يبدأ زعماء الدول الثمانى الصناعية الكبرى اجتماعهم السنوى اليوم فى " هيليجندام " بألمانيا لمناقشة عدد من القضايا على رأسها التغير المناخى ومساعدة أفريقيا وذلك فى حضور ممثلى دول أخرى من بينها الدول الخمس ذات الاقتصاديات الصاعدة وهى الصين والهند والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا، وأشارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن القمة ستناقش كذلك عدة موضوعات بينها نقاط خلافية مثل مصير إقليم كوسوفو والدرع الصاروخية الأمريكية وقضايا الشرق الأوسط والملفين النوويين لإيران وكوريا الشمالية، مُشيرة إلى إن القمة ستكون فرصة لتحقيق تقدم حقيقى على صعيد تأسيس الحوار مع القوى الصناعية الصاعدة مثل الصين والهند، فضلاً عن متابعة ما وعدت دول القمة بتقديمه إلى أفريقيا، وكان المفاوضون من الدول الثمانى المُشاركة قد أنهوا أمس اجتماعاتهم فى برلين لصياغة البيان الختامى للقمة . إن قمة مجموعة الدول الثمانى التى تتكون من الولاياتالمتحدةوروسيا وكندا واليابان وإيطاليا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا تأتى وسط إجراءات أمنية مُشددة بعد المصادمات التى شهدتها مدينة " روستوك " الألمانية الأيام الماضية بين الشرطة والمحتجين على هذه القمة، وقد أثارت إجراءات الأمن التى يُشارك فيها نحو 20 ألف شرطى الجدل فى ألمانيا، حيث طلب بعض مسئولى الحزب الاشتراكى الديمقراطى السماح باستخدام الرصاص المطاطى ضد المتظاهرين، وهو ما أسفر عن ردود فعل غاضبة فى أوساط المجتمع المدنى الألمانى . ويخيم على القمة التوتر الأمريكى الروسى بسبب اعتزام واشنطن نشر درع صاروخية فى شرق أوروبا .. الأمر الذى تعارضه موسكو بشدة، ويعتقد مسئولون فى الكريملين أن الاختلافات فى وجهات النظر بين المُشاركين فى القمة لن تنعكس على مداولاتها، ورأى " إيجور شوفالوف " مساعد الرئيس بوتين أن على القادة إصدار قرارات تتسم بالمسئولية . وكانت قد انعقدت أمس قمة أمريكية- ألمانية فى منتجع " هيليجندام " وذلك فى محاولة لإقناع الرئيس الأمريكى بوش بقبول المقتراحات الألمانية بالحد من انبعاثات الغازات السامة إلى النصف بحلول عام 2050، وصرح مسئول ألمانى بأن القمة تطرقت كذلك إلى الخلاف بين روسياوالولاياتالمتحدة حول الدرع الصاروخية الأمريكية، ومن ناحيتها رفضت الصين أن تكون القمة منبراً لممارسة الضغوط على أى دولة، وأكد " تسوى تيان كاى " مساعد وزير الخارجية الصينية أن هناك خللاً كبيراً فى منظومة الاقتصاد العالمى وليس من مهمة الصين أن تتحمل بمفردها مهمة معالجته وتصويبه . ومن جانبه حذر تونى بلير من أن الوقت يمر بسرعة وأنه قد آن الآوان للتحرك بسرعة لاتخاذ إجراء حاسم لمواجهة ظاهرة التغير المناخى، مُعرباً عن أمله فى أن تثمر قمة مجموعة الثمانى عن نتائج إيجابية ومُشيداً فى نفس الوقت بالتزام الولاياتالمتحدة بالتوصل لإتفاق بهذا الصدد والعمل على الحد من الإنبعاثات الغازية الضارة . ويرى المراقبون أنه على الرغم من تدهور شعبية الرئيس الأمريكى بوش