أفقيا: (1) نعيش لحظات تحتاج الى الاخلاص والتجرد الكامل من الهوى والمصالح الشخصية، وفي ظل الصخب والاحتراب السياسي الحالي، اصبح ذلك مطلبا عزيز المنال. وحين كتبت في الاسبوع الماضي أدعو الأزهر الشريف الى ان يتدخل لحل أزمة الجمعية التأسيسية للدستور وان يتولى اختيار الاعضاء المائة، لم أكن ادري ان دعوتي ستجد صدى لدى العديد من النقابات والاحزاب السياسية. أول أمس زار الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب، شيخ الأزهر، مجموعة من ممثلي الامة تضم نقباء المحامين والتجاريين والتطبيقيين والسينمائيين، ونواب بمجلس الشعب واعضاء بعدد من الاحزاب السياسية وكلهم طالبوا الأزهر بالمبادرة بإصدار وثيقة لحل مشكلة تأسيسية للدستور. وكان رد الدكتور الطيب ان الازهر يستجيب دوما لنداء الوطن، وقد تأثرت كثيرا بما قاله النائب عماد جاد عضو مجلس الشعب في حضرة الامام الاكبر، فقد شدد: "أنني كمسيحي أشعر بالأمان والطمأنينة حينما يتصدر الأزهر المشهد الوطني لأنه لا يتحيز لفئة ضد فئة ولا لتيار ضد آخر، لأنه يعبر عن ضمير جميع المصريين بمختلف ميولهم". تأثرت لان هذا ما قلته في مقالي الاسبوع الماضي، وقد يرى البعض انني منحاز الى الازهر لسبب او لأخر، لكن الشهادة التي تؤكد ان الازهر يتعامل بعدل وحيادية شديدة وتجرد أشد مع الجميع، جاءت على لسان مسيحي مصري في شكل واضح وقاطع. الحاضرون للقاء الدكتور الطيب اجتمعوا على أن تكون بداية تفعيل وثيقة الأزهر الجديدة على النحو الآتي. أولا: أن يتولى الإمام الأكبر الاتصال بكل التيارات والأحزاب والقوى الوطنية والنقابات، ومطالبتهم بموافاة الأزهر بالاقتراحات والدراسات التي يرونها صالحة للوطن في هذا الشأن. ثانيا: تشكيل لجنة لدراسة هذه الاقتراحات واختيار الجامع المشترك بينها لتكون أساسا للمناقشة. ثالثا: على ضوء تلك الاجتماعات والمناقشات للوصول إلى التوافق العام سيدعى الجميع إلى مؤتمر عام لإعلان هذه الوثيقة بعد توقيعها من المشاركين. هذا هو الحل المقبول والعادل للخروج من الازمة بشكل يحفظ كرامة الجميع، فالازهر هو الجهة الوحيدة اليوم في مصر التي لو قررت شيئا لا يمكن ان يتهمها احد بالهوى او الانحياز لطرف دون آخر، كما انه بالتأكيد ليس هناك اي مصلحة للازهر وراء اي وثيقة يصدرها سوى مصلحة الوطن. ارجعوا للازهر واستمعوا له ولن تخسروا. (2) كيف ننتخب من لم يتكلم وهو في المخابرات صبيا ؟ على أي شيء يمكن ان ندلي بأصواتنا للواء عمر سليمان، والحكمة تقول: تكلم حتى أراك، والرجل صامت، صمت القبور، بل اشد صمتا، والمرات القليلة التي تحدث فيها، شتم الشعب المصري حين قال قبل ايام من سقوط مبارك انه (الشعب المصري): "لا يعي ثقافة الديمقراطية والوقت غير مناسب لها في مصر" فماذا سيفعل "الرجل الغامض بسلامته متخفي بنضارة" اذا تولى رئاسة مصر، وهو غير مؤمن -كما هو واضح- بالديمقراطية، بل على يقين بأن الشعب المصري لا يستحقها والوقت غير مناسب لتطبيقها. ظهر الامر واضحا في تغريدات المصريين على تويتر. قال احدهم: "من ساعة ما الواحد سمع خبر ترشح عمر سليمان بيقوم من النوم مفزوع على 3 اسئلة؟ اسمك؟ سنك؟ كنت فين يوم 25 يناير؟" وذكر آخر:" كنت خايف البرادعي يمسك مصر ويقلع امي الحجاب، او أبواسماعيل يمسك ويلبس امي النقاب، دلوقتي عمر سليمان جاي وامي هاتوحشني قوي." ونصح ثالث:"إذا ذهبت لتنتخب عمر سليمان فلن تغمس إصبعك هذه المرة في الحبر الفوسفوري، ولكن ستغمسه في دماء الشهداء.". وفي تويتة اخير: "بيان رئاسي متخيل لسليمان: حزين على سقوط سيارة أبوإسماعيل وانهيار عقار أبوالفتوح واختناق صباحي. وتسمم العوا". انسحب، يرحمكم الله. رأسيا: (3) أعلم انني اسبح ضد التيار بما سأقول، لكنها شهادة لله ومن يكتمها فإنه آثم قلبه. أثق في ان جماعة الإخوان المسلمين، سليمة القصد، مخلصة الولاء لله سبحانه وتعالى وصالح هذا الوطن، ومن هذا المنطلق أدعوها هي وحزب الحرية والعدالة، ضمن ما يطالبنا به الفقه الاسلامي من مراجعة مآلات (نتائج) الأفعال بأن يعلن المهندس خيرت الشاطر تنازله، هو والدكتور محمد مرسي للدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح، خاصة انه تم نسخ القرار السابق للجماعة (الذي فصل الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح على اساسه) وهو انه ليس للجماعة مرشح للرئاسة، وان تستبق الجماعة اي حكم قضائي باستبعاد المهندس خيرت، ليكون الامر بيدها، لا بيد المحكمة، ولا يقلل ذلك من قيمة الشاطر ومرسي، ولو تم طرح احدهما او كليهما، قبل اعلان الدكتور ابوالفتوح ترشحه، ما اقدم ابوالفتوح على الترشح من اساسه، لانها جماعة تقوم على الايثار، وتؤمن بالقاعدة الفقهية ان طالب الولاية، لايولي. كما ان هذا العدد من المرشحين المنتسبين للتيار الاسلامي سيفتت اصوات الكتلة التصويتية المؤثرة لانصار هذا التيار ويزيد بالتالي من فرصة اي مرشح منتسب الى جماعة"احنا اسفين يا ريس" وبالتالي تسري هنا قاعدة "دفع الضرر، مقدم على جلب المنفعة". أرى ان افضل موقع للمهندس خيرت الشاطر، بعقليته الاقتصادية الجبارة هو منصب رئيس الوزراء في دولة فيها ابوالفتوح رئيسا، والعوا نائبا للرئيس. لنقيم دولة الحرية والعدل والقانون. ولتعلن الجماعة: من أجل مصر دفعنا بالشاطر ومرسي للترشح، ومن اجل مصر نعلن تنازلهما لعبدالمنعم ابوالفتوح. سيكون ذلك ضربة معلم من الاخوان المسلمين يبطلون بها أكاذيب الافاعي وترهات العلمانيين، ويستعيدون بها الشارع المصري الى صفهم. قد أكون حالما، لكن لما لا استمتع بهذا الحلم الجميل. فمصر تستحق منا ان نتجرد من الاهواء والمصالح الدنيوية الضيقة. مرة اخري، لاخير فينا ان لم نقلها ولا خير فيكم ان لم تسمعوها. نقلا عن جريدة الأخبار