا تسعى جبهة مورو الإسلامية إلى إقامة دولة منفصلة. وأوضح "أكينو" أن الحكومة الفلبينية ستستمر في مُمارسة سلطاتها في الدفاع والأمن والسياسة الخارجية والسياسة النقدية وصك العُملة والدفاع عن المواطنة والحقوق الوطنية في بانجسمورو، مشيرًا إلى أن الدستور والقانون الفلبيني سيحكمان المرحلة الانتقالية في بانجسمورو تأكيدًا لمفهوم وحدة الأمة الفلبينية بجميع ثقافاتها المختلفة وأطيافها. ووعد أكينو سُكان بانجسمورو الجديدة بالحصول على نصيب عادل ومتساو من الضرائب والعائدات، وأشار إلى أنه بحسب الدستور سوف تصيغ لجنة انتقالية القانون الأساسي لإقامة منطقة بانجسمورو، مُضيفًا .. أن اللجنة ستبحث عملية التشريع الكاملة في البرلمان، ودعم قانون يُجسد قيم وتطلعات أهالي المنطقة، وقال: إن أي قانون ينتج عن هذا الاتفاق سيخضع إلى استفتاء شعبي، ومن ثم إجراء عملية التصويت والانتخابات، بما في ذلك ضم مناطق أخرى بالقرب من منطقة بانجسمورو الجديدة. فقد نجحت الجهود الدبلوماسية المُكثفة في تجاوز عقبة رئيسية تعترض إبرام اتفاق إطار بين الجانبين، والذي من شأنه إضفاء الصبغة الرسمية على الهُدنة في جزيرة مينداناو والتي تقطنها أغلبية مسلمة، وبدء خطوات إقامة منطقة حُكم ذاتي في الدولة التي يُمثل غالبية سُكانها من الكاثوليك قبل نهاية ولاية أكينو في 2016. ومن جانبه وصف مارفيك ليونين - أستاذ القانون وكبير مفاوضي الفريق الحكومي - الاتفاق بأنه خطوة رئيسية على طريق عملية السلام لإنهاء النزاع الدائر منذ 40 عامًا، والذي راح ضحيته 120 ألف شخص. يُذكر أن هذا الاتفاق جاء عقب محادثات طويلة منذ عام 2001 استضافتها ماليزيا، وشكلت لها هيئة مستقلة لمراقبة وقف اطلاق النار في المنطقة، ومُتابعة مساعي مفاوضاتها للسلام التي استؤنفت مرات عديدة خلال السنوات الماضية.