تعمل الولاياتالمتحدةوتركيا على بناء "تحالف مصالح" بينهما للتعامل مع النزاع في سوريا والتعاون لاقامة منطقة خالية من تنظيم داعش ، على الرغم من الخلافات بينهما في السياسة الواجب اعتمادها حيال المقاتلين الاكراد. واعلنت تركيا الشهر الماضي بعد انتقادات كثيرة طالتها لتخلفها عن تقديم ما يلزم للمساعدة في التصدي لتنظيم داعش استراتيجية جديدة لاقت استحسان واشنطن وحلف شمال الاطلسي. وفتحت انقرة قاعدة انجرليك الجوية في جنوبتركيا لطائرات الائتلاف الدولي بقيادة امريكية. كما نفذت بدورها غارات جوية ضد التنظيم واعتقلت عناصر يشبه بانتمائهم الى صفوفه في تركيا. وقصفت طائرة امريكية من دون طيار الاربعاء هدفا لتنظيم داعش في سوريا، في اول عملية جوية لطائرة امريكية تقلع من تركيا، وفق ما اوضح مسؤول تركي لوكالة فرانس برس. واعلن وزير الخارجية التركي مولود جاوش اوغلو بدء وصول طائرات امريكية إلى قاعدة إنجرليك مضيفا "سنبدا معا خلال فترة قريبة مكافحة شاملة ضد داعش". لكن محللين يعتبرون ان هذا التحالف محفوف بتناقضات محتملة نابعة بشكل رئيسي من تركيز تركيا على استهداف الاكراد وامتناع واشنطن عن التحالف مع الكتائب الاسلامية على الارض. واستهدفت معظم الغارات التركية في اطار "الحرب على الارهاب" قواعد تابعة لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض منذ عقود طويلة تمردا في جنوب شرق تركيا ولديه قواعد خلفية في شمال العراق. ويقول المحلل في مركز "بروكينجز" للابحاث في الدوحة تشارلز ليستر لوكالة فرانس برس "لا يزال حزب العمال الكردستاني والاكراد القضية الاساسية بالنسبة الى تركيا اكثر من تنظيم داعش". ويشكل تصاعد نفوذ حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا وجناحه المسلح، وحدات حماية الشعب الكردية، مصدر قلق رئيسي لتركيا التي تعتبره فرعا لحزب العمال الكردستاني. واثبتت الوحدات الكردية التي طردت تنظيم داعش من مدينة كوباني (عين العرب) في ينايرالماضى انها القوة الاكثر فاعلية في التصدي لتنظيم داعش في سوريا وباتت حليفا رئيسيا للائتلاف الدولي. وينص ابرز بنود الاتفاق التركي الامريكي الجديد على انشاء منطقة خالية من تنظيم داعش تأمل انقرة ان تكون آمنة كفاية بما يسمح بعودة نحو 1,8 مليون لاجئ سوري تستضيفهم على اراضيها الى بلادهم لتخفيف العبء المتزايد. واعلنت الوكالة الحكومية التركية المكلفة بادارة الكوارث استعدادها لبناء مخيمات جديدة للاجئين في غضون 24 ساعة من انشاء المنطقة الامنة.لكن الاكثر اهمية بالنسبة الى انقرة هو أن هذه المنطقة الخالية ستحول دون تحقيق الطموحات الكردية بالسيطرة على مساحات شاسعة من الاراضي السورية على الحدود التركية، تمتد من شمال العراق حتى البحر الابيض المتوسط. واتهم الرئيس التركي رجب طيب اردوجان اكراد سوريا بالسعي الى "تشكيل ممر من اقصى الشرق الى البحر المتوسط" مضيفا "لن تسمح تركيا بلعبة الارهابي الجيد والارهابي السيء. فالارهابي هو ارهابي"، في اشارة الى عدم التمييز بين الجهاديين والمقاتلين الاكراد. ووفق تقارير صحفية، فإن المنطقة الامنة المقترحة ستمتد لنحو مئة كيلومتر على طول الحدود السورية التركية من مدينة جرابلس على نهر الفرات شرقا الى مدينة اعزاز غربا. وتبدو وحدات حماية الشعب الكردية خارج اللعبة بسبب الاعتراضات التركية ولا ترغب واشنطن بالعمل مع فصائل اسلامية، ما يعني انه على الائتلاف الدولي ان يعتمد على الفصائل السورية العربية المقاتلة في مواجهة الجهاديين. وخضع اقل من ستين مقاتلا معارضا سوريا لبرنامج "تدريب وتجهيز" امريكي تركي مشترك لكن المشروع انتهى بكارثة بعد خطف جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) عددا منهم اثر دخولهم الى سوريا.