لعل ابرز ماتميزت به الحملة الرئاسية الفرنسية هو دخول تعبير( الجيل الجديد) في مفردات الحملة ولغتها الاعلامية وهو بالفعل تجسيد لتقدم جيل جديد من الشباب رجالا ونساء في مقدمة المسرح السياسي الفرنسي من الرئيس نفسه الي اصغر مسئول في الحكومه القادمة. والبساطه واليسر الذي تمت من خلالهما عملية تقدم الجيل الجديد علي الساحة السياسية الفرنسية كانت هي الاخري احدي ابرز علامات هذه الحملة الانتخابية وهي في نظر المراقبين للمشهد السياسي الفرنسي ثمرة نضج سياسي في دوله عريقة الديمقراطية كفرنسا يتم فيها ضخ دم جديد سياسي دائم وجديد في جسد ديموقراطية عمرها مائتا عام لجعل هذه الديموقراطية في حاله شباب دائم في فرنسا اي ديموقراطية قديمه دون ترهلات, ولعل حيوية الرئيس الجديد نيكولا ساركوزي هي في حد ذاتها إحدي ابرز علامات الشباب في هذه الديموقراطية. الملاحظات الخمس علي الجيل الجديد * أولا: انهم جميعا ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية ولم يعانوويلاتها ولم يؤدوا الخدمة العسكرية في ميادين القتال بل ان بعضهم لم ير سلاحا في حياته قط وبعضهم الآخر لم يؤد الخدمة العسكرية اصلا وهوما يعني ان هذا الجيل له تركيبة نفسية مدنية حضرية خالصة بكل ما يتبع ذلك من اثر علي السلوك الشخصي والمظهر العام وغيرها فالفارق شاسع بين مظهر وسلوك ولغه وفكر رجل كديجول وساركوزي نفسه وقد حاولت سيجولين روايال اللعب بشدة في هذا التناقض الصارخ بين مؤسس الديجوليه وآخر حوارية. * ثانيا: ان معيار خدمة الوطن تقوم علي الرقي الاجتماعي بالحصول علي شهادة علمية ثم الدخول في مجال العمل الحزبي والتدرج في مناهجه واعتبار ان انشاء مدرسة أومستشفي اوشق طريق هي اول عربون يقدمه السياسي للمواطن من اجل خوض معركه انتخابية, كما ان معيارخدمة الوطن لا يقوم علي شرف تحرير الارض كما سبق بل علي الشرف السياسي الذي يعني ان رجل السياسية هوخادم للجماعة وناطق باسم مصالحها بل ان الاصل اللغوي لكلمة وزير في اللغة اللاتينية ينبع من مبدأ الخدمة واداء المصلحة للجماعة وجميع رجال ساركوزي ينتمون الي هذه الثقافة: ثقافة الخدمة العامة * ثالثا: انهم جيل ترعرع في عالم الثورة الاعلامية ووسط زحام الفضائيات الاخبارية وغابات الكاميرات التي تلاحق السياسي في كل مكان فأصبح السياسي نجما من نجوم المجتمع شأنه شأن نجوم السينما والرياضة بل ان نجوم السينما والرياضة يتنافسون للظهور في الحفلات الانتخابية الساخنه لمرشحي الرئاسه, وكان ساركوزي نفسه محاطا دائما بنجوم الفن والرياضة كما انه كان محاطا ايضا بنجوم الفكر والفلسفة في فرنسافجيل ساركوزي لا يخاف من الكاميرا بل يسعي إليها وتسعي اليه وهوبالتالي يعرف بديهيات العمل الاعلامي ومفرداته السياسية * رابعا: المفردات واللغه السياسية لهذا الجيل مرتبطه ارتباطا وثيقا بجيل هذا العصر وهي لغه تجمع بشكل عجيب بين الفرنسية الرفيعة ولغة ابناء الضواحي من المنحدرين من العرب والسلمين والافارقة وقد اثار وجود المغني العربي الشهير فاضل مع ساركوزي في اخر حفل انتخابي له في باريس علي قدم المساواة مع هنري سلفادور وجوني هاليداي وانريكوماسياس انتباه المراقبين ولعل الجدل الشديد حول