أعلن محللون أن إمارة دبي لا تواجه خطر الإفلاس لكن الثمن المترتب للخروج من أزمتها المالية سيكون التخلي عن جزء من سيادتها الاقتصادية لصالح "الشقيقة الكبرى" أبو ظبي. وأعلنت دبي يوم الأربعاء عجزها في الوقت الراهن عن سداد ديون شركات تابعة لها، ما أثار ذعرا وتدهورا في العديد من الأسواق المالية الدولية وتراجع الكثير من السندات الإسلامية. وأفادت دبي التي تأثرت مباشرة جراء الأزمة المالية بعد سنوات من الازدهار. وفي بيان يوم الأربعاء أعلنت أنها سمحت ل"صندوق دبي للدعم المالي" بإجراء عملية إعادة هيكلة لمجموعة "دبي العالمية" المالكة لكل من "موانئ دبي العالمية" ونخيل العقارية، وهي شركة يعتقد أن ديونها تشكل السواد الأعظم من ديون الشركات التابعة لحكومة دبي. وقال البيان إن "دبي العالمية" ستطلب من جميع دائنيها ودائني شركة نخيل خصوصا "تجميد أو تأجيل تواريخ استحقاق الديون حتى 30 مايو 2010 على الأقل". وقال باسكال دوفو الخبير الاقتصادي في مصرف بي إن بي باريبا أن "دبي كإمارة غير معرضة للإفلاس لأنها تحظى بدعم أبو ظبي". وتابع "لكن هناك منافسة بين مختلف الإمارات، وربما تجد أبو ظبي في ظل هذه الأزمة فرصة لاستعادة السيطرة على الإمارات". وتنافس دبي، وهي المركز الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، العاصمة أبو ظبي التي تنتج أكثر من 90% من نفط الدولة، في حين أن بترول دبي شارف على النضوب. ولكن أبو ظبي سارعت إلى تقديم المساعدة لدبي التي أطلقت مشاريع بناء ضخمة ترتبت عليها ديون طائلة، إذ ترافق إعلان حكومة دبي تأجيل سداد الديون مع إعلانها جمع خمسة مليارات دولار عبر بيع سندات عادية وصكوك إسلامية بالتساوي لمصرفين تابعين لحكومة أبو ظبي هما بنك أبو ظبي الوطني وبنك الهلال الإسلامي. ويشكل هذا الإصدار الشريحة الثانية ضمن برنامج السندات البالغة قيمته 20 مليار دولار والذي أعلنت عنه دبي في فبراير الماضي، علما أن المصرف المركزي الإماراتي سبق أن اكتتب بكامل سندات الإصدار الأول الذي بلغت قيمته عشرة مليارات دولار، ما فسر يومها على أنه دعم من أبو ظبي لدبي. وقال إبراهيم خياط الكاتب والخبير في الشئون الإستراتيجية والمقيم في دبي: "لا يمكن لأبو ظبي أن تسمح بانهيار دبي"، مضيفا أنه وبالرغم من أن "هناك منافسة لكن إذا انهارت دبي ستصاب أبو ظبي". وتساءل ما هو ثمن دفع الديون؟ متوقعا أن "تستعيد دبي ملاءتها لقاء حل سيرغمها على التخلي عن قسم من موجوداتها لصالح أبو ظبي". لكنه أبدى ثقته بأن "دبي ستخرج من الأزمة في غضون سنتين، غير أن أبو ظبي ستشاركها السيطرة على جزء من مواردها". وكان حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد أعلن في خطاب نادر من نوعه في الثامن من نوفمبر أن "قوة دبي تكمن خصوصا في الاتحاد القوي مع إمارة أبو ظبي". وأكد الشيخ محمد، وهو نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس وزرائها، في المناسبة ذاتها أن الإمارة ستتابع مشاريعها التنموية وستفي بالتزاماتها المالية في السنوات المقبلة. وقدر إجمالي ديون دبي في 2008 بحوالي 80 مليار دولارا، 70 مليار دولار منها في ذمة الشركات العامة، من بينها 59 مليار دولار في ذمة مجموعة "دبي العالمية" لوحدها. ومن المفترض أن تسدد دبي في 2010 ديونا بقيمة 13 مليار دولار، وأن تسدد في 2011 ديونا أخرى بقيمة 5،19 مليار دولار. ومن جانبها, اعتبرت الصحافة في الإمارات يوم الجمعة أن الأسواق المالية بالغت في تقدير مصاعب دبي المالية وفي رد فعلها على طلب مجموعة دبي العالمية تأجيل سداد ديونها. وجاء في عناوين صحيفة الرؤية الاقتصادية الصادرة في أبو ظبي "أسواق أوروبا تبالغ في رد فعلها على أنباء سندات دبي". واعتبرت الصحيفة أن هذه الأسواق تصرفت "بطريقة سلبية جدا" تجاه إعلان دبي فيما لم تبد رد الفعل نفسه تجاه تدني أرقام العمالة في أوروبا والولايات المتحدة. وقالت صحيفة "جالف نيوز" الصادرة في دبي أن: "لا داعي للمبالغة أو التقليل من أهمية الوضع الراهن" مشددة على "شفافية" الأرقام التي تصدرها دبي وعلى تعاونها الوثيق مع إمارة أبو ظبي شريكتها النفطية الغنية. وأكدت الصحيفة أن حكومة دبي لديها سياستها "لمواجهة هذا الوضع" بالتعاون مع إمارة أبو ظبي وان اكتتاب مصرفين تابعين لأبو ظبي في الشريحة الثانية من برنامج السندات جزء من هذه السياسة. وأكدت الصحيفة انه "ليس هناك أجندات خفية أو سرية، ولا اتفاقات من تحت الطاولة ولا قرارات غير معلنة"، وأن "موجودات (دبي) لم يجر بيعها لا كليا ولا جزئيا ولم يتم التنازل عن أي مشروع كبير"، واعتبرت الصحيفة انه "من الضروري أن تتوقف هذه الشائعات المغرضة فورا".