الاهرام 30/12/2007 منذ اللحظة الأولي لوصولها الي باكستان في اكتوبر الماضي قادمة من المنفي بعد صفقة بوساطة أمريكية عقدتها مع الجنرال مشرف, كانت حياة بينظير بوتو مهددة من جانب القوي الأصولية والعناصر الإسلامية المتشددة التي حاولت اغتيالها لحظة وصولها.. فذهب150 من أنصارها ضحية المحاولة حينذاك! ولم تكن بينظير بوتو في أي وقت من الأوقاف علي يقين من أن الجنرال سوف يفي بوعده الذي قطعه حين التقيا في الأمارات قبل عودتها ويرفع الحظر المفروض علي توليها منصب رئيس الوزراء لمرة ثالثة اذا فازت في الانتخابات التشريعية. بل ظلت تؤكد حتي قبل مصرعها في روالبندي أنه سوف يستخدم كل سلطاته لتزوير الانتخابات. ولذلك اعتقد أنصار بوتو أن اغتيالها كان بتدبير من المخابرات الباكستانية وأن الجنرال مشرف ليس بعيدا عن المؤامرة. إذ لم تقدم حكومته الحماية الأمنية الكافية وتركتها تسقط في أيدي الأصوليين الارهابيين. ولكن الأرجح طبقا لبعض الآراء أن بينظير هي التي وضعت نفسها في صراع علني مع تنظيم القاعدة والعناصر الأصولية حين اتهمت الرئيس مشرف بأنه لم يفعل شيئا للقضاء علي هذه العناصر. ووصفت المدارس الدينية التي تغذي صفوف القاعدة وطالبان بأنها تخرج أطفالا ليكونوا قتلة. ووعدت بأنها اذا فازت في الإنتخابات, فسوف تسمح للقوات الأمريكية بضرب التنظيمات الارهابية التي تؤويها القبائل الباكستانية علي الحدود. ووصفت بوتو هذه القبائل بأنها تعيش في العصور الوسطي ولا تخضع لأي نظام سياسي أو قانوني وأنها عازمة علي تغيير البناء الاجتماعي لهذه القبائل والارتقاء بمستواها. ومن المؤكد أن الهوة بين بينظير والرئيس مشرف والأحزاب المؤيدة له أخذت تزداد اتساعا كلما اقترب موعد الانتخابات. وكانت الاتهامات بأنه تساهل مع قوي التشدد الارهابية كما تساهل مع العالم الباكستاني عبد القدير خان في تسريب وبيع الأسرار النووية لدول أخري وتعهدها بفتح التحقيق في هذه القضية مرة أخري.. من أهم العوامل التي أثارت ضدها قوي سياسية وشعبية كثيرة فأصبحت فكرة تقاسم السلطة بينها وبين الجنرال مشرف مستحيلة التحقيق. وهكذا فليس من المستبعد أن تكون تصريحات بوتو الهجومية التي أثارت حفيظة القوي الأصولية المتشددة هي التي قتلتها.. وهي لا تدري أنها وضعت يدها علي حقل ألغام متفجرة في مجتمع تسيطر عليه قوي تنظر الي علمانية بوتو وانتماءاتها الغربية نظرة عداء وكراهية. علي أن بوتو التي كتبت سيرتها الذاتية في كتاب اسمته ابنه القدر وقادت حزب الشعب بعد اعدام أبيها في السبعينات الي معارك سياسية عاصفة وكانت تتأهب لرياسة الوزراء مرة ثالثة تعد من أشجع وأذكي النساء اللاتي عركن الحياة السياسية في عالم اسلامي متخلف ضل طريقه الي الديمقراطية وامتلكت موهبة القيادة والزعامة في ظروف شبه مستحيلة. ومن هنا سيبقي مصير حزبها الذي تركت فيه فراغا قاحلا معلقا بمصير غير واضح المعالم لبلادها.. التي كلما خطت فيه العملية الديمقراطية خطوة الي الأمام انتكست بفعل التسلط العسكري والارهاب خطوات الي الوراء! المزيد من اقلام واراء