من هو العبقري المخ الذي إختار موعد إجتماع الرئيس مرسي مع الفنانين والمثقفين ليطمئنهم علي مستقبل الفن والثقافة ويؤكد لهم أنه لا يمكن أن ينام الليل إلا إذا إطمأن علي كل أفراد عشيرته وأهله من المثقفين والفنانين. وفي نفس الوقت الذي كان الرئيس يقول ذلك, كان العبقري المخ يرتب هجمته التي قام بها علي أكشاك شارع دانيال في الإسكندرية معلنا انتصاره الحاسم علي هذه الكتب التي تفوح منها رائحة التاريخ القديم لإبن خلدون والجبرتي ومحفوظ والحكيم وغيرهم من فلول الماضي الكئيب التي يصر أصحاب أكشاك دانيال علي بيعها للباحثين وهواة القراءة! أحسست بالمهانة وأنا أشهد صور الكتب القديمة التي لا يعرف قيمتها إلا من عرف معني الثقافة والقراءة وقد تبعثرت تحت أطلال الأكشاك التي دهستها الجرافات.. ودموع الباعة الغلابة الذين إختاروا ألا يعملوا في المخدرات والبرشام وإختاروا مهنة توارثوها وأدمنوها رغم أنها بالعافية تحقق لهم أقل القليل, ولكنه موزع الأرزاق الذي يخصص لكل عمله ورزقه! شارع النبي دانيال بالإسكندرية وقد بحثت عن تسميته ووجدت أن دانيال نبي من أنبياء إسرائيل تم أسره في بيت المقدس ونقلوه إلي العراق ثم عند الغزو الفارسي للعراق نقلوه إلي فارس وكانت عادة الفرس علي طريقة الرومان التسلية بإطلاق أسدين علي من يرغبون التخلص منهم, ولكن الأسدين هكذا قيل راحا يلعبان مع دانيال. والمهم في القصة أن دانيال لم يزر مصر أو كانت له علاقة بها، ولكن أطلق إسمه علي هذا الشارع. وهو يضم أكشاك بيع الكتب القديمة علي طريقة باعة الأزبكية في القاهرة الذين يفرشون بضاعتهم علي سور الحديقة, أما باعة دانيال فقد أقاموا أكشاكا منحها محافظ الإسكندرية الأسبق عبد السلام المحجوب تصاريح رسمية إعترافا بقيمة الثقافة وتجارة الكتب. وقد برر قادة حملة القضاء علي أوكار الثقافة والتاريخ بأنهم مخالفون وباعة جائلون يستحقون ما حدث, مع إني أتمني لو أن ربع الباعة الجائلين كانوا يبيعون الكتب والمعرفة. * نقلا عن صحيفة الاهرام