أكد نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومقرر لجنة التعديلات الدستورية المستشار حاتم بجاتو، أن الدستور المصري يحتاج إلى تغيير وليس مجرد تعديل لأنه كان معبرا عن المرحلة التي تم وضعه فيها والمناخ الفكري الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي كان سائدا آنذاك، مشددا على أنه لا يوجد ما يسمى بالدستور الدائم، وأنه عقب ثورة "25 يناير" لم يعد صالحا لتنظيم القوى السياسية وتحقيق آمال وطموحات الشعب المصري. ونوه بجاتو - خلال ندوة حول "التعديلات المقترحة للدستور والتي سيتم التصويت عليها يوم 19 مارس الجاري" والتي نظمتها مكتبة الإسكندرية - إلى أنه تم تعديل الدستور في الوقت الحالى ، وليس تغييره. وقال إنه تم تشكيل اللجنة من خبراء قانونيين كي تكون انعكاسا لطموحات الشعب، مؤكدا أنه لا يمكن استيراد دساتير جاهزة، واصفا الدساتير ب"الأجنة" التي تنمو في أحضان الوطن، موضحا أن السبب الموضوعي لتعديل الدستور هو عدم تبلور واكتمال القوى السياسية المختلفة ، مشيرا إلى أنه لا توجد في جميع التجارب العالمية ثورة أعقبها دستور فورا. وأشار بجاتو إلى أن تغيير الدستور يقتضي تشكيل جمعية تأسيسية تمثل كافة القوى الوطنية ; وهو التمثيل الذي لم يكن كاملا في لجنة التعديلات الدستورية ، وبالتالي لم يكن يمكن إجراء تغيير أو حتى تعديلات في بنية الدستور تحويل نظام الجمهورية من رئاسي أو شبه رئاسي إلى برلماني. وشدد على أن التعديلات التي تم اقتراحها تستهدف تقديم أفضل مناخ ممكن لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بنزاهة ، وفتح المجال للأشخاص المناسبين للترشح للرئاسة ، وتحديد مدد ولاية الرؤساء بحيث يحق لهم الترشح لدورتين متتاليتين فقط كل منها لأربع سنوات ، ووضع الإجراءات الكفيلة بإنهاء حالة الطوارىء ، وضمان إنشاء جمعية تأسيسية تضم مختلف القوى الوطنية لتغيير الدستور عقب إجراء الانتخابات المقبلة بشقيها الرئاسي والبرلماني. وحول تعديل المادة "75" أكد بجاتو أن هذا التعديل يتوافق مع محورية الدور الذي تقوم به مصر في المنطقة والأخطار التي تحدق بها من كافة الجبهات ، خاصة الشرقية ، وبالتالي فإن اللجنة استهدفت تحصين المنصب. ونوه بجاتو إلى أن الدكتور محمد البرادعي يصلح للترشح للانتخابات وفقا للتعديلات المقترحة ، كما أنه يمكن للمرأة الترشح أيضا لذات المنصب ; فهي شاركت في الثورة ، ولا يمكن لأحد إقصاؤها ، مضيفا أن الديانة ليست شرطا فيمن يترشح للرئاسة ، وهو ما يتيح مجال الترشح لأي مصري أو مصرية بغض النظر عن معتقداتهم. وألمح مقرر لجنة التعديلات الدستورية إلى أن المادة "76" ، وفقا للتعديلات المقترحة ، خففت إلى حد كبير من الإجراءات التعجيزية الخاصة بالترشح للرئاسة ،وقال إن المادة "76" المعدلة تتيح لكل حزب من الأحزاب السياسية التي حصل أعضاؤها على مقعد واحد على الأقل بطريق الانتخاب في أي من مجلسي الشعب أو الشورى في آخر انتخابات أن يرشح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية. وأشار إلى أن التعديلات المقترحة تضمن لأول مرة في مصر الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية كاملة بدءا من قيد الناخبين في الكشوف الانتخابية وحتى إعلان النتائج ، وهو ما أدى بأعضاء اللجنة إلى إلغاء شرط إجراء الانتخابات على مدار يوم واحد فقط ، كما تم استبعاد الشخصيات العامة من اللجنة العليا للانتخابات لتكون ذات تشكيل قضائي خالص ، وكذلك امتد الإشراف القضائي ، وفقا للتعديلات ، إلى الاستفتاءات. وقال نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومقرر لجنة التعديلات الدستورية المستشار حاتم بجاتو إن التصويت في كافة الاستفتاءات والانتخابات المقبلة سيكون ببطاقة الرقم القومي ، وأن الكشوف الانتخابية اللازمة لإجراء الانتخابات البرلمانية ستكون بناء على قاعدة بيانات الرقم القومي. وأكد أن اللجنة ألغت المادة "179" الخاصة بمكافحة الإرهاب ; وهي المادة التي عطلت مواد دستورية أخرى تتعلق بالحريات ، كما أضافت فقرة إلى المادة "189" تتيح لرئيس الجمهورية ، وبعد موافقة مجلس الوزراء ، ونصف أعضاء مجلسي الشعب والشورى طلب إصدار دستور جديد . وفيما يتعلق بحالة الطوارىء ، لفت المستشار بجاتو إلى أن التعديلات المقترحة تضمن أن يكون إعلان حالة الطوارىء لمدة محددة لا تتجاوز ستة أشهر ، وذلك عقب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب ، كما أنه لا يجوز مد حالة الطوارىء إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك ، كما شملت التعديلات المقترحة ضرورة تعيين رئيس الجمهورية ، خلال 60 يوما على الأكثر من مباشرته مهام منصبه ، نائبا له أو أكثر ويحدد اختصاصاته. وشدد المستشار بجاتو على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يريد انتهاء الفترة الانتقالية في أسرع وقت مع ضمان اختيار الشعب لمن يحكمه بنزاهة وديمقراطية ، وذلك للالتفات إلى مهامه الأصلية المتعلقة بحماية الأمن القومي لمصر في ظل ما يتهدده من أخطار. وأضاف أن لجنة التعديلات الدستورية قلصت إمكانية العبث بنزاهة وديمقراطية الانتخابات والاستفتاءات ، إلا أن الشعب هو الضمانة الحقيقية ضد تزوير إرادته ومحاولة التعدي عليها. شارك في الندوة عدد كبير من الجمهور ، إلى جانب لفيف من القيادات السياسية الحزبية والمستقلة والحركات الشبابية ، وعدد من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية وسلك القضاء والنيابة العامة.