اهتمت الصحافة الأمريكية بعدة موصوعات كان أهمها ما يلى: * باكستان تتحدى السعودية وتقرر البقاء بعيداً عن الصراع اليمني. * هل تقلل الحدود الجديدة من الصراعات فى الشرق الأوسط. صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية: تحت عنوان "باكستان تتحدى السعودية وتقرر البقاء بعيداً عن الصراع اليمني" كتب تيم كريج يقول:
صوت البرلمان الباكستاني أمس الجمعة بالإجماع على اتخاذ موقف محايد بشأن الصراع في اليمن وهو ما يعتبر ضربة موجعة للسعودية التي تسعى لبناء تأييد لهجومها ضد المتمردين الحوثيين. وأضاف الكاتب أن قرار البرلمان الباكستاني جاء بعد خمسة أيام من مناقشة المسألة وأعرب أعضاء البرلمان عن قلقهم البالغ من أن يُجر الجيش الباكستاني البالغ تعداده 550000 جندي لصراع يتعذر الانتصار فيه. ومن جانبه أعلن وزير الدفاع الباكستاني خواجه محمد أصف أن الرياض قدمت طلبا رسميا يفيد بسرعة الدفع بقوات باكستانية برية وسفن وطائرات مقاتلة لمساندة الرياض في معركتها ضد المتمردين اليمنيين المدعومين من إيران إلا أن العديد من القادة بدولة باكستان عارضوا الطلب بحجة أن الوضع في اليمن لا يمثل خطورة مباشرة على الأمن القومي للسعودية، بل وأصدر البرلمان الباكستاني بيانا يحمل في معناه أن المعركة في اليمن قد تدخل المنطقة بأسرها في اضطرابات اذا لم يجلس أطراف الصراع على طاولة المفاوضات بغية التوصل إلى تسوية وإتفاق ملزم. وأشار محسن خان أحد أعضاء البرلمان الباكستاني إلى أنه اذا لم يتوقف القصف قريباً لن يصبح بالإمكان بدء عملية السلام. وأوضح الكاتب أن القرار يمكن أن يُلغى حسب الدستور الباكستاني نظراً لأن القوات المسلحة تقع تحت السلطة الكاملة لنواز شريف رئيس الوزراء إلا أنه قرر أن يترك حسم تلك المسألة للبرلمان. ونوهَ الكاتب إلى أنه منذ أن بدأت الرياض في حملتها باليمن، كانت هناك توقعات أن تدعمها إسلام أباد حليفتها القديمة , فعلى مدى أربعة عقود، كانت باكستان ترسل قوات برية لحماية الحدود السعودية والتعامل مع مشاكلها الداخلية، والآن مع اتخاذها لموقف محايد فأنه من المتوقع أن تختبر باكستان مدى قوة العلاقات الاستراتيجية والثقافية مع أحد أهم حلفاءها. وأفاد الكاتب أن الطائفة السنية تمثل الأغلبية من تعداد سكان البلدين, بجانب أن السعودية لطالما مدت يد العون لباكستان مادياً على مدى أعوام من بين ذلك قرض بقيمة 1.5 مليار دولار العام الماضي . وذكر الكاتب أن رئيس الوزراء الباكستاني تربطه علاقات شخصية قوية بالعائلة المالكة، إذ أنه لجأ إلى السعودية كملاذ عندما أُطيح به في انقلاب عسكري بتسعينيات القرن الماضي. وكشف المحلل الأمني الباكستاني عمر رانا أن القرار سيكون له أثر سلبي على متانة العلاقات مع السعودية إلا أن الرياض ستتفهم أنه قرار البرلمان الذي يمثل مرآة عاكسة لرأي الشعب, وأضاف رانا أن القرار سيجعل السعودية تعيد حساباتها العسكرية باليمن معرباً عن توقعه بأن تكبح الغارات الجوية السعودية جماح المتمردين الحوثيين. ولفت الكاتب أنه على الرغم من ابتعاد باكستان عن الصراع إلا أن أعضاء البرلمان أعربوا عن قلقهم في أن يؤدي الصراع المشتعل في اليمن إلى نشوب حرب بين السعودية وإيران وهو ما قد يتسبب في توتر الأجواء الداخلية بباكستان حيث أن 20 في المائة من السكان يعتنقون المذهب الشيعي. وتطرق الكاتب إلى أن باكستان تحاول أن تحافظ على علاقتها مع إيران نظراً لاعتماد الأولى على مصادر الطاقة بشكل أساسي من طهران. ووصف امتياز غول رئيس معهد الدراسات الأمنية في إسام أباد قرار رئيس الوزراء تفويض القرار للبرلمان للبت فيه بالخطوة الذكية حيث أن البرلمان وفر الغطاء السياسي لرئيس وزراء البلاد حتى لا تتوتر العلاقات بين البلادين, واختتم الكاتب مقاله بتأكيده على أن البرلمان الباكستاني وافق على 12 نقطة تساعد على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بجانب تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لليمن. صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية: تحت عنوان "هل تقلل الحدود الجديدة من الصراعات فى الشرق الأوسط" كتب ياروسلاف تروفيموف يقول:
