كتب المؤرخ المصري أحمد أمين قبل أكثر من 60 عاما في قاموس شعبي يمكن أن يكون قراءة لسيكولوجية المصريين بعد الاحتجاجات الحاشدة التي أنهت حكم الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير الماضي. ومن هذه الصفات حب البشاشة والفكاهة والنكتة حتى انه ينقل عن رائد علم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون 1332/-/1406 قوله أهل مصر كأنهم فرغوا من الحساب أي لا يبالون بالعواقب وهو ما سجله أيضا المؤرخ تقي الدين أحمد بن علي المقريزي 1364/-/1442 الذي ينقل عنه أمين قوله //وعدم الامعان في حساب العواقب يستتبع الفرح والمرحوهو ما يفعله المصريون بامتياز. ويأسف المؤلف لعدم عناية الادباء بتدوين النكات وترفعهم عن ذلك استصغارا لشأنها ويقول ان الادباء والنقاد ليسوا في ذلك منصفين الحق أن تاريخ الفكاهة هو تاريخ الادب وجد معه منذ نشأته وترقى أو انحط أيام رقيه وانحطاطه وكانت عناية الفرنج بالفكاهة ودراستها في أدبهم وتاريخه أكثر من عنايتنا في أدبنا. وعرض لها النقاد عندهم كما عرضوا لكل أنواع الادب وطبقوا على النكت ما قالوه في الفن الجميل مسجلا أن معرفة مستوى الذوق في أي أمة يعرف من دراسة الفنون والازياء والنكات. وفي قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية يقول أمين ومن غريب ما نلاحظه في هذا الباب أن أشد الناس بؤسا وأسوأهم عيشة وأقلهم مالا وأخلاهم يدا أكثر الناس نكتة ونجد ابن النكتة محبوبا مقدرا يفتقد اذا غاب ويبجل اذا حضر كأن الطبيعة التي تداوي نفسها بنفسها رأت البؤس داء فعالجته بالنكتة دواء ولهذا عرف اعجاب المصريين باختراع النكات والتفنن فيها. وفي مقدمة القاموس يقول المؤلف ان مجلة الاذاعة استكتبته في نحو عام 1938 فاختار مقالات في العادات والتقاليد المصرية عنوانها دائرة المعارف المصرية وحين اختير عميدا لكلية الاداب في العام التالي نصحه البعض ألا يستمر بحجة أن هذه المقالات تتنافى مع جلال العمادة. مع أنها كانت في اعتقادي أجل من عميد مسجلا تقصير المؤرخين حين أهملوا الجوانب الشعبية وهم يكتبون التاريخ اعتزازا بأرستقراطيتهم مع أن الادب الشعبي في نواح كثيرة لا يقل شأنا عن اللغة الفصحى وادابها وأن في أمثلة المصريين وزجلهم ما لا يقل بلاغة عن شعر امرئ القيس. فقد تكون صلة الربط بين االقاموس والثورة أنه عقب وصول المتظاهرين الى ميدان التحرير مساء 28 يناير كانون الثاني 2011 جمعة الغضب ارتفعت في الميدان في اليوم التالي لافتات ساخرة كتبت بعضها بخطوط غير جيدة ولكنها تعبر عما يراه كثيرون الروح المصرية ومنها تشبيه مبارك بالعفريت الذي يجب أن يخرج من الحكم لو كان عفريت كان انصرف وتنبيه ممنوع حرق مبارك في مصرأحسن يطلع عفريته ومبارك يريد تغيير الشعب وتوالت اللافتات والشعارات الاحتجاجية دون تفكير في مسار مستقبلي فلم تكن لدى الحشود امال قريبة في خروج سريع لمبارك ونهاية لحكمه. وبعد انتخابات مجلس الشعب التي حقق فيها الاسلاميون تقدما على القوى الاخرى اقترح ساخرون في مواقع التواصل الاجتماعي تغيير أسماء أفلام مصرية منها /امرأة ناقصة عقل ودين بدلا من امرأة متمردةوسلام ياصاحبي ورحمة الله وبركاته بدلا من سلام يا صاحبي وليلة القبض على الاخت فاطمة بدلا من ليلة القبض على فاطمة وتغيير اسم فيلم الباحثات عن الحرية لايناس الدغيدي التي لا تخفي عدم ارتياحها لحكم الاسلاميين الى الباحثات عن الحرية و العدالة في اشارة الى الحزب الذي أسسته جماعة الاخوان. وقد طرحت دار الشروق طبعة جديدة من القاموس وتقع في 353 صفحة كبيرة القطع وصمم غلافها الفنان المصري عمرو الكفراوي. وأمين 1886/-/1953 ولد لاب أزهري ودرس في مدرسة القضاء الشرعي وعمل قاضيا ثم أستاذا للنقد الادبي بكلية الاداب بجامعة القاهرة التي أصبح عميدا لها عام 1939 . وتولى رئاسة تحرير مجلة الثقافة منذ عددها الاول عام 1939 حتى عددها الاخير عام 1953 وكان عضوا في مجامع اللغة العربية في القاهرة وبغداد ودمشق.