أكثر من سبب دعا الكاتب أحمد أمين إلى تأليف كتابه القيم «قاموس العادات والتقاليد العربية» الذى أصدرته دار الشروق مؤخراً، وأوضح المفكر الراحل فى مقدمة الكتاب أنه بدأ الكتابة فى هذا الموضوع فى سلسلة من المقالات نشرتها مجلة الإذاعة عام 1938 ثم توقف حين تم اختياره عميداً لكلية الآداب بناء على نصيحة البعض على اعتبار أن الكتابة فى العادات والتقاليد المصرية تتنافى مع جلال منصب العميد فى حين كان يعتقد هو أنها «أجل من عميد». ثم واصل أمين مشروعه بعد خروجه من المنصب، واستمر فيه مدة أربع سنين جمع فيها كل ما تذكره فى الموضوع. ثم يحكى أحمد أمين: «كنت أجلس مع توفيق الحكيم فقص على أن مستشرقاً فرنسياً أراد أن يترجم كتابه «يوميات نائب فى الأرياف» فوقف عند ترجمة كلمة «كوز ذرة» وتساءل: ما معنى كلمة «كوز» هنا ثم ترجمها بكلمة «كوب من الذرة» وبذلك انحرف عن المعنى الأصلى، فلفت ذلك نظرى إلى أن هؤلاء المستشرقين وأمثالهم فى حاجة إلى شرح التعابير الشعبية، فأخذت أجمع هذه التعابير وأشرحها ولكنى وجدتها كثيرة جداً تحتاج إلى سنين فى جمعها فاكتفيت منها بعرض نماذج وتركت لمن يأتى بعدى حصرها والبحث فى إرجاعها إلى أصلها الذى أخذت منه، ثم رتبتها على حروف المعجم واضطررت من أجل جمعها إلى مطالعة فى كتب كثيرة شعبية، هذا إلى ما وعته الذاكرة» وقال إن ما دعاه إلى تأليفه ما رأى من عادات وتقاليد وتعابير كانت حية فى زمنها ثم أخذت تندثر. ويشير أمين إلى أن المؤرخين قصروا فأهملوا الجوانب الشعبية عند كتابتهم التاريخ اعتزازاً بأرستقراطيتهم مع أن الأدب الشعبى فى نواح كثيرة لا يقل، حسبه، عن اللغة الفصحى وأدبها سواء من حيث فنها أو من حيث دلالتها على الشعوب. وبالقاموس تعريفات دقيقة أوردها أمين بأسلوب ممتع عن عدد متنوع من التعابير المصرية والعادات والتقاليد تتبع فيها الترتيب الأبجدى للحروف.