في ظل التوترات الأمريكية الروسية, بدأ الرئيس الامريكي جورج بوش جولة أوروبية تشكل محطتها الرئيسة قمة الدول الصناعية الكبرى الثماني, يستهلها بزيارة الي الجمهورية التشيكية إحدى الدولتين الاوروبيتين اللتين تفاوضهما واشنطن لنشر درعها المضادة للصواريخ فيهما، بينما يتوجه الى بولندا ثاني هاتين الدولتين بعد انتهاء القمة. ثم ايطاليا والبانيا وبلغاريا. ويحمل بوش لأوروبا أجندة تركز علي قضايا التغيرات المناخية ومكافحة الإيدز ودارفور. ووفقا للجدول المحدد، سوف يحضر بوش القمة، ويجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، على هامش القمة. ويحاول بوش دعم العلاقات مع دول شرق اوربا وتهدئة الخلاف مع روسيا، التي تهدد بالثار من الخطة الامريكية لنشر النظام الدفاعي الصاروخي في اوربا الشرقية. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد هدد بتوجيه صواريخ بلاده إلى أوروبا إذا مدت الولاياتالمتحدة المظلة الصاروخية إلى أوروبا الشرقية فى لهجة أعادت الى الاذهان أجواء الحرب الباردة بين الطرفين . واعتبر بوتين أيضا أن العالم الأحادي الجانب بقيادة الولاياتالمتحدة بعد نهاية الحرب الباردة لم ينجح مطلقا إلا في زعزعة الاستقرار أكثر في العالم.الامرالذى يعكس أن المخاوف الروسية تفوق بكثير التطمينات الأمريكية . ولذا فإن الخلاف الروسى الأمريكى مفتوح على كافة الاحتمالات وقرار بوتين في إبريل الماضى تعليق الالتزام باتفاقية الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا ومضاعفة موازنة الدفاع الروسية من 8,1 مليار دولار عام 2001 إلى 31 مليار دولار لعام 2007 ، ما هو إلا مجرد بداية للأسوأ الذى لم يقع بعد . وتستبعد واشنطن الحديث عن حرب باردة جديدة ولكنها تقول إن اللهجة التي يستخدمها الكرملين تعيد أجواء هذه الفترة . مسؤولو البيت الأبيض اعلنوا أن خطاب بوش لن يكون عن روسيا وإنما عن تجديد التزامه بنشر الحرية والديموقراطية , غير ان البعض رجح أن يتحدث الرئيس عن صعوبات تعزيز الديموقراطية في بلدان مثل روسيا كما سيسلط الضوء على تقوية الكرملين قبضته على السلطة. ويعتزم بوش جمع التاييد بين دول مجموعة الثماني للحرب على الارهاب التي يخوضها, في وقت يواجه الالتزام الأمريكي في العراق اشهرا حاسمة ويخوض الأمريكيون ومنظمة حلف شمال الاطلسي مهمة صعبة في أفغانستان. وسيجري بوش على هامش القمة محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل لقائهما المقرر في يوليوالمقبل في الولاياتالمتحدة, في محاولة لاقناعه بأن الدرع الصاروخية الأمريكية تخدم كذلك المصالح الروسية. وسيلتقي بوش اليوم الثلاثاء في براغ مسؤولين تشيكيين وسيلقي خطابه الوحيد خلال جولته داعيا فيه إلى نشر الحرية والديموقراطية, كما سيلتقي منشقين ومعارضين من دول عدة. ويزور بوش يوم الأحد ألبانيا في وقت يزيد الدعم الأمريكي والغربي لمنح إقليم كوسوفو الصربي الذي تسكنه غالبية البانية استقلالا تحت اشراف دولي, من حدة التوتر مع الروس. كما تتضمن اجندة بوش لقاء مع البابا بنديكت بابا الفاتيكان وسيبحث معه مشكلة الحرب في العراق . وعلي الرغم من تدهور شعبية بوش في الداخل والضغوط الكثيفة التي يتعرض لها بسبب الحرب علي العراق, إلا أنه سيتجه إلي ألمانيا محملا بأجندة ليس لها أي علاقة بهذه الأزمة المتصاعدة في واشنطن. فقد