أصدرت مكتبة الإسكندرية موسوعة "طريق الحرير" من تأليف أشرف أبو اليزيد و هي موسوعة لمصدر عربي يوثق بها أشهر طرق الرحلات العالمية وذلك في إطار مشاركة مكتبة الإسكندرية مع وزارة الثقافة في احتفالية عام الصين في مصر بمناسبة زيارة رئيس جمهورية الصين إلي مصر . وطريق الحرير هو اسم جامع لخطوط القوافل البرية من وإلى الصين في أقصى الشرق مرورا بالقارة الآسيوية غربا ووصولا إلى قلب أوروبا. وتقع الموسوعة المصورة في 220 صفحة وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام القسم الأول يضم المدن التي وصل إليها طريق الحرير أو عبر بها وقدم فيها الكاتب 374 مدينة بينما عرض القسم الثاني الآداب والفنون التي اشتهرت في أرجائه و الجزء الثالث والأخير للممالك والأعلام التي عرفها طريق الحرير خلال نحو 16 قرنا. يأتي هذا الإصدار في إطار مشروع طريق الحرير الذي تنفذه إدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية وتعد هذه الموسوعة الثانية في السلسلة بعد كتاب "سمرقند" كما سيصدر في هذا المشروع كتاب "السجاد المملوكي" و"مراكز صناعة الحرير في مصر عبر التاريخ". في العصر الأموي لم يعد العرب وسيطا تجاريا لنقل البضائع بين الشرق والغرب, وإنما أصبحوا سادة الموقف كله, بعد امتلاكهم الطرق التجارية البحرية والبرية من الصين إلى الأندلس فبسط المسلمون سيادتهم على الطريق الذي يبدأ من شمال الصين ثم يجتاز هضاب وسط آسيا وسهولها (بلاد ما وراء النهر) ثم يتفرع إلى عدة طرق تنتهي كلها إلى موانئ البحر الأسود والبحر المتوسط ويمر معظمها في الأراضي الإسلامية ثم تنقل التجارة إلى أوروبا الشرقية والجنوبيةأما أوروبا الغربية وشمال إفريقيا والأندلس فكانت معظم تجارتها تأتي من الطريق الأول عبر الموانئ المصرية . وسيطر المسلمون على النشاط التجاري في تلك الرقعة الواسعة من الأرض وأصبحت بلادهم تصدر البضائع والمنتجات إلى بلاد الشرق والغرب فتصدر إلى (الصين) المنسوجات الصوفية والقطنية والكتانية والبسط والمصنوعات المعدنية وخام الحديد وسبائك الذهب والفضة كما كانت تستورد منها الحرير . و ساعد على ازدهار تلك الحركة التجارية العالمية اهتمام الدول الإسلامية المتعاقبة على حكم تلك البلاد بإنشاء الطرق, وتعبيدها وتأمينها فكانت القوافل تسير في طرق آمنة تنتشر على جوانبها الفنادق والاستراحات والأسواق كما كانت التجارة أعظم مصادر الثروة في العهد المملوكي إذ قاموا بتشجيعها وعقدوا المحالفات والاتفاقات التجارية مع سلاجقة آسيا الصغرى وإمبراطور القسطنطينية وملوك إسبانيا وأمراء نابلس وجنوة والبندقية وكاد المماليك أن يحتكروا تجارة الهند وخاصة التوابل بالاتفاق مع أمراء الموانئ الإيطالية . طريق الحريرقد يكون مسلكا فوق الرمال وممرا بين الجبال ودربا يقطع الفيافي وجسرا يعبر الأنهار وحياة كاملة فوق قافلة تمضي شهورا من مكان إلى آخر لكنه قبل ذلك كله صنيعة الإنسان ففي القرن الخامس الميلادي عرفت شعوب الأرض للمرة الأولى في تاريخها مدينة يبلغ عدد سكانها المليون نسمة تلك كانت تشانغآن في زمن لم يكن أحد يدري عن قرية لوتيتا شيئا وهي التي ستصبح لاحقا عاصمة فرنساباريس وفي زمن كان صيادو السمك قد بدأوا يتجمعون فيه عند نهر التايمز وعصر كانت فيه موسكو تحت المعاول تنشأ ولم يكن كريستوفر كولومبس قد تحرك نحو عالمه الجديد بعد. لذلك كان طريق الحرير ابن هذه المدينة وأخواتها من المدن الزاهرة في عصرها والعصور اللاحقة والتي واصلت تألقها حتى ظهر طريق الحرير البحري بعد الاكتشافات البحرية لخطوط الملاحة حول رأس الرجاء الصالح و الذي أضاف الكثير إلى الثقافة فمع التجارة جاءت ثقافات وألسنة ولهجات وفنون وآداب وهاجر أعلام وتنقل رحالة وهنا ظهرت أهمية طريق الحرير كشريان عبر نبضه عن حياة العالم.