بعد فترة وجيزة من نهاية الحرب العالمية الأولى أخذ رئيسا وزراء فرنسا وبريطانيا هدنة من العمل الشاق المتعلق بإعادة ترسيم خريطة أوروبا من أجل مناقشة قضية أكثر سهولة تتعلق بحدود الشرق الأوسط الذى تم غزوه حديثا. وقبل ذلك بعامين أى فى عام 1916 كان الحليفان قد وافقا على تقسيم مناطق نفوذهما فى اتفاق سرى يُعرف باسم اتفاق "سايكس- بيكو" من أجل تقسيم المنطقة. وآنذاك كانت الهزيمة قد لحقت الأمبراطورية العثمانية وشعرت المملكة المتحدة التى قامت بالقدر الأعظم من القتال ضد الأتراك بأنها قد على جائزة مجزية. وقال رئيس الوزراء الفرنسى "جورج كليمنصو" لنظيره البريطانى "دافيد لويد جورج" فى السفارة الفرنسية فى لندن :"أبلغنى بما تريده" ورد عليه :"أريد الموصل"، فأجابه "كليمنصو" :"ستحصل عليها. ماذا تريد غير ذلك؟". وفى غضون بضع ثوانى كان الأمر منتهى. وانتهى المطاف بإقليم الموصل التابع للأمبراطورية العثمانية ، والذى كان مقرا للعرب السنة والأكراد والغنى بالبترول، جزءًا من دولة العراق التى تم إقامتها حديثا وليس من دولة سوريا الحديثة. وكان العثمانيون يديرون إمبراطورية يتحدث سكانها لغات عديدة ويعتنقون ديانات عديدة أيضا وكان يحكمها سلطان يحمل لقب خليفة. ومع انضمام العثمانيين للجانب الخاسر فى الحرب الكبرى رأوا إمبراطوريتهم وهى تتعرض للتقسيم على عجالة من الأمر من قبل الساسة الأوروبيين الذين لم يكونوا يعرفون سوى القليل عن شعوب المنطقة وجغرافيتها وعاداتها. وفى أغلب الأحيان فأن الدول التى نشأت عن هذا التقسيم كانت اصطناعية، وأحيانا بحدود مستقيمة من الناحية الظاهرية. وقد استمرت هذه الحدود منذ ذلك الحين إلى حد كبير وذلك على الرغم من المحاولات المتكررة لتوحيد هذه الدول فى إطار القومية العربية. وأفرغ عدم التوازنات المتأصلة فى هذه الدول التى تم إقامتها حديثا لاسيما فى سورياوالعراق أنظمة استبدادية وحشية نجحت على مدى عقود من الزمان فى قمع الأغلبيات التى تشعر بالضجر وإطالة حكم الأقليات. والآن فأن كل هذا قد ينتهى، لاسيما وأن سورياوالعراق ما عادا يمثلان دولا بالمعنى الحرفى لها، إذ تقع مناطق كبيرة من كلا البلدين خارج سيطرة الحكومة المركزية ، فضلا عن أن المعنى الحقيقى للمشاعر الوطنية السورية والعراقية بات أجوف جراء هيمنة الهويات الطائفية والعرقية. ويعد صعود تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام نتاجا مباشرا لهذا الإنهيار. وكان "أبو بكر البغدادى" زعيم التنظيم السنى المتطرف قد أعلن نفسه خليفة وتعهد بمحو عار مؤامرة "سايكس بيكو". وبعد خروج رجاله بأعداد كبيرة من معقلهم فى سوريا فى الصيف الماضى واستيلاءهم على الموصل التى تعد الآن واحدة من كبرى المدن العراقية فإنه تعهد بإزالة الحدود القديمة. وقال "فرانسيس ريتشاردوني"وهو سفير أمريكى سابق لدى كل من تركيا ومصر والذى يعمل حاليا فى "المجلس الأطلنطى" وهو مركز بحوث مقره واشنطن:"إن ما نشهده الآن هو نهاية للنظام ما بعد الإمبراطورية العثمانية، ونهاية للدول الشرعية….ويعد تنظيم الدولة جزءًا من هذا، وهو يملأ فراغا خلفه إنهيار هذا النظام". وفى خضم هذه الاضطرابات التى تعم منطقة الشرق الأوسط حاليا فإن الدول التى أقام حدودها قبل قرن من الزمان الاستعماريون الأوروبيون فى معظمها هى التى تنهار. ونجت الدول الأكثر طبيعية والتى لها تاريخ وعادات مشتركة أكثر قوة حتى الآن من انفجار داخلى مماثل. وفى مصر، التى لها تاريخ يرجع إلى ألفيات من الزمان وشعور قوى بالهوية فإن أحدا لم يشكك فى الطابع المصرى الأصيل للبلاد أثناء الاضطرابات التى تلت الإطاحت بالرئيس حسنى مبارك فى ثورة 2011. ونتيجة لذلك، نجت المؤسسات المصرية من الاضطرابات وظلت دون مساس بها نسبيا ولم تتطور أعمال العنف إلى مستوى حرب أهلية صريحة.