حدد الرئيس الأمريكي أهدافه خلال قمة الثماني الأسبوع الماضي, حيث طالب الكونجرس بمضاعفة الميزانية المخصصة لمكافحة مرض الإيدز خاصة إلي أفريقيا بحيث يتم تخصيص نحو30 مليار دولار علي مدي خمس سنوات لمواجهة هذا المرض الخطير. وهناك اقتراح باستراتيجية جديدة للحد من التغيرات المناخية, تتركز في عقد اجتماع بين أكبر الدول المصدرة للتلوث بحلول نهاية العام الحالي لإيجاد السبل المناسبة للحد من الانبعاثات الغازية والاتفاق علي خطة طويلة المدي للحد من هذه الظاهرة الخطيرة بحلول نهاية عام2008 . وقد اعتبر البعض هذا الاقتراح بمثابة هزيمة لميركل التي تسعي للتوصل إلي اتفاق خلال القمة يقضي بضرورة الحد من هذه الانبعاثات الغازية الخطرة بنحو50% بحلول عام2050. أما آخر اقتراح يحمله بوش في جعبته فيتركز علي فرض عقوبات علي الحكومة السودانية, بسبب ما وصفه بعمليات الإبادة الجماعية التي يتعرض لها إقليم دارفور حاليا. ويؤكد المراقبون أن القمة المرتقبة ستشكل فرصة جيدة لبوش لكسر الجليد الذي يغلف علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين, وتوطيد علاقته مع الرئيس الفرنسي الجديد. كما أن هذه القمة ستشهد آخر لقاء يجمع بين بوش وتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني الذي سيتنحي عن منصبه خلال الشهر المقبل. أما بالنسبة للمستشارة الألمانية انجيلا ميركل, فستواجه العديد من التحديات لدي استضافتها لهذه القمة الهامة وعلي رأسها الوساطة بين بوش وبوتين في ظل التوترات الراهنة التي تفصل بينهما . وقد دافعت المانيا عن قمة الدول الصناعية المقبلة في هيليجيندام ردا علي الانتقادات المتواصلة للقمة قبل انعقادها في الأوساط السياسية والاعلامية الألمانية. وصرح المتحدث باسم الحكومة الألمانية بأن المستشارة أنجيلاميركل تعتقد انه لايزال بالإمكان تحقيق تقدم علي صعيد المفاوضات حول ابرز القضايا التي ستتناولها القمة خاصة ملف المناخ والمساعدات التنموية لافريقيا. ومن المقرر ان تعقد ميركل خلال اليومين القادمين سلسلة من اللقاءات الثنائية مع رؤساء الدول المشاركة في القمة من اجل ايجاد توافق في وجهات النظر حول القضايا لحل الخلاف. من ناحية أخري وجه المستشار الألماني السابق هيلموت شميدث (الأب الروحي لأول قمة للدول الصناعية والتى انعقدت عام1975) وجه انتقادات لاذعة لقمة الدول الثماني, متهما القمة الحالية بانها لم تعد تواكب التغيرات الدولية خاصة الاقتصادية منها, ومشيرا إلي ان الدول المشاركة في قمة الدول الصناعية السبع بالاضافة الي روسيا لم تعد تمثل كلها كبري القوي الاقتصادية في العالم, حيث تغيب عن القمة دول في وزن الصين والهند والدول المصدرة للبترول. وحذر شميدث رؤساء الدول الصناعية من الاستسلام للاعتقاد بأنه يمكن للغرب الاستمرار في التحكم في الاقتصاد العالمي, مطالبا بإشراك الدول النامية في هذه الاجتماعات. ومن ناحيته, حذر بلير من أن الوقت يمر بسرعة وأنه قد آن الأوان للتحرك بسرعة لاتخاذ إجراء حاسم لمواجهة ظاهرة التغير المناخي. وأعرب رئيس الوزراء البريطاني عقب محادثات مع المستشارة الألمانية في برلين, عن أمله في أن تثمر قمة مجموعة الثماني المرتقبة عن نتائج إيجابية. كما أشاد بالتزام الولاياتالمتحدة بالتوصل لاتفاق بهذا الصدد والعمل علي الحد من الانبعاثات الغازية الضارة. 5/6/2007