أصبح' اليورو' بمثابة' الأيقونة الحقيقية لجهود خمسين عاما هي عمر مشوار الوحدة الأوروبية, فهو يمثل حتي الآن أبرز ملامح الاتحاد الأوروبي وأهم نقاط قوته, بل وظاهرة اقتصادية فريدة من نوعها. وقد فرض اليورو نفسه سريعا كواحد من أقوي العملات الرئيسية علي مستوي العالم, وحققت الاقتصاديات الأوروبية أي اقتصاديات منطقة اليورو? خلال العام الماضي نسبة نمو بلغت7,2% بحسب الأرقام الصادرة عن مكتب' يوروستات' للإحصائيات الأوروبية, في حين كان معدل النمو في الدول نفسها في عام2005 قد بلغ1.4% فقط. وساعد علي هذا النمو عدة عوامل أهمها أولا مرحلة التباطؤ التي يمر به الاقتصاد الأمريكي منذ سنوات,وذلك رغم ما يقال عن ارتباط الاقتصاد الأوروبي عادة بنظيره الأمريكي. وثاني هذه العوامل المكاسب الكبيرة التي حققتها الشركات الألمانية في العام الأخير, خاصة وأنه معروف أن ألمانيا تعد بمثابة رأس حربة اقتصاديات منطقة اليورو. وهناك أيضا الانتعاش الملحوظ الذي حققه الاقتصاد الإيطالي ثالث أكبر اقتصاد في المنطقة نفسها بعد سنوات من الركود. وأخيرا لا يمكن إغفال المكاسب الاقتصادية والتجارية التي تحققت لدول منطقة اليورو من وراء مخطط توسيع عضوية الاتحاد الأوروبي في أوروبا الشرقية. ويعد اليورو العملة الثانية في العالم حاليا بعد الدولار, وتتداوله13 دولة من دول الاتحاد الأوروبي ال25 منذ يناير2002, كما أنه العملة الرسمية في ست دول أخري من خارج الاتحاد الأوروبي, وهناك ثلاث دول تتعامل به بصفة غير رسمية. ويتم التحكم في هذه العملة من خلال البنك المركزي الأوروبي في مقره بمدينة فرانكفورت الألمانية. وكان الرقم القياسي الذي حققه اليورو من حيث سعر الصرف قد تم تسجيله في30 ديسمبر2004, وذلك عندما بلغ سعره3668,1 دولار أمريكي. ولكن هذا النمو لا يعني أن الأمور وردية تماما بالنسبة للاقتصاد الأوروبي, فهناك العديد من التحديات والمخاوف التي تواجهها اقتصاديات دول المنطقة, والخبراء يؤكدون أن الدول الأوروبية في حاجة مستمرة إلي إجراء إصلاحات هيكلية لكي تحافظ علي المكاسب التي حققها لها اليورو, وهناك مخاوف من ارتفاع ديون ألمانيا في الفترة المقبلة بنسبة تفوق تلك التي تسمح بها معاهدة' ماستريخت' وهي60%, وهناك أيضا مشكلة ديون كل من إيطاليا والبرتغال واليونان, إضافة إلي فرنسا نفسها. ورغم قوة اليورو وانتعاش النمو الاقتصادي الأوروبي, فإن سوق العمل الأوروبية لن تشعر بتحسن ملحوظ ومؤثر, إذ أن التوقعات الحالية تفيد بأن نسبة البطالة في دول الاتحاد الأوروبي ستنخفض في عام2007 الحالي من معدل8.6% إلي8.2% فقط, وهي نسبة تقل كثيرا عن المستوي المأمول. وبصفة عامة, توجد مؤشرات أخري تقلل من أهمية تأثير ارتفاع النمو الاقتصادي الأوروبي علي وضع الاقتصاد الأوروبي علي الخريطة العالمية, إذ لم يصل النمو الاقتصادي الذي وصل إليه الاتحاد الأوروبي بعد إلي نفس معدلات النمو التي تحققت في مناطق أخري من العالم, وخاصة الولاياتالمتحدة والصين.