يعيش اللبنانيون خاصة الأوساط السياسية حالة تباين وإختلافات تجاه تشكيل الحكومة الجديدة المتوقع الإعلان عنها قبيل جلسة مجلس النواب الأربعاء القادم. وبيّن التفاؤل بقرب الكشف عن الحقائب الوزارية وتوزيعها بين الكتل السياسية بعد إحتضان رئيس مجلس النواب نبيه برى الفرقاء السياسيين وتأكيد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بأن الجليد قد انكسر مما فسره البعض بأن ولادة الحكومة الجديدة أصبح مسألة وقت.. إلا أن هذا التفاؤل سرعان ما تلاشى وظهرت موجات الغضب بين الأطراف السياسية على توزيع الحقائب بين الكتل النيابية وبلغت الأزمة ذروتها في الخلافات العائلية الكرامية في طرابلس على الحقائب الوزارية السنية بين فيصل كرامي وأحمد كرامي. وأوضح عضو كتلة "المستقبل" النائب هادي حبيش أن ظروف رئيس حكومة تسيير الأعمال سعد الحريري عندما أراد تأليف حكومة تختلف عن ظروف الرئيس المكلف نجيب ميقاتي اليوم، فالحريري كان مستعجلاً لتأليف حكومته بعد فوزه في الإنتخابات النيابية، وأراد تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع الفرقاء. أما الرئيس ميقاتي فهو غير مستعجل للتشكيل لأن لا مصلحة له بالذهاب إلى حكومة تكون محسوبة على سوريا وإيران، كما أن حكومته ستكون من لون واحد. وأضاف أن ميقاتي لا يمكن أن يذهب إلى تشكيل حكومة إلا إذا كانت شروطه مؤمنة فيها، لأن الظروف باتت تناسبه لفرض الشروط، وهو غير مستعجل أبداً للتأليف. وقال حبيش إن هناك أسباباً عدة باتت واضحة تحول دون تأليف الحكومة منها داخلي ومنها خارجي، معتبراً أنه منذ إسقاط حكومة الوحدة الوطنية، كان هناك رغبة في التشكيل، لكن الظروف عاكست الفريق السياسي الذي إنقلب على الحكومة وعلى فريق قوى 14 آذار. وأعلن عن أن الظروف الخارجية تغيرت منذ 4 أشهر حتى الآن، منها ما يحصل في سوريا، وما حصل في الدول العربية، أما في الداخل فالرئيس المكلف الذي كان مستعداً في السابق لإعطاء فريق "8 آذار" ما يطمح إليه لم يعد مستعداص لذلك، وباتت الشروط مختلفة كلياً الآن.. مؤكداً أن فريق 14 آذار سيمارس حقه الديموقراطي بالمعارضة "ولدينا أمور أساسية نختلف عليها في السياسة، وإذا صدر بيان وزاري داعم لسلاح "حزب الله" سنكون ضده، وإذا أخذت الحكومة العتيدة قرارات في السياسة لا ترضينا فسنكون ضدها أيضا". ولفت إلى أن تشكيل الحكومة أصبح مطلباً عاماً للبنانيين بسبب الفراغ الحكومي والوضع الإقتصادي والأمني الذي يمر به البلد، والوضع السوري الذي ينعكس بشكل مباشر علينا، مشيراً إلى أن سوريا منشغلة بأوضاعها الداخلية، ولا يمكنها الدخول مع المملكة العربية السعودية في نقاش بشأن الحكومة اللبنانية. من جانبه، يرى عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب يوسف خليل أن ما يشاع من أجواء تفاؤلية حول قرب تشكيل الحكومة غير دقيق ولا يعبر عن حقيقة الواقع المعترض لمسار المعنيين بتشكيلها وفي طليعتهم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لافتاً إلى أن العقبات لم تذلل ولم يطرأ بعد أي شيء جديد يؤكد التفاؤل المزعوم ويوحي بدنو موعد ولادة الحكومة. ولفت إلى أن "الوقت لم يحن لتأليف الحكومة العتيدة وذلك لإعتباره أن أسباب العرقلة غير مرتبطة فقط بتقنيات محلية إنما أيضا بالظروف الإقليمية المستجدة بالتطورات السورية، ومشيراً إلى أن إختلاط أسباب العرقلة ما بين داخلية وخارجية، أفقد اللبنانيين قدرتهم على تسريع عملية التأليف وحتم على الدولة اللبنانية إنتظار جلاء صورة التطورات المستجدة على الساحة العربية عموماً والساحة السورية خصوصاً". وأوضح خليل أن الأسباب الخارجية المعترضة لمسار تأليف الحكومة أصعب بكثير من الأسباب الداخلية وأشدها هيمنة على إرادة اللبنانيين في التفاهم حول صيغة حكومية ترضي الجميع، معتبراً أن التدخلات الدولية في سياسات منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في التطورات السورية تحول دون إنجاز تأليف الحكومة في لبنان كون واقع التركيبة اللبنانية قابلاً لإحتضان تداعيات الأحداث والتطورات المحيطة به ومؤثراً بالتالي على مصالح جميع الدول المعنية بالملف اللبناني، ما يجعل دول القرار الغربي والعربي تتريث في إعطاء الضوء الأخضر لتشكيل الحكومة. ويقول قاسم هاشم عضو كتلة "التحرير والتنمية" النيابية إن إرتفاع منسوب التفاؤل بإمكان تشكيل الحكومة في خلال اليومين الماضيين كان نتيجة الإتصالات واللقاءات التي ذللت الكثير من العقبات وإزالت بعض التباينات والتي كانت تنبىء بإمكان الوصول إلى ولادة الحكومة في خلال فترة قصيرة. وأضاف هاشم أن اللبنانيين ملوا الإنتظار وضخ موجات التفاؤل ولا يجوز المماطلة والتأخير أكثر من ذلك وقد حان الوقت لإتخاذ قرار نهائي من قبل القوى السياسية والجهات المعنية بتشكيل الحكومة بإعطاء مهلة زمنية قصيرة لكي تنجز الحكومة وإلا فليتحمل المعنيون المسئولية الوطنية والدستورية لإتخاذ الموقف الذي يخدم المصلحة الوطنية للخروج من هذا المأزق. ودعا الجميع إلى إدراك مسئوليتهم بعيداً عن حسابات المكاسب والحقائب التي تبقى صغيرة أمام مصلحة الوطن وفي ظل تطورات وتحديات تستدعي حكومة قوية قادرة وفاعلة لمواجهة أي طارىء. ويؤكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب الدكتور علي فياض أن الحاجة في لبنان إلى تشكيل حكومة هي ملحة اليوم قبل الغد، فلبنان يقع تحت تأثير بيئة إقليمية غير مستقرة، وليس هناك ما يؤشر لإستقرارها القريب، مبدياً أسفه لأداء وخطاب ومواقف الفريق الآخر التي لا تؤشر إلى إكتراث بأهمية الإستقرار المنشود الذي يحتاجه البلد.