بعد حرب أهلية استمرت 11 عاما غذاها ''الالماس الدموي'' الذي ساهمت تجارته في تمويلها، توجه الناخبون في سيراليون أمس إلى مراكز الاقتراع في أول انتخابات رئاسية وبرلمانية منذ ان غادرت قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة هذا البلد قبل عامين. وخرج الناس يحملون على أكتافهم هموم بلد دمرته الحرب الأهلية، وهم يختبرون عودة الأوضاع إلى طبيعتها في زمن سلام يرقد على حافة الهاوية. وعمت التجمعات الحاشدة العاصمة فريتاون التي زينتها الالوان، حيث ارتدى الحشود قمصان حزب ''مؤتمر الشعب'' الحمراء وقمصان حزب ''شعب سيراليون'' الخضراء وقمصان حزب ''الحركة الشعبية من اجل التغيير الديمقراطي'' البرتقالية. ووسط حالة من الاستياء تجاه حزب ''شعب سيراليون'' الذي يتزعمه الرئيس احمد تيجان كباح والذي أخفق في توفير المياه والكهرباء او الطرق المعبدة في واحدة من افقر دول العالم، تشكلت طوابير طويلة من الناخبين امام 6171 مركزا بدأ فيها التصويت منذ الصباح الباكر. واكد الناخبون تصميمهم على التصويت، وقال سائق سيارة الاجرة سولي كامارا امام مركز للتصويت في حي بروكفيلدز في فريتاون ''سانتظر حتى اذا فتحوا الابواب في منتصف الليل''. ويختار نحو 2,6 مليون ناخب من بين سبعة مرشحين خلفا للرئيس كباح المنتهية ولايته الذي وصل الى السلطة في خضم الحرب الاهلية ولا يمكنه الترشح مجددا بعد ولايتين رئاسيتين. وقال برينس كين مور من سكان فريتاون بعد يوم من مسيرة للمعارضة في العاصمة ''اذا كانت هناك كهرباء فسوف توجد بنية لقد تعبنا من انقطاع التيار، هذا هو الشيء الرئيسي ليأتي المستثمرون الى هذا البلد''. وانتجت الحرب صورا لجنود اطفال مولعين بالمخدرات يبترون اطراف الناس، لكن امام الشبان في سيراليون الان فرصة لتحديد مصير بلادهم عبر صناديق الاقتراع. ويعي سكان فريتاون اهمية هذه الانتخابات، وقال طالب يدعى علي كلاوا ان الحزب الحاكم لم يفعل ما فيه الكفاية لاعادة بناء البلاد بعد الحرب، وأضاف ''بالرغم من انهم حاولوا عودة السلام الا انهم لم يلتزموا ببعض وعودهم مثل بناء جسر لونجي والطرق وعندما تنظر الى مستوى المعيشة داخل المجتمع فانها منخفضة للغاية كما ان الطاقة والكهرباء منخفضة ايضا ولهذا يتعين علينا هذه المرة ان نفتح عيوننا جميعا ونحن نريد التنمية في الدولة''. وذكر مراقبون ان صناديق الاقتراع حملتها شاحنات تابعة للجيش وقوارب وحتى حمالين الى ابعد مناطق السافنا والادغال الداخلية. وسدد مانحون أجانب ثلثي فاتورة الانتخابات التي تبلغ 28 مليون دولار لكن كثيرين ما زالوا يشعرون بالقلق من ان تعيق الامطار الموسمية الانتخابات في المناطق الريفية. ويشعر الشبان بالغضب من معدل البطالة الذي وصل الى 60 في المئة، وقال عاطل يدعى بامبا كامارا ''نريد ان نرى تغييرا في هذا البلد، نريد عملا، بعضنا متعلم لكننا لا نجد وظائف وهذا هو السبب في وجودنا هنا، حزب شعب سيراليون جعلنا نشعر بأن الكيل فاض، لقد سئمنا منهم ونحتاج الان الى حكومة جديدة''. وتوقع مراقبون ان تنحصر المعركة الرئاسية بين ثلاثة مرشحين هم نائب الرئيس المنتهية ولايته مرشح حزب ''شعب سيراليون'' الحاكم سولومون بيريوا والذي يحظى بتأييد كباح، ورئيس مؤتمر الشعب المعارض الرئيسي ارنست كوروما، والوزير السابق تشارلز مارغاي المنشق عن حزب ''شعب سيراليون''. وينتخب سكان سيراليون أيضا 112 من نوابهم ال124 من اصل 566 مرشحا على ان تجري دورة انتخابية ثانية في الثالث من سبتمبر. وتشكل العمليتان الانتخابيتان اختبارا للديمقراطية، وللمرة الاولى منذ انتهاء الحرب، سيكون على سلطات سيراليون ضمان حسن سير الاقتراع بمفردها.
