كانت دبي يوما تضج بصخب الرافعات وعمال البناء لكنها اليوم تمتليء بهمهمة عمال أكثر هدوءا اذ تحولت الامارة الخليجية المعروفة بمشروعاتها العقارية الباذخة ونمط الحياة المبهرج الى مدينة لمدققي الحسابات. ويواجه المحاسبون والمحامون التابعون للامارة مهمة تضاهي في ضخامتها طموحات دبي بينما ينكفئون على دراسة أزمة الديون التي تفجرت عام 2009. واتفقت مجموعة دبي العالمية على سداد ديون قدرها 25 مليار دولار وهي قروض كادت تقوض اقتصاد الامارة. وتتمثل مهمة المدققين في البحث على وجه الدقة بشأن أين ذهبت الاموال؟ ومن تربح ممن؟ وما هي الالغام المالية الاخرى التي قد تكون في الطريق؟ وتأتي التدقيقات القانونية في الشركات شبه الحكومية مثل "دبي القابضة" في اطار تحقيق أوسع نطاقا بشأن الفساد استهدف شخصيات كبيرة تعود الى سنوات الطفرة في دبي. وفي الوقت الذي يعمل فيه المحاسبون للوقوف على حقيقة هذه الفوضى المالية فان دبي تتغير، وقد شجع انقاذ أبوظبي للامارة -الذي تورد رويترز هنا بعض تفاصيله للمرة الاولى- على أن تكون دبي أكثر تحفظا من الناحيتين السياسية والاجتماعية. فقد أسفرت أزمة دبي عن انتقال النفوذ الى حكام أبوظبي الاكثر ثراء بين امارات الدولة السبع. والان بدأت دبي تستعيد بعضا من ثقتها في ظل سعيها لاقناع المستثمرين العالميين بقدرتها الان على الوفاء بما عجزت عنه في العام الماضي. لكن لا تزال هناك تساؤلات. ففي ظل كون الحرس القديم على رأس القيادة في دبي بدلا من الشبان الطامحين الذين يحملهم الكثيرون مسؤولية الازمة.. هل ستستطيع دبي يوما تحقيق النمو الذي كانت تتفاخر به.. أو مع الاخذ في الحسبان أن الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على التجارة والسياحة.. هل يمكن أن تنزلق مجددا الى اسراف الماضي... وقال كريستيان كوخ مدير الدراسات الدولية بمركز الخليج للابحاث "نموذج نمو دبي الذي جرى الحديث عنه والترويج له كثيرا في الاعلام، كل هذا تغير الان.، مؤكدا أن الازمة أجبرت دبي على اتباع منهج أكثر واقعية. بدأ صعود أبوظبي في أعقاب أزمة الائتمان العالمية في عام 2008. وجرى تناقل تقارير داخل الحكومة بشأن مشكلة ديون الشركات الرائدة في دبي منذ 2005 لكن أغلب الناس رأوا على ما يبدو أن من الافضل تجاهلها، وفي 2008 أدى انتهاء الطفرة المدعومة بالنفط التي استمرت ست سنوات الى انفجار الفقاعة العقارية في دبي في حين تركت الازمة المالية العالمية الامارة عاجزة عن اعادة تمويل التزاماتها الوشيكة. ولمساعدة دبي في دعم الشركات التابعة لها اشترى مصرف الامارات المركزي الذي مقره أبوظبي ما قيمته عشرة مليارات دولار من سندات دبي في فبراير /شباط 2009، لكن دبي التي لا تمتلك الكثير من النفط والتي عكفت على سلسلة من مشروعات البناء الضخمة لتعزيز التجارة والسياحة كانت تواجه مشكلات أكبر بكثير. وكان من كبرى مشكلاتها مجموعة دبي العالمية التي واجهت صعوبة في سداد ديونها، وكان مقرضو دبي العالمية يمددون اجال قروض منذ أوائل 2009 وظلت المجموعة شبه الحكومية تأمل في اعادة التفاوض بشأن بنود القروض وتمديد اجالها ومواصلة دفع الفائدة مع القيام باعادة هيكلة. لكن الخطة كانت مرهونة بمعرفة حجم الدعم الحكومي الذي قد تحصل عليه المجموعة، وخلال فترة الصيف وشهر رمضان التزمت اللجنة الحكومية التي شكلت لدعم شركات دبي الصمت بشأن المسألة.