الضواحي ومشاكلها والمهاجرين في قلبها كان احد ابرز علامات الاستخدام اللغوي والتعبيري لرجال السياسة خلال الحملة الرئاسية بل ان تعبير( حثالة) الذي استخدمه ساركوزي في الحديث عن ابناء الضواحي وكان سببا مباشرا في اندلاع اعمال العنف في نوفمبر الماضي والتي هزت فرنسا هزا اثبت ان المفردات السياسية الجديدة اصبحت احد ابرز الملامح السياسية لجيل ساركوزي * خامسا: بروز العنصر العربي في جيل ساركوزي وهذه احد متناقضات الحملة الرئاسية حيث ابرز الاعلام العلاقة المتوترة بين ساركوزي وابناء الضواحي ومع هذا فان الرجل احاط نفسه بمجموعة من الخبراء ذي الاصول العربية كانت اشهرهم اعلاميا السيدة رشيدة داتي التي كانت متحدثة رسمية باسم حملته الانتخابية ومنهم ايضا رشيد قاسي مستشاره التنفيذي ودحمان دحمان مستشاره للشؤن الاسلاميه وغيرهم. وتقودنا هذه العناصر الخمسة للحديث عن هذه الطبقة السياسية الجديدة التي ستقود العمل السياسي والدبلوماسي في فرنسا. رجال الرئيس ومستشاروه : * اولا: اصدقاء اللحظه الاولي وهم الذين ايدوه منذ ظهوره علي مسرح الحياه السياسية وبالتحديد عندما اصبح وزيرا في عام1992 وهم بالتحديد اثنان بريس هورتفوالذي قد يتولي حقيبه الداخليه وهوالدرع الحديدي لساركوزي ونذكر انه هوالذي استقبل الرئيس حسني مبارك في زيارته الاخيره إلي باريس قبل نحو ثلاثه اسابيع وهي الزياره التي استقبل فيها الرئيس مبارك نيقولا ساركوزي لمدة ساعة, والثاني هو كريستيان ايستروزي الذي فرضه ساركوزي فرضا علي خصمه السياسي السابق دومينيك دي فيلبان رئيس الوزارء الحالي. * ثانيا: حلفاء الساعات الحرجة وهم الذين كانوا محسوبين علي الرئيس شيراك ثم تحالفوا بسرعة مع ساركوزي وعلي رأس هؤلاء اثنان سيلعبان دورا محوريا في الفتره القادمة وهما: فرنسوا فيون وهووزير التعليم العالي السابق وصاحب اصلاحات في مجال التعليم وقد اشتهر بأنه متأثر بأفكار فيليب سيجان رئيس الجمعية الوطنية الاسبق التي ترتكز علي افكار ليبرالية ولكن بونابرتية خالصة اي تتحكم فيها الدولة. ويبدوحسب الظواهر انه اثر كثيرا في افكار ساركوزي خاصة مركزية الدولة وانه سيكون رئيس الوزراء القادم حسب التوقعات الثاني هوالان جوبيه رئيس الوزراء الاسبق والعقل المفكر للرئيس شيراك وصاحب خزانة اسراره وكان تحالفه مع ساركوزي مفاجأه المفاجآت, ويقال ان شيراك كان راغبا في التقدم للانتخابات وان تحالف جوبيه مع ساركوزي جعله يتراجع بسرعة واسم جوبيه يتردد كثيرا لحقيبة الخارجية( وايضا اسم وزيرة الدفاع الحالية ميشيل اليوماري) لانه كان ايضا وزيرا للخارجية في عهد ادوار بلادور وكان وزيرا ناجحا ويتردد اسمه ايضا لرئاسه الجمعية الوطنية. وهناك وزراء قادمون لا محالة مثل الاردني الاصل باتريك دوترجيان وكزافيه برتران وزير الصحة والمتحدث الرسمي باسم حملته. وهناك عرب قادمون في وزاره ساركوزي الاولي ومنهم الجزائرية المغربية الاصل رشيدة ماتي وهي مرشدة لوزارة شئون المهاجرين وربما الضواحي. وكان اول خطاب لساركوزي بعد اعلانه رئيسا جديدا لفرنسا متوجها نحواوروبا والولايات المتحده ودول المتوسط فإن ذلك يؤكد انه لديه نظرة معينة للعالم وفرض اسم فرنسا علي العام من جديد.