فى الداخل والضغوط الكثيفة التى يتعرض لها بسبب الحرب على العراق، إلا أنه توجه إلى قمة الثمانى مُحملاً بأجندة ليس لها أى علاقة بهذه الأزمة المتصاعدة فى واشنطن، فقد حدد بوش أهدافه خلال القمة حيث طالب الكونجرس بمضاعفة الميزانية المخصصة لمكافحة الإيدز خاصة إلى أفريقيا بحيث يتم تخصيص نحو 30 مليار دولار على مدى خمس سنوات لمواجهة هذا المرض الخطير . كما اقترح بوش استراتيجية جديدة للحد من التغيرات المناخية تتركز فى عقد اجتماع بين أكبر الدول المصدرة للتلوث بحلول نهاية العام الحالى لإيجاد السبل المناسبة للحد من الانبعاثات الغازية والاتفاق على خطة طويلة المدى للحد من هذه الظاهرة الخطيرة بحلول نهاية عام 2008، وقد اعتبر البعض هذا الاقتراح بمثابة هزيمة للمستشارة الألمانية ميركل التى تسعى للتوصل إلى اتفاق خلال القمة يقضى بضرورة الحد من هذه الانبعاثات الغازية الخطرة بنحو 50% بحلول عام 2050، والاقتراح الآخر الذى يحمله بوش فى جعبته فيتركز على فرض عقوبات على الحكومة السودانية بسبب ما وصفه بعمليات الإبادة الجماعية التى يتعرض لها إقليم دارفور حالياً . ويؤكد المراقبون أن قمة الثمانى تشكل فرصة جيدة لبوش لكسر الجليد الذى يغلف علاقته بالرئيس الروسى بوتين وتوطيد علاقته مع الرئيس الفرنسى الجديد ساركوزى، كما أن هذه القمة تشهد آخر لقاء يجمع بين بوش وتونى بلير رئيس الوزراء البريطانى الذى سيتنحى عن منصبه خلال الشهر المقبل . أما بالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فستواجه العديد من التحديات لدى استضافتها لهذه القمة الهامة وعلى رأسها الوساطة بين بوش وبوتين فى ظل التوترات الراهنة التى تفصل بينهما معيدة إلى الأذهان ذكرى الحرب البادرة . وقد دافعت ألمانيا عن قمة الدول الصناعية " هيليجندام " رداً على الانتقادات المتواصلة للقمة قبل انعقادها فى الأوساط السياسية والإعلامية الألمانية وصرح متحدث باسم الحكومة الألمانية بأن المستشارة ميركل تعتقد أنه لا يزال بالإمكان تحقيق تقدم على صعيد المفاوضات حول أبرز القضايا التى تتناولها القمة خاصة ملف المناخ والمساعدات التنموية لأفريقيا، مُشيراً إلى أن ميركل ستعقد سلسلة من اللقاءات الثنائية مع زعماء الدول المُشاركة فى القمة من أجل إيجاد توافق فى وجهات النظر حول القضايا لحل الخلاف . ومن ناحيته وجه المستشار الألمانى السابق " هيلموت كول شميث " انتقادات لاذعة لقمة الدول الثمانى أبرزتها مختلف وسائل الإعلام الألمانية وأشار شميث الذى يعد الأب الروحى لأول قمة للدول الصناعية انعقدت عام 1975 أن القمة الحالية لم تعد تواكب التغيرات الدولية خاصة الاقتصادية منها مُشيراً أن الدول المُشاركة فى القمة لم تعد تمثل كلها كبرى القوى الاقتصادية فى العالم ، حيث تغيب عن القمة دول فى وزن الصين والهند والدول المصدرة للبترول، وحذر شميث رؤساء الدول الصناعية من الاستسلام للاعتقاد بأنه يمكن للغرب الاستمرار فى التحكم فى الاقتصاد العالمى مُطالباً بإشراك الدول النامية فى هذه الاجتماعات . 6/6/2007